يعكوب ابونا
بوفاة البطريك دنخا الثاني 1334- 1380 اصبح الكرسي البطريركي شاغرا لسنوات ، يذكر ابن العبري بان في نهاية عهد البطريك دنخا انتابت البلاد غوائل ومجاعات واوبنه وبلغ ثمن كيلو الحنطة مائة واربعون دينار، فظهر رجل شرير قاطع طريق يدعى ” سارون شاة ” على راس عصابة من اللصوص والقتله ، فبعث بالبلاد فسادا وتقتيلا ، فنهبت الكنائس ودمرت الاديرة ، وقصد مدينة مراغة واحرق وضرب قرى ، ودخل دير الشيخ متي ونهب كل مقتنايته الروحية والجسدية ، وبعدها توجه الى اربيل وحارب الامير محمد بن يحيى ، فقتل هناك،… بمقتل سارون الشرير ساد الهدوء فالتم جمع الاباء وأنتخبوا البطريرك
3- البطريرك ” ايليا الرابع وجلس الكرسي البطريركية عام 1385- 1420 وهو ثالث بطريرك منتخب من عائلة بيت ابونا ، صدفة وعرضا ،كما يقول ..” يطرس نصري في كتابه ذخيرة الاذهان 2 : 84
اختلفت اراء الكتاب والباحثين في تسلسل وتواريخ جلوس البطاركة سدة البطريركية الكنيسة ، فمنهم من يحدد وفاة دنخا الثاني بسنة 1364 ، وان الجالس بعده على الكرسي البطريركي هو شمعون الثاني في 1365 ، القائلين بهذا طبعا لديهم بعض ما يمكن ان يعولوا عليه في حججهم وتبريراتهم ..
ولكن لكي لا اطيل سوف لا ادخل بتفاصيل هذه الاراء لتباينها واختلافها ، بل سأخذ بما ذهب اليه المطران ايليا ابونا لمنطقية الحجة كما اوردها في كتابه تاريخ بطاركة البيت الابوي ، في ص 25 يقول ” ان البينات المحفوظة في خزانة” المكتبة البطريركية لليونان الارثذوكس في القدس .
.وهذه المكتبة اليوم في حاضرة الفاتيكان في روما ، منها يظهر بكل جلاء ووضوح بان ايليا الرابع قام في سلسلة بطاركة المشرق بعد دنخا الثاني ، وان شمعون الثاني هو خليفة مار ايليا الرابع ، وليس العكس لان القول بان دنخا قد مات سنة 1364 م لا يقوم بمعرض الصواب التاريخي للاحداث ، لان ما يقوله ابن العبري ، له مبرراته ، اذ يقول ان دنخا هذا اقام وليمة لصديقة ابراهيم المفريان سنة 1366 م ، فان كان دنخا قد مات 1364 كيف اقامة تلك الوليمة ؟؟؟
ويضيف ابن العبري ، ان القس حنا اليعقوبي في سنة 1367م قدم هو والامير مسعود هدايا وهبات الى الامير الكبير سلطان شاه والامير بيازيد ، وكذلك لمار دنخا بطريرك النساطرة ، ليقوم الاخير ” يقصد دنخا ” وسيطا للسلام بين الطرفين على ان يكون هو ” يقصد القس حنا ” مفريانا للمشرق “.. وكذلك نصري في ذخيرة الاذهان 2 : 79 ..يتجه نفس الاتجاه .
لذلك يكون ما ذهب اليه المطران ايليا ابونا في كتابه على الارجح اكثر صوابا من لدن الاخرين لتباين تلك الاراء ..
توفى البطريرك ايليا الرابع 1420 ، وكانت البلاد ينتابها غوائل ومجاعات واوبئة ، فنهبت الكنائس ودمرت الاديرة ، وتعرض ابناء الكنيسة للاضطهاد والتنكيل ، فاصبح الكرسي البطريركي كذلك شاغرا لسنوات ، ..يذكر المؤرخ روفائيل بابو اسحق في كتابه ” تاريخ نصارى العراق ” اما المسيحيين فكانت حالتهم يرثى لها، فقد تبدد جمعهم وهربوا لاجئين الى قرى والجبال النائية خوفا من القتل والذبح ، في القرن الخامس عشر كان في بغداد وضواحيها ستة عشر الف بيت مسيحي .” اما في نهاية القرن السابع عشر خلت بغداد من المسيحيين الا من نزر قليل “..
كان دخول التتار والمغول الاسلام مصحوبا بحملات وسلسلة اضطهادات ضد المسيحيين ادت الى انهيار المجتمعات المسيحية في اسيا الوسطى وبلاد فارس وانحصار الكنيسة في بلاد الرافدين ،.
من الطبيعي ان يكتنف تاريخ الكنيسة لهذه الفترة غموض ، لذلك اختلفت الاراء اذا ليس باليقين التاكيد تاريخ جلوس ،
4- شمعون الثاني كرسي بطريركية الكنيسة ، الا انه ممكن ان يكون اكثر قبولا ما ذهب اليه المطران ايليا ابونا في ص 27 من كتابه اعلاه ،يقول ” جاء في كتاب ” جنة المؤلفين / فهرس البطاركه ” انه في سنة 1437- 1470 كان يسوس الكنيسة المشرقية النسطورية البطريرك شمعون الثاني ، بعد ان اصبح الكرسي شاغرا كذلك لسنوات طويله ، وكان البطريرك شمعون هوالآخر رابع بطريرك منتخب من عائلة بيت ابونا ، .
