فواد الكنجي
رؤية لمعاناة (الشعب الفلسطيني) وأطفال (غزة) تحت وطأة بارود الحرب.. والانفجارات.. والقصف بالطائرات والمدفعية.. واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا.. والقتل الوحشي.. يشهدها العالم اجمع؛ العالم العربي والإسلامي قبل العالم الغربي؛ ودون اكتراث بصرخات.. وجراح.. وانيين الأطفال؛ وهم محرمين من أبسط معاني الحياة الكريمة الآمنة في ظل الصراعات الدموية وهم يعيشون تحت وطأة النار والرصاص .
مشاهد مؤلمة.. ولا احد يكترث بما يحدث في (غزة)………………!………………..!
سبعة عقود وأكثر تمر على النكبة (الفلسطينية)؛ و(الشعب الفلسطيني) لا يزال يعاني إلى يومنا هذا، وبعد أكثر من ستين يومنا على بدء العدوان (الإسرائيلي) الغاشم على قطاع (غزة)؛ وبما فرض من حصار على أبناء شعبنا (الفلسطيني) بقطع الماء.. والكهرباء.. والاتصالات.. وامتدادات التموين الغذائي من معبر (رفح) الحدودي؛ لتسود في عموم مدينة (غزة) أوضاع مزرية يعيشها المواطن وهو في حالة الارتباك.. والخوف.. والقلق.. والظلم.. والتشريد.. والقهر.. لا يعرف أين يهرب……….!
أين يلجئ……….!
بعد أن تقطعت عنه كل سبل النجاة، وبعد إن أصبحت كل الطرقات جحيما لا تطاق ولا يمكن اجتيازها وبكل ما لم نكن نتوقع أن يحدث.. وقد حدثت، مجاز.. وقتل.. ودمار.. ولم يسلم منها لا بشر.. ولا حجر.. ولا شجر، هذا الحجم من الإجرام واقع فرضته (إسرائيل) على مدينة (غزة)؛ وأمام مرأى كل المنظمات الإنسانية والحقوقية وهيأت الدولية المعنية بحقوق الإنسان والطفولة .
فـ(المقاومة الفلسطينية) من خلال (طوفان الأقصى) أرادت أن تعيد القضية (الفلسطينية) إلى الواجهة، وتجد حلا لها بعد إن تصاعدت هجمات العدو (الصهيوني) على أهلنا في (الضفة الغربية) واعتداءا على (المسجد الأقصى) ومحاولة المتطرفين من (اليهود الراديكاليين) تدنيس باحته ولأكثر من مرة، وكذلك أرادت (المقاومة الفلسطينية) تحريك ملف الأسرى (الفلسطينيين) القابعين في سجون الاحتلال منذ عقود بعد إن تجاوز أعدادهم أكثر من احد عشرة آلاف أسير (فلسطيني) يضاف إليهم أكثر من خمسة آلاف (فلسطيني) لأعداد السابقة من الأسرى تم أسرهم مؤخرا أثناء العملية الأخيرة للعدو (الصهيوني) في مدينة (غزة) .
