زوعا اورغ/ وكالات
نشرت صحيفة واشنطن بوست، تقريرا عن مساعٍ أميركية، للبدء بأول مشاريع ممولة تمويلاً مباشراً لإعادة الاعمار في المناطق المسيحية والايزيدية التي خربها تنظيم داعش، فيما أشارت الى خشية بعض الايزيديين من انهم قد لا ينصفون على يد ادارة تعتبر المسيحيين من اقوى انصارها واقربهم اليها.
وصرح مسؤول أميركي الخميس 26 تموز 2018، أن الولايات المتحدة سوف تبدأ عما قريب بأول مشاريع ممولة تمويلاً مباشراً لإعادة الاعمار في المناطق المسيحية والايزيدية التي خربها تنظيم داعش.
ونقلت الصحيفة عن مارك غرين، مدير الوكالة الاميركية للتنمية الدولية، قوله: إن “الخطط قد انجزت لعشرة مشاريع متواضعة لإعادة الاعمار في المناطق المسيحية في سهل نينوى والقرى الايزيدية المحيطة بسنجار في شمال العراق”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “هذه المشاريع التي طال تأجيلها سوف تركز على اعمال البنى التحتية الصغيرة لإعادة خدمات المياه والتيار الكهربائي الى البلدات التي تسكنها اقليات دينية استهدفتها داعش، التي خسرت معظم ما كان تحت سيطرتها من اراض في العراق وسوريا”.
وأضاف غرين: “انها مشاريع منفصلة عن بعضها من شأنها ايجاد الاسباب التي تحدد أي الناس يستطيعون العودة الى مناطقهم، إذا ما اختاروا ذلك، او عدم المغادرة إذا ما كانوا فيها”.
وتابعت الصحيفة أن “ادارة ترامب بدأت بتغيير وجهة تمويل المساعدات الانسانية في العراق، المرسلة الى المسيحيين وغيرهم من الاقليات الدينية، بحيث صار هؤلاء يتلقون اكثر من ثلث الاموال المخصصة لمشاريع الاستقرار التي تستهدف اعادة اعمار المناطق المحررة من قبضة داعش”، منبه إلى أن “الاموال في الماضي كانت تذهب الى برنامج الامم المتحدة للتنمية”.
وأضافت أن “تغير الوجهة هذا حث عليه بقوة نائب الرئيس الاميركي بنس الذي تربطه علاقات قوية بجماعات استشارية مسيحية كانت تسوق الحجج التي تثبت أن برنامج الامم المتحدة للتنمية لا يبذل ما يكفي من المساعي لمساعدة الاقليات الدينية التي امست على حافة الزوال في منطقة لها فيها جذور تمتد لألفي عام”.
وأكملت أنه “في شهر تشرين الاول الماضي تعهد بنس من خلال خطاب القاه في مؤتمر القمة الذي عقدته منظمة (دفاعاً عن المسيحيين)، بأن الادارة سوف تحدث تحولاً ستراتيجياً مبتعدة عن تمويل برامج الامم المتحدة (العاطلة)، على حد وصفه، لتبدأ بإرسال المساعدات مباشرة الى الشرائح المضطهدة عبر الوكالة الاميركية للتنمية الدولية وشركائها على اساس العقيدة”، مبينة أنه “منذ ذلك الحين اعادت الولايات المتحدة توزيع مبلغ 118 مليون دولار بصورة اموال للغايات الانسانية وتحقيق الاستقرار”.
وأردفت أن “شعور بنس بعدم الرضا عما اعتبره بطء الخطوات التي تتقدم بها الوكالة الاميركية للتنمية الدولية اوقع هزة قوية في مكتب الوكالة في العراق تلتها رحلة قام بها غرين ومسؤولون كبار آخرون من وزارة الخارجية والبيت الابيض الى العراق”.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في يوم الخميس 26 تموز 2018، أعلن وزير الخارجية، مايك بومبيو، “تخصيص مبلغ اضافي مقداره 17 مليون دولار لتطهير منطقة نينوى من الألغام”، فيما أشار “مشدداً الى ان المبلغ سوف يوجه الى ما وصفها بالمناطق التي تقطنها مجموعات اكبر من الاقليات الدينية التي تعرضت لأعمال الابادة الجماعية على يد داعش”، على حد تعبيره.
وذكرت أن “المساعدات الاميركية للاقليات الدينية في العراق كانت احد المحاور الاساسية لمؤتمر عقد في وزارة الخارجية هذا الاسبوع واستمر ثلاثة ايام من اجل الترويج للحرية الدينية”، لافتة الى ان “المؤتمر المذكور حضره وفود من اكثر من 80 بلداً، ولو ان كثيراً منها كانت برئاسة سفراء او موظفين آخرين تابعين لسفارات تلك الدول في واشنطن.
وقد قال بومبيو انه “سيعيد عقد المؤتمر في السنة المقبلة”.