وتميز عهده بظهور ” أيشوعياب برمقدم ” مطرابوليط ، اربيل ، بعد ان كان راهبا في دير مارسبريشوع بيث قوقا ، فوضع كتابا في النحو السرياني باللغة السريانية والف قصائد في القديسين والتوبه ، وله مداريش ورسائل كثيرة ، ..
كما في زمن هذا البطريرك ذاع خبر الديانه الصابئه ، الذين كانوا يسكنوا حاران ،وهم من اتباع الديانه الكلدانية الوثنية ، ذهب البعض الى القول بان الصابئة هم مسيحو مار يوحنا ، او نصارى مار يوحنا ، عند بطرس نصري ـ ذخيرة الاذهان ” وان المقصود بناصورائى ماريوحنا ، تعنى بان الكاهن الذي اتقن الناصيروثا اي علم الكهانه والتبحر به ” .. عند الليدي دراور الصابئة المندائيون ص 367 “..
جلس مار شمعمون الثاني اربع وثلاثين سنه على الكرسي البطريركي للكنيسة الشرقية ومات عام 1471 م .. وفرغ الكرسي البطريركي بعده سنوات بسبب الاضطهادات والشدائد والنوائب التي كانت تمارس بحق الكنيسة واتباعها ….
كانت الكنيسة في هذه المرحلة وما قبلها كما لاحظنا تمر بظروف صعبة ومؤلمه ،للاسف هذه الظروف وجدتها روما سامحه لها بالتدخل بالشان نساطرة قبرص يذهب الاب البيرابونا في ص 94 من كتابه تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية – المجلد الثالث – الى القول ” منذ سنة 1222، اتجهت انظار روما نحو المسيحيين الشرقيين القاطنيين في قبرص ، فاصدر البابا هونوريرس الثالث ، في2 شباط 1222،براءة تامر بطريرك اورشليم ورئيس اساقفة قيصرية ومطران بيت لحم والمرسلين الموجودين بالجزيرة ، باعادة المنفصلين الى الطاعة لرئيس اللاتين في نيقوسيا ، وباخضاعهم للتاديبات الكنسية في حالة الرفض ، اذا اقتضى الامر ، ..
الا ان هذه المحاوله لم تلق نجاحا ، لان المؤمنين من الروم والنساطرة قاوموا بعنف اعضاء الاقليروس الذين كانوا يبدون ميلا الى الاتحاد بروما ، وحرموهم من المواد المتعلقة بمهامهم الكنسية “…
ففشلت هذه المحاولة ..
واستمرت طائفة النساطرة في هذه الجزيرة تواصل مسيرتها الاعتيادية ……
استمرت ظروف كنيسة المشرق اكثر صعوبه مما كانت عليه ، ففي1 تشرين الاول سنة 1326 ، اعادة روما الكره ثانية، فكتب البابا يوحنا الثاني والعشرون الى بطريرك اورشليم موعزا اليه بالقضاء على الهرطقتين النسطورية واليعقوبية في الجزيرة ، وذلك بالوسائل
وبهذا الصدد يذكر المطران سرهد جمو ، باحدى كتاباته ، من كان في تلك الظروف يسعى ويفكر بمنصب او تسلم مسؤولية ، ويعرض نفسه وحياته للمخاطر “.. فعلا هذا كان الواقع ، لانه ليس كل واحد مستعد للتضحية بنفسه من اجل الاخرين ، الا من كان مدعوا من الرب بان ينال شرف خدمة كنيسته وشعبه ،فمن نال هذا الشرف كانت عائلة بيت ابونا،هي من تحملت وزر تلك المرحلة بكل صعوباتها وتبعاتها القانونية والاجتماعية والدينية وبكل مخاطرها ، فتحملت بجدارة مسؤولية ادارة شؤون الكنيسة من قبرص غربا الى الهند والصين شرقا ومن تركيا الحالية شمالا الى الجزيرةالعربية جنوبا ..
وهناك اضافة جديرة بالملاحظة والاهتمام يكشف عنها البطريرك ساكو يقول في ص 147 من كتابه المشاراليه سابقا ، بان قانون التوريث الذي سنه شمعون الباصيدي ليس حبا بالتوريث ، انما السبب هو غياب المؤسسات كالمدارس والاديرة والمراكز الثقافية ، والتعليمية فكان اسهل للسلف ان يعدَ خليفة ويربيه بنفسه ،”..
يمكن تلخيص محنت أباء الكنيسة ومعاناتهم كالاتي :..
1- الظروف القهرية والقسرية التي كان تمر بها الكنيسة على يد السلطات واعوانها ، وتدخلهم بالشان الكنسي ، بالاضافة الى صعوبة طرق الواصلات ومخاطره ، وتلافي شغورالكرسي البطريركية لسنوات ..
2- تدخل الغرب وخاصة المبشرين ، وكنيسة روما بشؤون كنيسة المشرق والعمل على اضعافها وابتلاعها ..
3- غياب المؤسسات والمدارس ومراكز الثقافية والاديرة . ..
هذه المعطيات كانت سببا وجيها لسن نظام الوراثة لعائلة بذلتى نفسها من اجل خدمة كنيسة الرب .
فالى نصوص القانون في الجزء التالي ؟؟؟؟
يعكوب ابونا ……….. 4 /4 /2024