زوعا اورغ/ خاص
– بعد أكثر من عقدين من زوال النظام الدكتاتوري، نشاهد تراجع المبادئ التي قام عليها النظام السياسي الجديد في العراق: تراجع العدالة والمفاهيم الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والمرأة، والأقليات، وحريات التعبير والنشر، والشراكة السياسية الحقيقية، وطغيان الفساد والمال السياسي والاستئثار بالسلطة والسلاح الموازي للدولة وتحكم المجموعات المسلحة.
– في الوقت الذي لم تتحقق فيه العدالة السياسية الحقيقية في إقليم كوردستان العراق، والتي تستند إلى الشراكة القومية والتوازن والتوافق، يطلق الحزب الحاكم، الديمقراطي الكوردستاني، حملته الانتخابية لمجلس النواب العراقي تحت شعار (شراكة توازن توافق). لا شك أنه مطلب جميل وحقٌّ مشروع للشعب الكوردي، ويهدف إلى تحقيق الشراكة السياسية في العراق، وهو المطلب الذي ننادي به منذ أكثر من عشرين عاماً لتطبيقه في الإقليم، وما زالت الشراكة الحقيقية غائبة. فإذا كانت الشراكة الوطنية حقاً شرعياً، فالأولى تحقيقها في الإقليم مع القوميات الأخرى قبل مطالبة الآخرين بها.
– المصداقية ليست في إجراء الانتخابات والفوز فيها، المصداقية تتجسد في تطبيق الشعارات التي تطرح قبل الانتخابات والتي يصوّت المواطنون لها. مرّ أكثر من عام على الانتخابات البرلمانية في الإقليم وما تزال الحكومة الجديدة غير متشكلة، والأحزاب التي يفترض أن تشكل الحكومة تدخل الآن سباقاً انتخابياً جديداً، وتطلق شعارات جديدة لتمحو بها شعاراتها القديمة التي لم تُطبق إلى الآن.
– المؤسسات الحكومية يجب أن تكون مهنية وموضوعية وتتحلى بالمسؤولية الأخلاقية التي تحتمها مكانتها ومصداقيتها أمام المجتمع. بعض الدوائر المتخصصة في الآثار والتابعة لحكومة إقليم كوردستان، تتبع منهجية عنصرية وطمس الحقائق، وتمارس عملية تكريد المواقع والتاريخ الآشوري، وإن هذا العمل ينم عن مدى الضعف أمام الحقيقة التاريخية. الحجر بقي يشهد للحقيقة منذ آلاف السنين ولم ينكر أصله، ولا يمكن إنكار الواقع الحالي، فلكل مرحلة تاريخها؛ لأن إنكار التاريخ الماضي لا يؤسس لتاريخ الحاضر، إنما الحاضر عليه أن يصنع تاريخه وينتج حضارته بنفسه.
– نحن شعب عريق صاحب الأرض والحضارة، قدمنا إلى جانب العرب والكورد وبقية مكونات الشعب العراقي التضحيات الجزيلة والدماء الغزيرة من أجل أن نعيش بحرية وكرامة. لكن اليوم تقوم القوى السياسية المستأثرة بالسلطة باختزال إرادة شعبنا وتمثيله بنفسها، متجاوزةً حقه القومي والوطني.
– نظام حزب البعث الشوفيني أطلق، مع تولي صدام السلطة، حملة لإعادة كتابة التاريخ، وجيَّش لذلك الأموال والإعلام والكتاب وأشباه الباحثين والمؤرخين، والهدف هو تزوير التاريخ وتغيير الحقيقة وتعريب كل شيء في العراق، من الحجر إلى الشجر، من الحرث إلى النسل، الماضي والحاضر، اللوح والحرف، الجغرافيا والأماكن. لكنه زال وباد، وبقيت الشعوب غير العربية محتفظة بإرثها ولغتها وثقافتها وانتمائها الوطني، وبقي التاريخ يشهد والألواح تنطق بالصدق. لذلك فإن كثرة المطبلين وشهود الزور لا يستطيعان تغيير الواقع، ولا تحويل الكذب إلى الحقيقة، فكفوا عن إنتاجهم وأغلقوا معامل التفقيس واحترموا إرادة الناس، فكلمة صادق واحد تعلو على كلمة مئة مطبل وشاهد زور.
يعقوب كوركيس
السكرتير العام للحركة الديمقراطية الآشورية
٢٣ تشرين الأول ٢٠٢٥