لذلك لم يكن أمام المقاومين (الفلسطينيين) الإبطال – الذين نذرو أنفسهم فداءا للوطن – إلا السعي بكل وسائل الممكنة لتحرير كل الأسرى.. وتحرير كل (فلسطين)؛ وهذا الفعل – لا محال – لا بد له من تضحيات؛ من أجل تحرير (فلسطين) و(المسجد الأقصى) و(الأسرى)، ولتحقيق ذلك لابد من تقديم التضحيات – ومهما كان الثمن غاليا – كدلالة واضحة على رفض ما يقوم به (المحتل الإسرائيلي) من مجازر وعدوان وقصف همجي على (الضفة الغربية) والقطاع، وخاصة ما حدث من مجازر بقتل المواطنين العزل أطفال.. ونساء.. وشيوخ عجز؛ الذين لجئوا إلى المدارس والمستشفيات في شمال القطاع (غزة) حيث تم قصفها بكل وحشية؛ والذي أدى إلى استشهاد الكثير من (فلسطينيين) معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن؛ وسط تفاقم الوضع الإنساني في القطاع، وأبشع ما يحدث؛ يحدث بحق (الأطفال) إذ يتعرضون لمعاناة شديدة جراء القصف وتدمير المنازل والمنشات المدنية؛ حيث استشهد أكثر من ستة ألاف طفل – لحين كتابة هذه الأسطر– وجرح الكثير منهم ومنهم يتعرض لبتر أطراف؛ تضاف له معاناة أخرى سيعاني منها طوال حياته، لأنها تخلف له عاهة جسدية دائمة، ومطلوب منه أن يتعايش معها طوال حياته؛ ما يسبب لبعضهم مشاكل نفسية في الطفولة وكلما تقدم العمر به، ويأتي هذا المصاب بحق أطفال (غزة) بسبب القصف العنيف الذي يستهدف المنازل.. والمدارس.. والمستشفيات، وتزيد مأساة (الأطفال) في (غزة) في ظل الحصار الخانق وسياسة التجويع التي يمارسها الاحتلال (الإسرائيلي) ضدهم، لترى وجوه كل أطفال (غزة) وقد كساه الآسي.. والحزن؛ نتيجة ما يترك القلق.. والخوف.. والرعب؛ من آثار نفسية حادة في نفسيتهم وسلوكهم؛ وهو التأثير الأسوأ الذي طغى على وجوههم بنظرات الهلع والارتعاب، وبدئ واضحا في بنية أجسادهم التي شلت عن الحركة من هول ما يتعرضون هم وعوائلهم، فتوقفت معها قدرتهم على الحديث.. والحركة، واختنقت أنفاسهم بين بكاء.. والصراخ.. وعيون ملئها دموع تبحث عن الأهل بين المستشهدين؛ ومن لا يزال تحت الأنقاض .
و كل ما يحدث بحق أطفال (غزة) والتي تدخل ضمن نطاق (جرائم الحرب)؛ لم يتم حتى إجراء تحقيق في الأمر؛ علما بان (المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية – كريم خان) زار مدينة (رفح) على حدود (غزة) نهاية تشرين الأول؛ ولكن – لحد كتابة هذه الأسطر– لم يصدر مذكرة اعتقال لا بحق المجرم (بنيامين نتنياهو) ولا بحق أي من (قيادة الجيش الإسرائيلي)، لماذا…………..؟
لان (إسرائيل) كيان محمي بسلطة (أمريكا) التي منحتها حصانة؛ لا يحق لأية جهة معاقبة (إسرائيل)، لذلك تعبث وفق ما تشاء؛ لان وكما يقال المثل (من امن العقاب أساء الأدب) والأخلاق؛ وهذه تصرفات واضحة في سلوك الكيان (الإسرائيلي) وتصرفاتها أللأخلاقية اتجاه أهلنا في (فلسطين).