وقال بنس، الذي تحدث ايضاً الى جميع الحاضرين: ان “الادارة الاميركية سوف توسع نطاق جهودها لمساعدة الفئات الدينية المعرضة للتهديد”.
واعلن بنس ايضاً تأسيس ما اسماه “برنامج التصدي لأعمال الابادة والإصلاح” الذي سيتولى ايصال الاموال الى الافراد والعوائل الذين يحاولون اعادة بناء حياتهم بعد ما عانوه من فظائع، مع ان التفاصيل لا تزال قيد الدراسة فقد تضمن التخطيط الاولي للبرنامج المذكور تخصيص ميزانية مقدارها 10 ملايين دولار.
وأشارت الصحيفة إلى أن “التركيز سوف يكون في البداية على العراق، ولكنه لن يلبث ان يتوسع لاحقاً ليشمل دولا أخرى”.
وتنقل الواشنطن بوست عن احد مسؤولي الوكالة الاميركية للتنمية الدولية قوله ان “وكالته سوف تتيح للناجين من اعمال الابادة الجماعية فرصة الحصول على الرعاية الطبية وتعويض الممتلكات المدمرة واستعادة وسائل كسب الرزق من خلال الاعمال الصغيرة والمزارع”.
وتعود لغرين الذي قال ان “اموال المساعدات التي ستوجه الى العراق لن تستخدم في بناء الكنائس او تذهب على شكل منح لأي طائفة محددة، ولو ان المنظمات القائمة على اساس عقائدي موجودة ضمن الجماعات التي ستشارك في تمويل المشروع”.
ويضيف: “مساعدتنا سوف تنصب على اعادة بناء الشرائح على اسس جغرافية، بدلا من الاسس الطائفية، تلك الشرائح التي تحملت أعباء لا تتناسب مع حجمها والتي تشعر بأنها بعيدة عن حركة الاصلاح والتعافي الدائرة في بغداد.
هذه الشرائح هي العالقة في الوسط، بين المناطق الكردية من جهة والمناطق الاخرى الاكثر تأثراً بالقوة الاقتصادية المنبعثة من بغداد من جهة أخرى”.
واثنى “فرانك وولف”، وهو عضو جمهوري سابق في الكونغرس عن ولاية فرجينيا، على “مساعي الادارة لتوفير المساعدة للمجتمعات الصغيرة عوضاً عن التوجه لاعادة اعمار المناطق الاكثف سكاناً التي تركز عليها مشاريع برنامج الامم المتحدة للتنمية، واصفاً ما تفعله الحكومة الاميركية للمسيحيين والايزيديين وغيرهم من الاقليات الدينية بأنه في منتهى الأهمية”.
ولفتت الصحيفة إلى أن “كثير من العراقيين يقولون ان برنامج الامم المتحدة للتنمية يكفي لسد احتياجاتهم للبقاء على قيد الحياة، ولكنهم محتاجون ايضاً للمساعدة كي يتمكنوا من التحرك الى الامام”.
ويقول المار نيكوديموس مطران كنيسة السريان الارثودوكس في الموصل: “لقد اعطتنا الامم المتحدة اشياء بسيطة، مثل البطانيات والطعام، ولكنها لن تتمكن من اعادة بناء حياتنا”.
ويقول عبد شامدين، وهو ايزيدي عراقي حضر المؤتمر الديني الذي عقدته وزارة الخارجية الاميركية، ان “هناك تجمعات من الايزيديين يصعب الوصول اليها بسبب الالغام الارضية في تلك المناطق”.
ويضيف شامدين، الذي زار سنجار قبل اقل من اسبوعين للصحيفة: “اذا ما فكرت الولايات المتحدة في انفاق الاموال على الاقليات فسوف تجد ان من الاسهل عليها انفاقها في المناطق المسيحية، اما نحن فكل ما نطلبه هو اعادة بناء بلداتنا”.
ويقول غرين، الذي لم يستطع السفر الى سنجار لأسباب امنية ولكنه التقى بالايزيديين في المناطق المسيحية، انه “حث القادة الكرد والعراقيين على تقليل نقاط السيطرة على الطرقات من سنجار”.
كما وعد بأنهم “سوف يساهمون بتقديم المساعدات لاعادة الاعمار التي ستسمح بدورها للايزيديين بالعودة لكسب عيشهم وتوفير التعليم لاطفالهم”.
وقال في حديثه عن العراق: “انها ارض الالم، ومن الواضح تماماً ان ما مر به الايزيديون يجل عن الوصف وهو لا يزال مستمراً، لقد تمزقت عوائلهم وتلاشت، ناهيك عن القتل والاغتصاب والتعذيب”.
وختم قائلا “لقد واصلنا، وسوف نبقى نواصل، توفير المساعدات الانسانية، وكلما تيسرت لنا الموارد سوف نبقى نحاول ان نستثمر في مشاريع من شأنها خلق السياق التنموي حيث تتمكن المجتمعات والشرائح من اعادة بناء نفسها بدرجة ما من التعافي”.