زوعا اورغ/ وكالات
يمنح العمل في المنظمات الإنسانية الدولية داخل العراق الأمل لكثير من سكانه بحلول السلام وعودة الحياة إلى طبيعتها كما كانت ذات يوم في بلاد الرافدين.
وفي شهادات لعمال إغاثة عراقيين نقلها موقع “ريليف ويب” يتضح مدى معاناتهم وشغفهم في نفس الوقت لمساعدة أبناء بلدهم ولاسيما في المناطق التي سيطر عليها داعش في أوقات سابقة مما أدى إلى حدوث دمار كبير فيها وخسائر كبيرة في الأرواح والمنازل والبنية التحتية.
ومن اؤلئك الذين وجدوا معنى لحياة من خلال عملهم الإنساني، صهيب جعفر الذي انضم إلى منظمة “أطباء بلا حدود” في العام 2017، بعد أن كان عاطلا عن العمل لسنوات عديدة.
ليست للأطباء فقط
وفي هذالصدد يقول صهيب: “عندما تقدمت للعمل، كنت أبحث عن وظيفة مثل أي شخص عاطل آخر”.. واعتقدت أيضًا من اسم المنظمة أنهم يوظفون الأطباء فقط”.
لكنه أدرك أن هناك فرص عمل للمترجمين والصيادلة والخدمات اللوجستية، وسرعان ما تم تعيينه مترجما بعد اجتياز الامتحان.
وعمل صهيب مع منظمة أطباء بلا حدود في ٤ وظائف مختلفة، ويعمل حاليا في مركز رعاية ما بعد الجراحة الشامل في شرق الموصل.
وكمنسق ميداني، يمثل صهيب منظمة أطباء بلا حدود لدى السلطات المحلية.، ومن خلال إطلاعه الجيد في المنطقة، وشغفه بالكتابة فإنه يواظب على صياغة تقارير منتظمة تساهم في استمرار الأنشطة الإنسانية لمنظمته.
روح الإنسانية.. وعودة الطيور المهاجرة
أما معمر الحيالي، البالغ من العمر 45 عاما، فيقف وراء شغفه بالعمل الإنساني حادثة مؤلمة وقعت قبل ثماني سنوات عندما أودى انفجار بالقرب من مطعم مزدحم بحياة العشرات وجرح الكثيرين، من بينهم شقيق زوجته الذي كان ينزف بشدة جراء شظايا أصابت بطنه.
وبعد أن كاد أن يفقد شخصًا عزيزًا عليه في غمضة عين، قرر معمر العثور على وظيفة لمساعدة الآخرين، على أمل ألا يفقدوا أحد أحبتهم.
عندما كان أصغر سناً ، كان معمر يأمل في الالتحاق بكلية الطب ، لكن حاجته لكسب العيش جعلت هذا الأمر مستحيلاً، موضحا: “كان علي أن أعول نفسي منذ أن كنت مراهقًا”. كنت أعمل وأدرس في نفس الوقت ، لذلك لم أستطع أن أصبح طبيبا، فالحياة لا تعطينا دائمًا الفرصة لفعل ما نريد “.
عندما سيطر تنظيم داعش على الموصل ، غادر معمر المدينة مع زوجته وأطفاله الأربعة، حيث لم تكن الأمور سهلة، لذا كان عليه أن يبدأ من الصفر، في وقت كان القلق يراوده باستمرار على أقاربه في المدينة.
وفي عام 2015 ، بدأ العمل كخبير لوجستي لمنظمة طبية في السليمانية ، لكن حبه للموصل لم يضعف أبدًا.
وهنا يقول: “في أحد الأسواق التي كنت أذهب إليها ، قرأت على أحد الجدران عبارة (سنعود يوما ما). وعليه عدت إلى مدينتي فورا عقب طرد تنظيم داعش منها”.
يعمل معمر الآن كرئيس للسائقين في مستشفى رعاية ما بعد الجراحة التابع لمنظمة أطباء بلا حدود في شرق الموصل. يدير فريقًا من 15 سائقًا وينسق تحركات جميع مركبات أطباء بلا حدود.
ويشعر أن أعضاء فريقه أنهم أصدقاء أو أشقاء بالنسبة له، ويقضون كل صباح معًا قبل الشروع في مهامهم اليومية.
يعتقد معمر أن وظيفته تساهم في شفاء المرضى ، لذا فهو ينفذ مهامه بتفانٍ. غالبًا ما يخبر الناس عن خدمات منظمة أطباء بلا حدود للمساعدة في وصول المعلومات إلى من يحتاج إليها.
ففي إحدى المرات تعرض أحد أصدقائه لحادث سير خطير وقيل له إنه قد يتعين بتر ساقه ، ولكن بناء على اقتراح معمر جاء إلى مستشفى أطباء بلا حدود ، حيث تمكن الفريق الجراحي من إنقاذ ساقه.
منظمة دولية بـ”جواهر” عراقية
يشكل الموظفون العراقيون أكثر من 90 بالمئة من أصل 1700 شخص يعملون في منظمة أطباء بلا حدود في العراق.
وتتدرج وظائفهم من سائق إلى طبيب، ومن عمال نظافة إلى فنيين طبيين وصيدليين ومسؤولي إمدادت وغيرها من الأعمال.
وبحسب القائمين على المنظمة يعتبر دور كل شخص حيويًا لنجاح عملها، وبالنسبة إلى ياسمين التي تقوم بعمليات التفتيش للموظفات والمرضى والزائرين قبل دخولهم المنشأة، فإنها ترى في عملها أمر جيد للحفاظ على أمن الجميع.
وخلال تأديتها لوظيفتها، تقول ياسمين إنها تحرص على فتح الأحاديث الودية مع الجميع والترحيب بهم بحرارة كبيرة، مشيرة إلى تحب وظيفتها لأنها تمنحها فرصة لرفع معنويات الناس، لاسيما الذين يبحثون منهم عن طاقة إيجابية في أجواء من اليأس والقلق والخوف.