نعم .. لقد تعرض الأطفال في (غزة) لجملة لا تعد ولا تحصى من المخاطر بعضها يصعب تصورها؛ ومن بين أبرز هذه المخاطر أهوال التيتم.. وموت الأم أو الأب والأخ والأخت أمام أعينهم.. والإصابة بالجروح.. والنزوح.. والانفصال عن الأسرة؛ إضافة لفقدان فرص الحصول على لقمة عيش تسد رمقهم والرعاية الصحية.. والتربوية.. والتعليمية، وهو ما قد يؤدي بهم – لا محال – إلى تحطيم نفسيتهم.. أو يترك آثارا طويلة المدى في النفس والسلوك بعد الإصابة بجرح أو مرض لم يتم علاجه أو تعذرت مداواته؛ بعد إن تواصل العدو (الإسرائيلي) المحتل قصف (قطاع غزة) جوا.. وبحرا.. وبرا؛ وبكل وحشية وكعقاب جماعي لأهل (غزة)، ولم يكتفي العدو (الإسرائيلي) بالقصف فحسب بل وصلت جرائمه المرتكبة إلى مستوى جرائم حرب؛ بعد إن تمادى في قطع الكهرباء.. والمياه عن (غزة) وتدمير للبنى التحتية بمدينة (غزة) واستهداف المدارس والمستشفيات التي اكتظت بالمواطنين وجلهم من الأطفال.. والنساء.. وشيوخ عجز؛ من الذين نزحوا إليها هربا من وحشية القصف للمناطق السكنية وهدم منازلهم.. وتدمير الطرق.. وقطع الكهرباء والمياه.. ومنع وصولها لتشغيل مرافق المياه والصرف الصحي.. وقصف أغلب أفران ومخابز في (غزة) وكافة لوازم المعيشة.. وقصف المنشآت المدنية والمشاريع الحيوية.. وتدمير الطرق والجسور لمنع الحركة ووصول سيارات الإسعاف للمستشفيات، وكل هذه الجرائم والهجمات البربرية يرتكبها العدو(الإسرائيلي) وهو متعمد لتدمير البنية التحتية وحياة المدنيين وزيادة معاناتهم في (غزة)، علم بان هناك بحدود (مليونين وأربعمائة ألف نسمة فلسطيني) يعيشون في (غزة)؛ وهم الآن يعيشون تحت قسوة الاحتلال والحصار، وكل هذه الجرائم تشكل انتهاكا صارخا لـ( القانون الدولي) واتفاقيات (جنيف) وبروتوكولين الإضافيين اللذان رافق ذلك؛ والتي تجرم مثل هذه الأفعال؛ لان هذه الجرائم ترتقي إلى مستوى (جرائم الحرب) و(جرائم ضد الإنسانية) .
إن استمرار العدو (الإسرائيلي) بارتكاب جرائمه على قطاع (غزة) و(الضفة الغربية) تجاوزت كل القوانين والخطوط الحمراء والأعراف الدولية؛ لذلك اتسع نطاق التظاهرات العالمية ضد استمرار حرب في (غزة) والإبادة الجماعية التي يرتكبها بحق (الشعب الفلسطيني) الأبي، نعم إن (الجرائم الصهيونية) تجاوزت كل حدود الإنسانية ولأعراف الدولية وأثبتوا عجزهم القضاء على تطلعات (الشعب الفلسطيني) في الحرية وحق تقرير المصير .
فالجرائم والمجازر الدموية التي يرتكبها الجيش (الإسرائيلي) المجرم؛ لا يجب إن تمر بدون عقاب لمن أعطوا الضوء الأخضر لها بالإبادة الجماعية للشعب (الفلسطيني)، ولكن للأسف؛ رغم فداحة الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها جيش (الاحتلال الإسرائيلي) بحق (الشعب الفلسطيني) في (غزة) و(الضفة الغربية)، وأمام كل هذه الجرائم وحرب الإبادة؛ تغيب (الدول العربية) قبل (الدول الغربية) عن المشهد؛ وكأن ما يحدث في (فلسطين) تصعيد منعزل عن (محيطه العربي) ودون أن يكون هناك توجه عربي موحد تجاه (القضية الفلسطينية) التي كانت وما تزال قضية مركزية لكل شرفاء العرب؛ ولم يؤثر كل ذلك في مواقف حكام العرب، فوقفوا موقف المتفرج الذي تحول بصورة غير مباشره لمصلحة (الكيان الصهيوني)، لان بعض من الحكام العرب سرا كان أم علنا متواطئين مع الكيان (الصهيوني)؛ وهو منطق نستشفه من خلال الموقف المتخاذل الذي يشجع (الصهاينة) على