القاضي ميخائيل شمشون
كثر الكلام في الآونة الاخيرة، حول المطالبة { بحقوق الكلدان ، وبما في ذلك ، ضرورة ادراجهم ، في مشروع دستور اقليم كوردستان – العراق (المزمع اقراره ، في مقبل الايام ) ، كقومية مستقلة ، حسب ما هو مدرج ، في الدستور الاتحادي ( دستور جمهورية العراق لعام 2005 ) ، اسوة بالاشوريين والقوميات الاخرى }1 .
ولكون الموضوع المذكور ، له جانب قانوني ودستوري ، و للتأكد من حقيقة الامر ، تصفحنا مسودة ( مشروع دستور اقليم كردسان – العراق ( المنشور على الموقع الرسمي لرئاسة اقليم كردستان ) ، فلاحظنا بان المشروع المذكور آنفا ، قد اشار الى القوميات التي يتكون منها شعب اقليم كوردستان ، بشكل اساسي ، في مادتين :
اولهما : المادة (5) من مسودة مشروع الدستور المذكور ، حيث نصت (( يتكون شعب اقليم كردستان من الكرد ، التركمان ،العرب ، الكلدان والسريان والاشوريين ، والارمن وغيرهم ، ممن هم من مواطني اقليم كردستان )) .
ثانيهما : المادة (35) من المسودة المنوه عنها اعلاه ، حيث تنص (( يضمن هذا الدستور الحقوق القومية والثقافية والادارية للتركمان ، العرب ، الكلدان والسريان والاشوريين ، الارمن ، بما فيها الحكم الذاتي ، حيثما تكون لأي مكون منهم اكثرية سكانية وينظم ذلك بقانون )) .
اما ما يقابل ذلك ، في الدستور الاتحادي في هذا الخصوص ، هو ما ورد في المادة (125) منه ، والتي تنص على (( يضمن هذا الدستور الحقوق الادارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان ، والكلدان والاشوريين ، وسائر المكونات الاخرى ، وينظم ذلك بقانون )) .
فمن مقارنة بسيطة ، بين المادتين الواردتين ، في مسودة دستور اقليم كوردستان ، والمشار اليهما اعلاه ، والمادة (125) من الدستور الاتحادي ، نلاحظ بان اللجنة ، المكلفة بكتابة مشروع دستور اقليم كردستان ، التزمت بمضون النص الوارد في المادة (125) ولم تخرج عنه ، وانما قامت باعادة صياغة تلك المادة ، وبالاشارة ايضا الى الجهات ، التي ذكرتها – كمكونات قومية مستقلة – دون تفضيل احداها على الاخرى ، مع اضافة السريان كقومية اخرى مستقلة ، الى مشروع دستور اقليم كردستان ، الى جانب الكلدان والاشوريين ، وربما اسعف واضعو المشروع ، في تلك الاضافة ، ورود عبارة (وسائر المكونات الاخرى ) ، في المادة (125) من الدستور الاتحادي ، المشار اليها أعلاه .
– لما تقدم نرى ، بان اسم الكلدان مدرج ، في مشروع دستور اقليم كوردستان ، كقومية مستقلة ، كما فعل الدستور الاتحادي ، دون الاقتصار ،على ذكر اسم( الاشوريين) كقومية مستقلة ، ومنحهم حقوق وامتيازات ، دون منحها للكلدان .
فاذن كلا الدستورين الاتحادي والاقليم ، لم يهملا ذكر الكلدان والاشوريين ، كقوميتين مستقلتين وتضمينهما لحقوقهما متساوية . وان ذكر اسم الكلدان والاشوريين ، في الدستور الاتحادي وفي مشروع دستور اقليم كردستان ، كقوميتين مستقلتين ، قد تم بعد أن ، حصر بين فاصلتين ، وذلك ادراكا من كاتبي الدستور الاتحادي ، ومسودة مشروع دستور اقليم كردستان العراق – العراق ، وخاصة ممثلي شعبنا في تلك اللجان ، المشكلة لهذا الغرض ، بان ما يجمع بين ( الكلدان والاشوريين والسريان ) من وشائج وروابط مشتركة ، كالدين والتاريخ والاعراف والتقاليد ، هي (اقوى مما يفرقها ) ، والذكر بهذا الشكل ، لا ينتقص من كون الكلدان والاشورين قوميتين مستقلتين – كما سبق القول—- لعن الله هذه (الفاصلة ) لما تسببه ، من مآسي ومشاكل لبني البشر . – – فهل يجوز لك المطالبة ، بشىء وتدعي اغتصابه ،من قبل الغير، وهو في حيازتك اصلا ، ولم ينازعك ، في ملكك له احدا ؟؟.
ومما يدعم امتلاكك لذلك الحق ، هو النص عليه ، في القانونين الاسمى (الاعلى ) ، في العراق ، وهما (الدستور الاتحادي ودستور الاقليم ) ، فالدستور الاتحادي ومسودة مشروع دستور الاقليم مطابقان ، في هذا الجانب تماما . خلاصة القول : نلاحظ بان المطالبة – موضوع البحث – تتضمن امورا ، هي اصلا مثبتة في مشروع دستور الاقليم ، وبالكيفية المبينة آنفا ، مما يجعل الضجة المثارة ، حولها بهذا الخصوص ، لا مبررة لها .
