زوعا اورغ/ وكالات
يعمل حيدر كاظم، وهو شاب يبلغ من العمر 18 عاما، في فرن خبز في العاصمة العراقية بغداد، نحو عشر ساعات في اليوم الواحد.
وبراتبه الذي يبلغ عشرة آلاف دينار يوميا (نحو 7 دولار) يعيل عائلة مكونة من والدته، وأربعة أشقاء وشقيقات كلهم في المدرسة.
يقول حيدر لموقع “الحرة” إنه لم يفكر بجعل أشقائه وشقيقاته يتركون الدراسة، ويتابع “تركت المدرسة حينما توفي والدي في انفجار سيارة مفخخة بساحة عدن في مدينة الكاظمية ببغداد، ولا أريدهم أن يتحسروا الحسرة ذاتها”.
لكن اثنين من أشقاء حيدر اضطرا لإعادة العام الدراسي الماضي، لأنهم لم يكونوا يملكون اشتراكا يسمح لهم بتجهيز الإنترنت، الضروري لمتابعة دروسهم في الفترة التي تحول فيها الطلاب العراقيون إلى الدراسة من المنازل، بسبب انتشار فيروس كورونا.
“الكبير طالب في الثاني المتوسط، والأصغر طالب في الخامس الابتدائي، وكانا يحضران للدراسة في الفرن، لكن الأجواء لا تناسب أعمارهما، كما أن الجو حار جدا”، يقول حيدر، مضيفا “والدتي أمية، وأنا مشغول بالعمل هنا، فانتهى بهما الأمر إلى الرسوب”.
الحصول على إنترنت أصلا صعب في منطقة البطاويين حيث يسكن حيدر، أو في الجزء الذي يسميه العراقيون “التجاوز” وهو مجمعات بناء عشوائية، كما أن المحافظة على هوائي الإنترنت اللاسلكي من السرقة هو أمر صعب أيضا.
يبلغ سعر الهوائي الواحد 80 دولارا تقريبا، ويحتفظ حيدر بالهوائي الخاص به في “مكان آمن” كما يقول، بعد أن سرق هوائي آخر له قبل عامين.
ومن أجل الحصول على إنترنت، يحتاج حيدر لدفع 30 ألف دينار في الشهر على الأقل، كما إن الخدمة لا تصل بشكل جيد إلى منطقته “لا يحب مجهزو الإنترنت مناطق التجاوز”، كما يقول .
37 بالمئة من أطفال العراق “فقراء”
وتقول وزارة التخطيط العراقية إن هناك 30 بالمئة من العراقيين يقبعون تحت مستوى خط الفقر، الذي حددته بدخل شهري يصل إلى 115 ألف دينار (نحو 80 دولارا) شهريا.
مع هذا، هناك عدد كبير من الأسر التي تقع على “حافة الفقر”، بحسب تعريف المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، أي الأسر التي يقل دخل أفرادها الشهري عن 172 ألف دينار.
ويقول الهنداوي لموقع “الحرة” إن هناك “37 بالمئة من الأطفال العراقيين يعيشون دون مستوى خط الفقر”، بارتفاع قدره أكثر من 15 في المئة عن السنوات الماضية.
وبينما يجبر فيروس كورونا الأطفال على الدراسة من المنازل، تبدو آثاره أكثر وضوحا على الأطفال الفقراء، الذين لا يمتلك كثيرون منهم الموارد الكافية للاشتراك بالخدمة.
وازدادت نسب الفقر من 20 في المئة عام 2018، قبل الجائحة، إلى 30 بالمئة في عام 2021.
ولا يضرب الفقر أطفال جميع المدن العراقية بالتساوي، كما تشير إحصاءات وزارة التخطيط، فقد تضاعفت نسبة الأفراد الذين يقبعون تحت خط الفقر في مناطق الوسط والشمال (عدا كردستان)، مقارنة بعام 2018، كما يقول الهنداوي.
وتبلغ نسبة السكان الذي يقعون تحت خط الفقر في المحافظات الشمالية (عدا كردستان)، 43.6 بالمئة من السكان، أي أن نحو النصف من أطفالها يعانون أو لا يحصلون على المستلزمات الكافية للدراسة، ومنها الإنترنت.
فيما تبلغ النسبة هذه نحو 40 بالمئة في الجنوب، و26 بالمئة في الوسط، و11.9 في كردستان.
وتمثل عوامل النزوح المرتبط بالعمليات العسكرية التي شهدها العراق، وانتشار فيروس كورونا وتأثيره على الاقتصاد، وزيادة عدد أفراد الأسرة، والبطالة، أهم السمات المرتبطة بالعائلات التي تقبع تحت خط الفقر.
الدوام من المنازل لم يعلن بعد
ولم تعلن وزارتا الصحة والتربية العراقيتان بعد فرض الدوام من المنازل في هذا العام.
وقال مدير عام دائرة الصحة العامة العراقية، الدكتور رياض عبد الأمير، لموقع “الحرة” إن ” ذلك يعتمد على الوضع الوبائي في ذلك الوقت”، مضيفا “لم نقرر بعد”.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة، الدكتور سيف البدر، إن قرار الدراسة من المنزل أو من المدرسة عائد إلى وزارتي التربية والتعليم، وراجع للجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية التي تشرف على إجراءات محاربة فيروس كورونا في البلاد.
وأضاف البدر لموقع “الحرة” أن القرار يعتمد بشكل كبير على “كيف ستكون الأمور من ناحية تطورات الموقف الوبائي لجائحة كورونا”.
ووصل عدد الإصابات بفيروس كورونا اليوم الأربعاء، إلى أكثر من7700 حالة، بحسب إحصاءات وزارة الصحة، بانخفاض عن رقم قياسي سجل الشهر الماضي بأكثر من 12 ألف حالة.
مع هذا، فقد فرض العراق الدراسة من المنازل عام 2020، في وقت كانت فيه الإصابات اليومية المسجلة تتراوح بين 4-5 آلاف حالة يوميا.
وفي حال فرضت الدراسة مجددا، فقد يؤثر هذا القرار على نحو 13 مليون عراقي يقبعون تحت خط الفقر، أو على 37 بالمئة من الأطفال العراقيين، مضافا إليهم نسبة أخرى من الذين يقبعون “على حافة الفقر”.
ولم ترد وزارة التربية العراقية على سؤال موقع “الحرة” بشأن إجراءاتها لتخفيف وقع إيقاف الدوام في المدارس -في حال حصوله – أو إجراءاتها لضمان سلامة الأطفال، في حال قررت الموافقة على جعلهم يداومون من مدارسهم.