شوكت توسا
عند واحدةٍ من هضاب شنعار, قبلة كلكامش ومملكة عشتار,عُلقت لافته تقول:هنا في هذا المكان سيقام كرنفال مشية التصالح, مسموح ان يشارك كل من يجيد المشي مرفوع الراس صامتا, بصدر عاري وحافي القدمين .
كان عريسٌ نينوي و عروسته من مدينة أور, قد نذرا بعد قرانهماان يشاركا في هذا الكرنفال من اجل مولود ٍ صالح ٍ يسمونه باحد الاسماء الحسنى ,هيأ العروسان انفسهما للمناسبة و تراصفا للمشي مع حشد الكرنفاليين, وأثناء ما كانا يمشيان بصمت وخشوع مرفوعي الراس حفاة عراة الصدور, انكسَر سكون المكان بضجيج صوت خشن يتغنى متغزلا ًبالحب والسلام ,اصيب العريس برعشة حين اكتشف بان الصوت صوت تنين اسود مغطى رأسه بقناع من الحشيش, فمدّ العريس ذراعيه للسماء حائراً يستغفر ربه, ما هذا النكد يا عشتار, اين كلكامش ؟ ثم أحنى رأسه نحو قدميه مكسور الخاطر نادما على النذر و استمر يمشي.
ضاق صدر العروسة الفاتنة بضجيج صوت التنين المغني, فراح العريس يستنجد بأخت يوشع كي تحرق بنارها راس الوحش الذي يستصرخ نيام شنعار لدم ضحيته, وإلا فلتغيب, لم تستجب الشمس لطلبه خوفا من غضب الخمباب, ففتح العريس ذراعيه مسترجيا ارض اور أن تنفتح وتبتلعه شاباّ لم تعتاد اذناه بعد سماع صوت تنين بقناع الشادي يغني بالحب ويتغزلِ, حتى الارض لزمت الصمت احتراما لمقدم الملك .
وصل موكب الملك الى مكان الاحتفال متأخرا بسبب سوء حالة الجو,فتقدمّ التنين المغني كي يفتتح الكرنفال حاملا على كتفيه هودجا فيه حمامة بيضاء تدلّت رقبتها خارج الهودج وبمنقارها غصن زيتون ذبلت اوراقه فزعاً, رحب الملك بالحشود وعيناه تمعنان النظر باتجاه الهودج وما فيه .
وعند اسفل الهضبه شرب الجميع النخب إعلانا عن انتهاء الكرنفال , فجاء دور الخمباب” إن صح التعبير” كي يختتم الكرنفال بقراءة رسالة حب وسلام في جملتين :
ايها العريس أنت مع الحمامة والغصن راحل سيحيا الملك العادل للتنين والقاتل !!
نشف الريق في حلق العروس من شدةالحزن,فلم تقوى على البصق بوجه الخمباب , فقط نادت واه كلكامشاه ! ثم توجهت والدمع يملأ مآقيها نحو حمامة الهودج لتقول:
فيكِ وبغصينة زيتونك المتدليه هيامي اين انت من وئام السلام مع بئس الانام
كيف وبلاط ملكنا قد اضحى سوقا ًرائجه لتوزيع الأكاليل على قاتل و بن حرام
دماء التشرينيون من وراء القصد