ارتكاب المزيد من القتل والإجرام بحق (الشعب الفلسطيني) أمام أنظارهم، لان ليس هناك أي تبرير منطقي ومقبول لمواقفهم المشجعة لـ(الكيان الصهيوني) على استمرار عدوانهم على قطاع (غزة)، وخصوصا في هذا التوقيت الذي تلقى فيه أكثر ضربات المقاومة (الفلسطينية) وجعا على (الإسرائيليين)؛ ولكن دون مساندة عربية واضحة لاستكمال طريق تحرير (فلسطين)؛ لان (الدول العربية) تعيش حالة من فوضى غير مسبوقة في تاريخها المعاصر والتي دفعتهم القوى الخارجية إليها بعد إن تم تمكينهم من قبل حكام العرب أنفسهم لاحتلال (العراق) من قبل المستعمر (الأمريكي)؛ بعد إن فتحت (الأنظمة العربية) أراضيها لجيش (الأمريكي) طريقا معبدا لها لـ(احتلال العراق) في عام 2003؛ دون إن يعوا بان مخاطر (احتلال العراق) هو الذي مهد تدريجيا لسقوط النظام العربي الإقليمي؛ ليتبعه سقوط الأنظمة العربية واحد تلو الأخر، وبعدما أدت إلى تفاقم الأوضاع الداخلية لكل الدول العربية بعد اتساع ركعة الحروب الأهلية والانتفاضات الداخلية – وبما سميي الربيع العربي.. وهو ربيع اسود – قاد إلى تفكيك (الدول العربية) وإسقاط أنظمتها بدلا من إصلاح أنظمتها؛ وتفكيك جيوشها بدلا من توسيعها؛ وعدم استحداث أنظمتها لا الدفاعية ولا الهجومية؛ ليصبح الجيش العربي مجرد هيكل بلا روح، ولم تعد هناك أية مناعة وطنية أو قومية، ودخل (العرب) مسلسل أعذار لتبرير تجاهلهم (القضية الفلسطينية) واستعدادهم لنسيانها، وهذا كله كان ضمن مخطط الاستعماري (الأمريكي) لتفكيك المنطقة ليتم إرغام (العرب) على قبول (إسرائيل) وتطبيع معها، لان (إسرائيل) بنسبة إلى (أمريكا) هي ركيزة من ركائزها الاستعمارية في المنطقة لتكون بؤرة استعمارية مستثناة من عقوبات القانون الدولي، لذلك تم بكل وسائل دعمها – أي (إسرائيل) – وتمكينها في المنطقة؛ لدرجة التي هي من سعت لتقديم تسهيلات لأي (دولة عربية) تقوم بـ(تطبيع) مع الكيان (الإسرائيلي) اقتصاديا.. وعسكريا.. وماديا.. وحماية أنظمتهم، ولهذا التوجه تسارعت – للأسف – الدول العربية واحدة تلوا الأخرى لتطبيع مع دولة الاحتلال (الإسرائيلي)؛ فدخلوا في هذا الخندق المغزى وطبعوا ولم يحفظوا كرامة شعوبهم.. وأمنهم.. واستقلالهم؛ بل سعوا إلى توسيع نطاق التعاون مع دولة الاحتلال (الإسرائيلي) على كل المستويات امنيا.. واقتصاديا.. وعسكريا.. بل تسارع زعامات (المنطقة العربية) لإرضاء قادة (إسرائيل) وطلبوا منهم زيارتهم وإبداء فروض الولاء والطاعة لهم ليفرشوا لهم سجادة حمراء – وهي سجادة ملطخة بدماء الخزي والعار والسقوط الأخلاقي – تحت أقدام (حاخاماتهم اليهود) النجسة من الذين يزرون مدنهم العربية، ليسعى الموساد (الإسرائيلي) بكل وسائله القذرة تنفيذ مخططاته بتخلخل في كل مؤسسات (الدول العربية) المتطبعة السيادية.. والأمنية.. والاقتصادية.. والعسكرية؛ ليدخل تدرجيا فكر تطبيعي لـ(المجتمع العربي) باسم التحاور.. والتواصل.. وتلاقح الثقافات.. وتداخل الحضارات؛ يفتحوا أسواق مدنهم ومكتباتهم ودور الثقافة لثقافة (الصهيونية) وللبضائع (الصهيونية)، بل منحوا للكيان (الصهيوني) أراض لإقامة قواعد عسكرية مشتركة ليتم لـ(الصهاينة) و لـ(لأمريكان) رسم سياسات المنطقة وفق مأربهم الدنيئة وفيما هو عبث حقيقي بأمن المنطقة ونهب ثرواتها والاستيلاء على نفطها، ليحولوا (ألأمة العربية) إلى امة عاجزة عن إطعام نفسها من ثرواتها الوطنية .
