زوعا اورغ/ ساناي كادو
ولد الملفان نعوم فائق في شهر شباط من عام 1868 في مدينة امد، درة تاج بلاد ما بين النهرين، والتي سميت فيما بعد بديار بكر، ما ان بلغ العشرين من العمر حتى بدأ نضاله حاملا مشعل العلم بيده في تعليم اطفال بني قومه زارعا فيهم روح العلم والنور والمحبة ضمن ظروف مأساوية قاسية صعبة، وتوفي في 5 شباط 1930 في نيو جيرسي الامريكية بعد اصابته بالتهاب رئوي.
وعندما استولى حزب الاتحاد والترقي التركي على السلطة في الدولة العثمانية عام 1908 بدأ التحول في نشاط المعلم نعوم فائق فتجاوز التدريس الى العمل القومي المباشر فظهرت مواهبه الفذة في الكتابة والصحافة والخطابة، عمل ضمن جمعية الانتباه التي اسسها وبث الوعي القومي بين ابناء امته عبر المقالات والخطب والاشعار التي كان ينشرها في مجلة (كوكب الشرق) التي اصدرها او في مجلة (المرشد الاثوري) التي كان يصدرها زميله اشور يوسف بيت هربوت، قضى حياته في خدمة ابناء امته خاصة عندما هاجر الى الولايات المتحدة الامريكية ففي اجواء تتسم بالحرية والديمقراطية انفجرت كوامنه القومية فنشط نشاطا قل نظيره في تاريخ الفكر القومي لشعبنا، فهو يعد اول من اعلن وكتب وخطب عن الوحدة القومية بشكل علني وصريح وواسع كحل وحيد للانشقاق الطائفي في الامة.
كما اصدر العديد من المجلات والصحف نذكر منها:
مجلة بيت نهرين كانت تصدر باللغات السريانية والعربية والتركية، رئاسة تحرير مجلة (خويودا – الاتحاد) كما اصدر العشرات من الكتب والبحوث والدراسات والاشعار والخطب التي كرسها في مختلف المسائل القومية والتربوية والاصلاحية والادبية والكنسية والتي كانت لها الاثر الكبير في تنشئة اجيال من المفكرين القوميين، انتقل الى جوار ربه في الخامس من شباط عام 1930.
ومن خطاباته التي دعا فيها الى الوحدة القومية بين ابناء شعبنا بجميع تسمياته عام 1928 حيث اكد فيها الملفان على ضرورة الوحدة والاتحاد بين ابناء شعبنا ليرسم من خلالها طريق ومستقبل واعد .
أن طروحاته القومية التي بشر بها حظيت بأكبر الاهتمام لدى المثقفين من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري، وبدوره هيأت الأجواء السياسية حينذاك لبروز فكر قومي اتسم بالنضج في السنوات التي أعقبت وفاته. كانت أطروحات نعوم فائق تتسم بالشمولية، لذلك حرص وبشكل دائم على ذكر أبناء مختلف كنائس أبناء شعبنا تحت اسم, وفي كل مرة كان يعني وبوضوح انتماء كافة الطوائف إلى التسمية نفسها كونها تشكل شعباً واحداً أرضه ما بين النهرين، تاريخه وعاداته ولغته مشتركة ومصيره واحد وقضيته واحدة. ولم يكن يتعرض للاعتقادات المذهبية معتبراً أن الوحدة القومية يمكن أن تتم مع الأبقاء على هذه المذاهب طالما أن الأنتماء لهذا المذهب أو ذاك لا يمس ولا يضر بالوحدة القومية للشعب الواحد. ففي احدى مقالاته يقول :
أن فكرة الاتحاد قد تبدو غريبة لأول وهلة ولكنها ليست صعبة التحقيق إذا عمل أدباء كل طائفة من الطوائف السريانية على تحقيقها بالوسائل المنظمة وذلك بالتفاف جميعها حول مثل أعلى وهو القومية الجامعة, فتصبح هذه الطوائف كلها عندئذٍ قوماً واحداً من ناحية امتداد أصل جميعها إلى منبت واحد. وتعمل معاً متضامنة على إيجاد روابط جنسية متينة تقوم على الأشتراك في الجن والتاريخ واللغة والعادات, وتبقى منفصلة حرة في أمر عقائدها ودينها.