كم كنا نتمنى ، لو كانت الجهود المبذولة ، في هذا المجال موجهة ، لادراج الحوادث المؤلمة ، التي عصفت بشعبنا ، في تاريخه المعاصر ، منها (محرقة قرية صوريا ومذبحة سميل )- على سبيل المثال لا الحصر- في ديباجة الدستور الاتحادي (بعد تعديله ) وفي مقدمة مشروع دستور اقليم كردستان ، لكان ذلك ، قد لاقى قبولا واستحسانا من الجميع ، لا يضاهيه شيء آخر . – ولابد من الاشارة هنا ، بان أي خروج ، عما ورد في الدستور الاتحادي( دون الاخذ بنظر الاعتبار ما ورد في المواد (110 – 114-115 ) منه ، يعتبر خرقا للمادة (125) من ذلك الدستور (الدستور الاتحادي) ، وبالتالي يكون مثارا للطعن امام المحكمة الاتحادية العليا ، والحكم بعدم دستوريته ، استنادا الى احكام المادة (13) منه ، حيث نصت:
اولا:- يعد هذا الدستور ، القانون الاسمى والاعلى في العراق ، ويكون ملزما في انحائه كافة .
ثانيا :- لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور ، ويعد باطلا كل نص يرد في دساتير الاقاليم ، او اي نص قانوني آخر يتعارض معه .
فلنتذكر دوما ، بان الذي ، يبدي تودده لك ، وفي نفس الوقت ، يكره اخاك ، فانه لا يحبكما كلاكما ، وانه يمارس سياسة( فرق تسد ) القديمة – الجديدة ، للوصول الى اهدافه من خلالكما ، ومن ثم رميكما خارجا ، بعد الفراغ من مهمته معكما …. – مما يستوجب علينا ، اتخاذ الحيطة والحذر دوما ، من الوقوع بشباك الغير ، والاستقواء به ، واللجوء اليه باطلاق ( التهديد والوعيد )، ضد اخينا وترويعه ، لان الغريب يبقى غريبا ، اما اخيك فلا بد ان يرق ويحن قلبه عليك ، في يوم من الايام ، وان طال الدهر .
وعلينا ان نتعظ ، من تجارب الماضي ، وان لا نحاول اعادة التاريخ ، مرة ثانية .لان الخسارة ، في هذه الحالة ، سوف تطال الجميع ، وان كانت بعد حين .
واخيرا ارجو عدم ايراد تعليقات او تعقيبات ، على مقالنا هذا ، تتضمن طعنا ، باشخاص وجهات معينة ، لان مقالنا هذا ، يتصف بالعمومية ، وبعيد عن الشخصنة ، اما اذا شعر احد ، بانه يمسه ، فهذا شأنه ، وليفكر في نفسه ، لماذا هو المقصود ؟ دون غيره ، فعلينا ان لا نحاول نشر غسيلنا ، امام أعين الآخرين ، لكي لا نثخن من جراحنا ، في الوقت الحاضر – حيث يحاول البعض منا ذلك الآن ، دون تمعنه ، بما يترتب على تصرفه هذا ، من نتائج كارثية مستقبلا ، تلحق الجميع ، دون استثناء ، حيث لا فرق عند الغير بين ( العم شعونا او العم اوشانا او العم نيقاديموس) – الا بقدر تعلق الامر بمصالحه .
فاذن نعيد ونكرر ، بانه ليس هناك تطاولا او تجاوزا ( وهذا ما ثبت لنا من خلال دراستنا هذه) ، من جهة من الجهات المشار اليها أعلاه ، على حق غيرها واغتصابها له ، بل هناك مساواة تامة بين تلك الجهات ، من حيث حقوقها واسمائها المدرجة كاملة ، في المستندات الرسمية المعتمدة ، في العراق ( الدستور الاتحادي ومشروع دستور اقليم كردستان –العراق ) ، كقوميات مستقلة ، لا ينازعها في ذلك منازع . ونحن شخصيا لسنا بمستعدين ، للاجابة على أي تعليق ، والدخول في سجال ، في هذا المجال .
وكما نتمنى من القراء الكرام ، عدم التطرق الى امور جانبية ، لا علاقة لها ، بالموضوع المبحوث. فاذا حاول البعض ، السير بمنحى آخر ، فهنا اود ان ابين ، بانني (( اكثر كلدانية ممن يدعيها ، وهو اكثر اشورية ، ممن يدعيها )) . — فالتفت أحد اللصين ، الى يسوع وقال له (( اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك )) ، فقال له يسوع ، (فهل معك ما يثبت هويتك القومية )، فقال بلى يارب ، فقال له يسوع ( اذن اليوم تكون معي في ملكوت السماء ، والتي اعدت لامثالكم ) 2
———————————————-
1- وسائل الاعلام المختلفة –
2- آية افتراضية اقتضاها – موضوع البحث – { حاشا والف حاشا ، ان يكون ما ورد في الآية الافتراضية أعلاه ، ضمن الرسالة التي اتى بها ربنا وسيدنا ومخلصنا –يسوع المسيح – له المجد }، آمين