حسن الزيدي
هو عيد بلاد الرافدين وبلاد فارس ودول الهلال الخصيب.. ودول بلاد النيل لانه عيد ارتبط بالطبيعة وبالجغرافية المناخية.
فحتى وقت قريب كانت ميزانية الدولة العراقية تبدأ من أول نيسان حتى نهاية آذار القادم. لانها تعتمد على تخمينات وتقديرات وتوقعات وافتراضات المناخ والطقس والانواء الجوية وكميات الأمطار باعتبار ان العراق مثل كل جيرانه يعتمد علي الزراعة والبستنة والرعي ومنتجاتها من حبوب وتمور وفواكه واقطان وصوف وجلود واخشاب وووو بنسبة تتراوح بين ٨٠-٩٠ لانه في موسم الربيع يتحسن الطقس والمناخ والجو والفصل في منطقة جغرافية محددة فتحمل وتحبل وتثمر الارض بزرعها وضرعها فتنتعش الحياة.
فهو ليس عيداً كردياً ولا عربياً ولا فارسياً بل عيداً مناخياً وطنياً ويسمى بأسماء مختلفة، حيث كان يسمي عيد دورة السنة المناخية ، وعيد الشجرة ، وعيد شم النسيم ، وعيد الحب والتكاثر . خاصة عندما يكون الموسم الجغرافي متكاملاً ومثالياً في كميات المياه والامطار والشمس لان قلة أحدهما تؤدي الى القحط والعجف وكثرته تشكل فيضانات أو صقيع يميت كل شي مثلما لو كثرت الشمس فتحصل الحرائق التي يحترق فيها الأخضر بسعير اليابس فيحصل القحط والجوع والهجرة.
فنوروز أو عيد الربيع أو عيد الشجرة هو ليس يوماً عالمياً موحداً ، بل هو موسم يشمل كل البلدان حسب موقعها من الكرة الارضية حيث تضع المؤسسات العامة (البلديات والاداريات المحلية والمركزية والمدنية والعسكرية خططها ان كان الموسم سخياً أو بخيلاً ومجدباً) .
وفي أفريقيا وخاصة في مصر القديمة يسمى عيد شم النسيم وفي الصين له اسمه وكذلك في اليابان وفي العديد من دول أوربا واميركا.
فيما يتعلق بمنطقة الهلال الخصيب وبلاد الرافدين وهضبة بلاد فارس فان شهر آذار هو من حيث المبدأ أجمل فصول السنة من حيث الاعتدال النسبي لدرجات الحرارة ، فتلبس الأرض وما عليها بمن فيهم الإنسان حللهم الجميلة. اي أنه عيد يرتبط بكرم الطبيعة. لذلك لا يجب تسييسه وحصره في منطقة جغرافية معينة فهو ليس سياسة ولا دين بل هو اقتصاد واجتماع.
ان الحساسيات الشكلية الخطيرة التي تتحكم في ثقافات وفلسفات شعوب العالم الثالث ونحن للأسف منها ، جعلتها ان تكون قصيرة وقاصرة النظر فتتخلى عن الكل من أجل الاجزاء .
فنوروز لم يكن يحتفل فيه الكورد لوحدهم طوال تاريخهم في بلاد الرافدين أو بلاد فارس وفي آسيا الوسطى لأنهم جزء من شعوب أخرى كثيرة تعيش وتتعايش وتتعامل وتتزاوج وتتصارع معهم.
حساسياتنا الفكرية خاصة نحن المسلمين صارت ومع الأسى والحزن ومنذ قرون تتسم بالمحافظة و التراجع فجعلتنا نتخلى عن قيم وثقافات وعلوم سومر وبابل واشور وتل اسمر و اهرامات مصر وحضارة دمشق واورشليم ودبمونه ومكة التي كانت توصلنا حضارياً مع العالم القديم الذي نحن الساميين مركزه، ويدور حولنا توابع منهم الفرس والاغريق والرومان والصينيون في وقت لم تكن موجودة ومخلوقة مئات الدول المعاصرة بما فيها الولايات المتحدة تاريخياً.
لقد طلبنا السماوات ففقدناها واكتفينا بالأرض وأهملناها وصرنا الان نحن الساميين من كنعانيين وآراميين ومصريين وبربر وكلدان وسريان واحباش ويهود وعرب وفينيقيين ، تابعيين وذيول وهوامش نبحث عن الخردلة ونترك الجوهرة وهي العلوم التي هي الوحيدة التي تطور البشر وتبني الحجر وتزرع وتحصد وتدجن .
عيد نوروز اذا هو عيد سامي وليس ملكاً لقوم أو لقومين أو لثلاثة ، انه هبة الطبيعة للأرض والاشجار والزرع والضرع والانسان.
حسن الزيدي
اذار٢٠٢٤