نبيل رومايا
هناك ما لا يقل عن أربعة ملايين عراقي ينتمون لجاليات عراقية موزعة على عشرات من دول المهاجر الإقليمية والعالمية، هؤلاء غادروا وطنهم منذ بداية القرن الماضي وأسسوا جاليات كبيرة متنفذة، واحتل أبناءهم مراكز كبيرة وحساسة اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية ومدنية.
وبالرغم مما يعانيه القادمون الجدد من صعوبات في التأقلم والاستقرار، لكن الأمل بحياة أفضل لهم ولأولادهم يدفعهم الى العمل الدؤوب والتألق.
هذه الجاليات العراقية يجمعها شيء واحد هو حبها للوطن والتعلق بماضي جميل رغم الصعوبات. ويحز في نفسها عدم إعطاءها المجال لتكون جزءا من المستقبل العراقي، وخاصة بعد حرمانهم من التعداد السكاني العراقي الذي جرى في الفترة الماضية.
من جهة أخرى، كان مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات قد اتخذ يوم الثلاثاء 23 آذار2021 قرارا بحرمان عراقيي الخارج من المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة متحججا بقانون مجلس النواب رقم 9 لعام 2020 والذي ينص على “يصوت عراقيو الخارج لصالح دوائرهم الانتخابية باستخدام البطاقة البايومترية حصرا”.
فأين هي البطاقة البايومترية التي على عراقيي الخارج الحصول عليها ليحق لهم المشاركة مع إخوانهم العراقيين في كل هذه الأمور. ولماذا يتحمل هؤلاء العراقيون وزر فشل المؤسسات الحكومية العراقية؟.
لقد نادى عراقيو الخارج ومنذ سنوات لتسهيل معاملات الحصول على الأوراق الثبوتية، وطالبوا مرارا وتكرارا بإشراكهم في الانتخابات البرلمانية عن طريق التصويت الإلكتروني غير المكلف، وباستعمال التكنولوجيا الحديثة المتوفرة اليوم في كل مكان.
إن العراق يحتاج الى جهود كل أبنائه المخلصين في الداخل والخارج، فبجانب الدور الأساسي الذي يقوم به العراقيون داخل الوطن، يمكن أن يلعب عراقيو الخارج دوراً إيجابيا في عملية البناء الديمقراطي لعراق المستقبل.
إن الكثير من عراقيي الخارج عملوا من أجل الخلاص من الدكتاتورية وساهموا فعليا في العملية السياسية في عراقنا الجديد، ويستطيع هؤلاء العراقيون المساهمة أكثر في مسيرة العراق نحو الاستقرار وبناء الدولة المدنية الديمقراطية.
إن عدم مساهمة الملايين من عراقيي الخارج في الانتخابات يمثل خللاً كبيراً في العملية الديمقراطية، ويحرم جزءاَ كبيراً وفاعلاً من المجتمع العراقي من أبسط حقوقه الدستورية، وهو حق الانتخاب، وإن الحجج والمبررات المطروحة من قبل مجلس المفوضين المدعوم من الكتل والأحزاب الطائفية المتنفذة، مثل التكاليف الباهظة والتلاعب والتزوير لتفسير عدم إشراك العراقيين بالخارج في الانتخابات غير مقبولة وممكن تجاوزها.
وكانت هيئة المتابعة لتنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج، وهي هيئة تعمل مع التيار الديمقراطي العراقي، وتضم العديد من التنسيقيات النشطة العاملة في انحاء العالم، قد أطلقت نداءً تطالب فيه بمشاركة عراقيي الخارج في العملية الانتخابية البرلمانية القادمة، وتعتبره واجب دستوري ووطني. وجاء في البيان:
“تعتبر الجاليات العراقية في الخارج جزءا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي للعراق، ويؤدي تهميشها الى خرق المادة ٢٠ من الدستور العراقي، التي كفلت حقوق جميع العراقيين بشكل متساوي واشراكهم في جميع الفعاليات التي تساهم في استقرار البلد وبنائه. لذلك نطالب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق التي ستشرف على انتخابات مجلس النواب في العام القادم، ان تأخذ على عاتقها اشراك الجاليات العراقية في دول المهجر والتي يزيد نفوسهم على أربعة ملايين مواطن، من أجل ضمان حقهم المشروع في المشاركة في الانتخابات لبناء عراق يضمن حقوق كل أبناء شعب”.
14 كانون الأول 2024