يعقوب ميخائيل
عن ماذا نكتب .. وماذا نستذكر من الاسم الذي عشقه العراقيون حتى الجنون !!.. بالامس مرت ذكرى رحيل شيخ المدربين عموبابا الذي حفر أسمه بأحرف من ذهب عبر مسيرة حافلة طرزت بأنجازات نادرة بل لامثيل لها سطرها سجله التأريخي لاعبا ومن ثم مدربا حتى لُقب بشيخ المدربين العراقيين قبل ان ينال لقب (مدرب القرن) عبر أستفتاء لجنة المحررين الرياضيين بنقابة الصحفيين العراقيين !
من عاشر جيل الراحل عموبابا خلال فترة الخمسينيات والستينيات يدرك تماما ماذا كانت تعني نجومية عموبابا في ذلك الوقت ! ..فبرغم بروز العديد من اللاعبين النجوم أبان تلك الحقبة الزمنية من تاريخ الكرة العراقية الا ان عموبابا ظل الاسم الابرز بين نجوم كبار أمثال يورا ايشايا وارام كرم وجبار رشك واديسن وصاحب خزعل وجمولي وعموسمسم وكلبرت سامي وغيرهم ..
وبرغم ان الحديث عن مسيرة عموبابا التأريخية لايمكن اقتصارها بمقال .. بل انها موسوعة بحد ذاتها ! ، لما تحمله من أنجازات رائعة الا انني سأتوقف عند بعض المحطات الهامة في تأريخ هذا الاسطورة الذي ترك أرثا تأريخيا سيبقى يستذكره الاجيال المتعاقبة حتى برغم أهماله من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة حاله حال الكثير من المبدعين الذين ركنوا على الرفوف بعد أن أصبح زمن (عراقنا الجديد) حضيرة للسراق والمزورين وأصحاب النفوس الضعيفة ولتذهب مصلحة البلد الى الجحيم!
(ستصبح أشهرمن نار على علم يوما ما) ؟!! ، هذه الجملة أطلقها الراحل أسماعيل محمد الذي أكتشف موهبة عموبابا الكروية ، ففي العام 1950 عندما كانت تجري بطولة المدارس الكروية جلب عموبابا الفتى الذي جاء ليمثل مدرسته الابتدائية من الحبانية بمحافظة الانبار .. ، جلب أنتباه المدرب أسماعيل محمد .. فأستدعاه متسائلا ما أسمك أبني .. فأجابه (عمانوئيل) !! ، وطالما جرت العاده على اختصار الاسماء بدأ أسماعيل محمد يناديه عمو .. واستمر بعد ذلك عموبابا لاعبا حتى جاء موعد البطولة العربية المدرسية التي اقيمت في مصر بالعام 1951 حيث أشركه أسماعيل محمد لاول مرة بالمباراة أمام منتخب مصر … وبعد أنتهاء البطولة وفي ضوء المستوى الرائع الذي قدمه عموبابا خلال مباريات البطولة عبر مدربه أسماعيل محمد عن سعادته بأداء عموبابا قائلا …. ستصبح أشهر من نار على علم يوما ما ؟!!
وهكذا أصبح بعدها عموبابا أشهر من الشهرة !!.. بعد أن تصدر قائمة نجوم المنتخب الوطني العراقي لفترة أمتدت على مايقارب ستة عشر عاما ، وتحديدا في العام 1966 حيث توجه الى عالم التدريب ليصبح لاول مرة مدربا لفريق المواصلات.
ان السجل الذهبي الناصع الذي حمله عموبابا كلاعب .. ازدان بدخوله الى معترك التدريب كي يصبح أشهر شخصية تدريبية مرت في تاريخ الكرة العراقية ، وقد سعى لتطوير أمكاناته التدريبية منذ بدايات عمله في الحقل التدريبي اضافة الى الخبرة التي أكتسبها كلاعب حاول أن يوظفها في بودقة عمله فراح (يقتنص) اللاعبين ويكتشف أبرز المواهب الكروية التي مثلت الكرة العراقية .. مثلما كان (يقتنص) الكرات ابان كان لاعبا مرموقا ويضعها (برمشة عين) في الشباك !! ، كيف لا .. وهو اللاعب الابرز الذي أشتهر بضربات (المقص )
.. !! (double kick)
تجربة عموبابا التدريبية أقترنت بوجود واحدا من اشهر المدربين الاجانب الذين عملوا مع المنتخب العراقي في حقبة السبعينيات وهو الاسكتلندي داني ماكلنين .. وقد عمل عموبابا مساعدا له وقد أستفاد من خبرته التدريبية التي كرست في عمله أبان توليه فيما بعد مهمة تدريب المنتخب الوطني والعسكري ..
أنجازات عموبابا التدريبية تبقى خالدة ..وقد لا تعد ولا تحصى .. قاد العراق للفوز في بطولات العالم العسكرية وثلاث بطولات للخليج والتأهل الى ثلاث دورات اولمبية ، وحصد لقب دورة الالعاب الاسيوية بالهند وبطولة كأس العرب …. وقد عرف مدربا من طراز خاص .. يتمتع بشخصية تدريبية قوية قل نظيرها .. لايسمح لاحد في التدخل بعمله حتى ان كان في أعلى هرم المسؤولية .. وهكذا ترك تاريخا ناصعا بكل شيئ !! ، جعل الشعب العراقي برمته يعشقه وليس فقط الجماهير الكروية !!
لقد مضى احدعشر عاما على رحيل شيخ المدربين .. ومدرب القرن عموبابا .. الا انه يبقى حاضرا في قلوب العراقيين دائما .. فقد كان مثالا رائعا للعراقي الشهم الذي أفنى حياته من اجل خدمة الكرة العراقية .. حتى وصفه الشعراء بالوطن .. فقالوا
(انت الوطن … والوطن ما يرهم يموت) ؟!!
(شلون تموت .. وانت هم .. عمو.. وهم .. بابا) ؟