وانطلاقا من هذا المحور وبعد مضي أيام.. وأسابيع.. وأشهر من مجازر الوحشية التي ارتكبتها وترتكبها (إسرائيل) ضد (الشعب الفلسطيني) في (غزة) و(الضفة الغربية)؛ لم يلقى صدى التعاطف المتوقع بين (الشعوب العربية)، بل صور الأمر حسب رؤيتهم وكأنه تصعيد منعزل عن محيطه (العربي) من دون أن يحرك كل ذلك ساكنا في ضمير ووجدان هذه الأنظمة ليستنكروا وينددوا بالعدوان (الإسرائيلي) على أبنائنا في (فلسطين)، بل وأكثر من ذلك لم يجرئوا هؤلاء الزعماء (العرب) على التنديد الصريح والمباشر بالعدوان (الصهيوني) العنصري.
وهنا من حق أي مواطن عربي شريف إن يسال لماذا………..؟
ليس هناك أي تفسير لموقف هؤلاء الزعماء، سوى كونهم يتراكضون وراء التطبيع……….!
……….!
في وقت الذين لو اتخذوا أي موقف عملي، مهما كان صغيرا؛ لأجبروا (الكيان الصهيوني) على وقف عدوانه الهمجي على (مليونين وأربعمائة ألف نسمه (فلسطيني) يعيشون في مدينة (غزة)، لان ما يجري في القطاع لا يمكن أن يتحمله أي إنسان يحمل ذرة من الكرامة..والشرف.. والنخوة.. والضمير .
علما بان (السكوت العربي) هذا من شانه إن يشجع (إسرائيل) إلى ارتكاب جرائم أكثر بشاعة بحق أهلنا (الفلسطينيين) في (الضفة العربية) لان قبل أحداث (غزة) كانت الإحداث تتصاعد بشكل غير طبيعي بفعل ممارسات (المستوطنين الصهاينة) و(القوات الإسرائيلية) والاعتداء على المقدسات خاصة (المسجد الأقصى)، وكانت حدة التوترات تتصاعد يوميا في (الضفة الغربية) بين (المستوطنين) وأهالي (الفلسطينيين)؛ إذ تزايد عدد الشهداء والجرحى في (الضفة الغربية) بشكل ملفت؛ إلى جانب مزيد من الاعتقالات التي يقوم بها الجيش (الإسرائيلي) خلال مداهماته قرى وبلدات في (الضفة الغربية)؛ بعد إن تصاعدت حدة توترات بين الجيش (الإسرائيلي) وأهالي (الضفة الغربية) وفصائل المقاومة، ما تسبب في مقتل وإصابة واعتقال المئات؛ وتركزت عمليات الاعتقال في (جنين) و(الخليل) فيما توزعت بقية الاعتقالات على محافظة (رام الله) و(طولكرم) و(نابلس) والجزء الشرقي من مدينة) القدس( و(الخليل) و(قلقيلية) و(بيت لحم) و(أريحا)، وخلال فترة التي سبقت أحداث (غزة) في (السابع من تشرين الأول 2023) ارتفعت حصيلة الاعتقالات؛ ليتم اعتقال بحدود أربعة ألاف (فلسطيني) علما بان مخطط (الإسرائيلي) يقضي إلى حسم الصراع في (الضفة الغربية) وذلك بطريقة (التوسع الاستيطاني) وضمها إلى دولة ما يسمى (بإسرائيل)، ليتم تقويض أي فرصة لـ(الاستقلال الفلسطيني) وإقامة (الدولة الفلسطينية) .
