زوعا اورغ/ وكالات
في 3 أغسطس من العام 2014، شن عناصر تنظيم داعش الإرهابي هجمات وحشية على قضاء سنجار مما أدى إلى تشريد مئات آلاف النازحين من الأقلية الإيزيدية التي تعرضت لجرائم وصفتها الأمم المتحدة لاحقا بـ”الإبادة الجماعية”، والتي تضمنت القتل والذبح والاستعباد الجنسي للنساء والفتيات.
وبعد مرور نحو 7 أعوام على نزوحهم، يوضح تقرير خاص لموقع “Pbs” أن الكثير من الإيزيديين يشعرون باليأس من إعادة إعمار ما دمرته الحرب من بنية تحتية والمنازل والمرافق العامة.
وعمد تنظيم داعش، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، إلى استرقاق أكثر من 6500 من النساء والأطفال وتسبب العنف بتشريد أكثر من 350 ألف في مخيمات النزوح شمالي العراق.
ولا يزال أكثر من 120 ألف ممن عادوا إلى ديارهم يواجهون مصاعب تحول دون إعادة بناء حياتهم، كما يعيش غالبية الأفراد بدون خدمات حيوية منذ صيف عام 2014، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم ودعم سبل العيش.
ويقدر السكان المحليون أن هناك ما يصل إلى 80 مقبرة جماعية في منطقة سنجار، حيث جرى العثور على خمسة منها فقط في قرية حردان الصغيرة، والتي ضمت حوالي 150 جثة.
وقد بدأت عمليات استخراج الجثث، وتم حتى الآن التعرف على أكثر من 100 جثة ودفنها، في عملية بطيئة سببت مشاعر ألم للكثير من ذوي الضحايا.
وفي هذا الصدد يقول، شكور محلم، ضابط في الجيش العراقي، وينتمي إلى الأقلية الإيزيدية، إن ما يحدث بشأن إهمال العثور على المقابر الجماعية والكشف عن أسماء الضحايا هو إهمال حكومي ودولي، مضيفا: “أمة بأكملها تعرضت للذبح والتشريد، ولا أحد يهتم بنا”.
وعن ذكرياته الأليمة عندما اجتاح تنظيم داعش مناطقهم، يقول ملحم: “لجأت زوجتي الحامل مع أولادي السبعة إلى الجبال للنجاة بحياتهم، وهناك ولدت طفلتي التي أسميتها شنكال (الاسم الكردي لمنطقة سنجار).
وأضاف: “من المستحيل على الأيزيديين البدء في إعادة بناء حياتهم هنا حتى يعرفوا مصير أحبائهم على وجه اليقين، فلا يزال الكثير منا لا يعرف مصير المفقودين من أطفالهم وأسرهم، وهل هم أحياء أو لا يزالون في قبضة ما بقي من خلايا داعش”.
وتابع: “فلذلك ليس من المستغرب أن يتألم الناس ويشعرون أنهم قد جرى التخلي عنهم، فأنت عندما تموت، تموت مرة واحدة، أما من فقد أحبائه ولا يعرف عنهم أي شيء فإنه يموت في اليوم مائة مرة”.
“لا مستقبل لنا”
وكانت الحكومة العراقية قد أقرت عبر سن قوانين ومراسيم أن ما حدث مع الأيزيديين هو “إبادة جماعية” مما يمهد حصولهم على مساعدات ومعونات بالإضافة إلى إعادة إعمار منازلهم ومناطقهم.
ولكن، خليل مراد مشو، وعائلته لازالوا حتى اللحظة عاجزين عن بناء منزلهم الذي دمره المتطرفون بالديناميت، موضحا أنه قد أقام خيمة لعائلته قبل 9 أشهر ليعيشوا فيها على أمل أن تنبي لهم السلطات دراهم مرة أخرى.
ويردف خليل بأسى: “من الصعب حقًا أن تعيش في خيمة وأن ترى منزلك أمام ناظريك في حالة خراب، ما نخاف منه حقًا هو الثعابين والعقارب التي تختبئ تحت هذه الأنقاض”.
ويختم بالقول: “ليس لدينا مستقبل.. ولا يمكننا استعادة حياتنا القديمة مرة أخرى. من الصعب حقًا إنشاء منزل هنا”.
اضطرابات سياسية وعسكرية
وليس فقط نقص الموارد ما يعيق عودة الأيزيديين إلى مسقط رأسهم والعيش من جديد فيها، فبحسب كلام بعضهم، قد أضحت منطقتهم تعج بالاضطرابات السياسية والميدانية مما يجعلها غير مستقرة وصالحة للسكن فيها مرة أخرى.
فبعد القضاء على داعش، لا تزال تنتشر قوى عسكرية بأجندات مختلفة تخلق أجواء مضطربة فبالإضافة إلى قوات العراقية الحكومية، هناك ميليشيات الحشد الشعبي وقوات “البيشمركة” الكردية، وعناصر حزب العمال الكردستاني الكردي مما يعرض المنطقة على الدوام إلى غارات تركية.
وقد أظهر استطلاع حديث أجراه معهد السلام الأميركي أن 53 بالمائة من سكان سنجار (جميعهم عادوا من النزوح) لا يشعرون بالأمان في المنطقة، ويعتقد 96 بالمائة أنهم معرضون لخطر العنف والقتل.
خيارات أكثر قسوة
ولكن البدائل ليست أفضل بكثير، وفقا لرأي الكثير من الأيزيديين، إذ أن ما يقرب من 200 ألف منهم يعيش في مخيمات نزوح في شمال العراق.
ومن تلك المخيمات، مخيم شاريا بالقرب من بلدة دهوك في إقليم كردستان العراق، حيث لجأت ذات مرة الناجية الأيزيدية ليلى تالو وعائلتها.
وقالت ليلى، إنها التقت في المخيم بابنتي أختها، شيماء وسهيلة ، بعد قضت أعواما وهي مستبعدة جنسيا في أوكار داعش بين سوريا والعراق.
وكانت ليلى قد فقدت زوجها عند هجوم قبل بضعة أعوام، وكان عمرها آنذاك 25 عاما، وتأمل أنه تجده يوما ما ليضم في أحضانه ابنهما الذي استطاعت أن تنقذه مع أخته من معسكرات داعش.
وترى، أنه لا يوجد مكان تود العيش فيه سوى سنجار، موضحة: “لا أشعر بالغربة في مكان من العراق، لكن شنكال (سنجار) تبقى أرضنا”.
وفيما إذا كانت ستفكر في مغادرة العراق كما فعلت ابنتي أختها اللتين لجأتا إلى أستراليا، تقول: “لا يزال لي بعض الأمل بأن تحقق الحكومة وعدها بإعادة إعمار شنكال وتهيئة الظروف المناسبة لعودتنا”.
وزادت: “نريد أن نعيش حياة طبيعية، هذا ليس طلبًا كبيرًا، نريد فقط معلومات عن المفقودين وإعادة بناء شنكال… لقد مرت 7 سنوات ما زلنا نعيش في المخيمات، إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ وإلى متى سنبقى مهجرين في وطننا”.