زوعا اورغ/ وكالات
يرى مراقبون أن كلا من السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية وهيئة النزاهة في العراق “يتقاذفون” الكرة فيما يتعلق بعملية محاربة الفساد، حيث أشاروا إلى ان المتورطين بقضايا فساد في البلاد، قد ينتهي بهم المطاف الى هاربين في الخارج بجيوب تفيض بالمال أو خارج القضبان بعد ان يعفى عنهم، وذلك رغم وعود السلطات بمحاربتهم.
ونقلت “فرانس برس” عن المحلل السياسي، هشام الهاشمي، قوله في تصريح صحفي، اليوم (29 كانون الأول 2017)، ان مسألة محاربة الفساد في العراق ما زالت “نظرية بحتة” في بلد يحتل المرتبة العاشرة بين الدول الاكثر فسادا في العالم، بالرغم من أن رئيس الوزراء، حيدر العبادي، أكد قبل إعلان “النصر النهائي” على تنظيم داعش في مطلع شهر كانون الأول الجاري، ان المعركة القادمة ستكون ضد الفساد.
لكن الهاشمي، أوضح أن “الوضع لن يتغير ما لم ترفع الحماية عن أغطية الفساد المسيطرة على مفاصل اقتصاد وأمن وعسكر العراق”.
من جانبها ترى النائبة في البرلمان ماجدة التميمي، ان الفساد وصل الى مرحلة “ديناصور بعدما كان نملة” منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003. وتابعت “من المؤكد ان الموضوع صعب وأشرس من الحرب على داعش”.
وأشارت إلى ان “كل الاحزاب لديها فاسدين ولا أتصور يوجد حزب بدون فاسدين، هناك نسب تتراوح حول طبيعة الاستحواذ على السلطة”، مضيفة “اذا كان الفاسدون من داخل حزبك، فالحرب ستكون شعواء وتحتاج الى دعم دولي وداخلي من الاحزاب نفسها لمكافحته”.
فيما قال أحد السياسيين، بطريقة ساخرة، إن “المسؤول الذي يسرق مبلغا أقل من 60 مليون دولار، ينظر إليه بأنه نزيه، عندما يكون الحديث عن فساد على مستوى عال”.
وأفاد عضو لجنة النزاهة النيابية، النائب رحيم الدراجي، ان هناك أكثر من خمسة آلاف عقد وهمي وتسلمت شركات وهمية نسبة تتراوح بين 30 الى 60 بالمئة من الاموال استنادا الى هذه العقود، مؤكدا ان كمية الاموال التي أهدرت في مشاريع بناء وبنى تحتية، على الورق فقط، بلغت 228 مليار دولار، حيث تفوق هذه الاموال بثلاث مرات الموازنة العامة وإجمالي الناتج المحلي للبلاد.
وتقول “فرانس برس”، إن الخبراء يرون ان “هذا الفساد الكبير يساعد على تفسير النقص الهائل في الخدمات وتدهور البنى التحتية وتدهور التنمية الصناعية والزراعية”، حيث لا يزال العراق يستورد الكهرباء والمنتجات النفطية، علما أنه ثاني بلد منتج للنفط في منظمة “أوبك”، كما ان البلاد خالية بشكل شبه كامل من مشاريع الصناعة والزراعة، وباتت تعتمد بغالبية مطلقة على الاستيراد، وهو ما يعتبره مراقبون نتيجة حتمية لاستشراء الفساد.
وتابع النائب الدراجي، بالقول إن “وزارة الدفاع العراقية تعاقدت مثلا على شراء 12 طائرة من شركة تشيكية بقيمة تبلغ 11 مليون دولار، لكن دفعت رشوة قيمتها 144 مليونا، وأردف ساخرا: أي سَرَقنا، من دون إعطاء تفاصيل إضافية”.
واكد مصدر حكومي لـ “فرانس برس” ان السلطات تستعين بمحققين من مؤسسات غربية ومن بعثة الامم المتحدة لتتبع عمليات تهريب وغسيل الاموال، حيث أشار المتحدث باسم السلطة القضائية القاضي عبد الستار بيرقدار، الى ان “هناك فاسدين دينوا بقرارات قضائية وصدرت أحكام عقابية بحقهم وفق القانون، ولكن شملهم قانون العفو العام الذي شرعه مجلس النواب”.
وأفاد بيرقدار، ان “التشريع الذي صدر العام الماضي شمل المتهمين بالفساد، في حال أعادوا المبالغ التي سرقوها او التي تسبب اختلاسها بأضرار”، فيما رأى مصدر قضائي آخر أن “التشريع غير منصف، لأن من سرق مليارين على سبيل المثال قبل عشر سنوات والان اصبح لديه عشرون مليارا، يدفع المليارين ويغادر السجن”.
وكانت هيئة النزاهة دعت في وقت سابق، الى تشديد العقوبة على المتهمين بالفساد، وطالبت بوقف شمول المتهمين بالعفو، واتهم قاض مختص بالنزاهة السلطة التنفيذية بالوقوف وراء الاخفاق في اعتقال المسؤولين عن الفساد بعد اصدار أوامر قضائية ضدهم.