فـ( السلطة الفلسطينية) في (الضفة الغربية) تمارس بدرجات متفاوتة من السلطة؛ وفي مناطق مقيدة في (الضفة الغربية) بسبب الوجود المستمر لجيش الدفاع (الإسرائيلي)، ولم تمارس أي سلطة على الأهالي (الفلسطينيين) في (القدس الشرقية) بسبب بسط (إسرائيل) القانون والسلطة على (القدس الشرقية) منذ عام 1967 وفرض إسرائيل حظرا على أي نشاط للسلطة (الفلسطينية) في أي مكان بمدينة (القدس)، لان وفق اتفاقية (أوسلو) قسمت (الضفة الغربية) إلى ثلاث مناطق إقليمية وهي (( ..منطقة (أ) و( ب) و( ج)، حيث تقع المراكز السكانية (الفلسطينية) في (الضفة الغربية) في الغالب في المنطقتين (أ) و(ب )، فيما توجد الأراضي الزراعية والمجتمعات الريفية (الفلسطينية) في المنطقة (ج)، وتتولى (السلطة الفلسطينية) المسؤولية الرسمية عن الإدارة والأمن في المنطقة (أ) والتي تشكل أصغر جزء بنسبة 18 في المائة في (الضفة الغربية)؛ لكن قوات الأمن (الإسرائيلية) قامت بعمليات أمنية هناك في الكثير من الأحيان على رغم من إن السلطة (الفلسطينية) تحتفظ بالسيطرة الإدارية على المنطقة (ب)؛ في حين يتم تقاسم الأمن بين (إسرائيل) و(السلطة الفلسطينية) في المنطقة (ب)، التي تشكل 22 بالمائة من (الضفة الغربية) و تحتفظ (إسرائيل) بكامل السيطرة الأمنية والإدارية على المنطقة (ج)؛ وقد حددت معظم أراضي المنطقة (ج) بكونها إما مناطق عسكرية مغلقة أو مناطق خاضعة للتخطيط الاستيطاني، وقد حافظت السلطة (الفلسطينية) على التنسيق الأمني مع (إسرائيلي) طوال هذه الفترة..))، ولكن سلطة (إسرائيل) تسعى جاهدة وبكل وسائلها القذرة استغلال الأحداث أو خلق أحداث مصطنعة في (الضفة الغربية) لتحقيق أهدافها في (الضفة الغربية) وذلك عبر:
الأول… إشعال نزاع داخلي في (الضفة الغربية) لتجعل (السلطة الفلسطينية) تنهار من الداخل؛ حينما تقوم السلطة في تدخل لحل نزاع داخلي وحرب داخلية وخلافات كبرى بين الفصائل والمجتمع (الفلسطيني) وهذا ما يسبب تقاعس الأجهزة الأمنية من أداء دورها بشكل سليم.
وثانيا… تقويض (السلطة الفلسطينية) بعد إن تدفع (إسرائيل) بعض أفراد الأجهزة الأمنية للاشتباك مع القوات (الإسرائيلية) ليتم حينها تدخل (إسرائيل) لـتدمير (السلطة الفلسطينية) وبنيانها المدنية والغير المدنية.
ومن ملاحظ بان خلال المرحلة التي سبقت أحداث (غزة) شهدت (الضفة الغربية) أعمال العنف من قبل (المستوطنين الإسرائيليين) لدرجة التي أصبحت (حكومة إسرائيل) هي من تحكم وتفرض سيطرتها على كافة أنحاء (الضفة الغربية) من خلال قوات (الأمن الإسرائيلية) التي تشمل (قوات الدفاع) وجهاز (الأمن العام) الإسرائيلي (شين بيت)، والشرطة (الإسرائيلية)، و(حرس الحدود)، علما بان هذه الجهات الأمنية (الإسرائيلية) ارتكبوا انتهاكات لا حدود لها بحق أبنائنا في (الضفة الغربية) ولم تتمكن (السلطة الفلسطينية) إن تمارس دورها في (الضفة الغربية) بسبب الوجود المستمر لجيش الدفاع (الإسرائيلي) الذي قيد سلطتها بهذا الشكل أو ذاك، حيث ما زالت القوات (الصهيونية) تقتحم المدن والقرى (الفلسطينية) في (الضفة الغربية) يوميا؛ بل أنها تمارس أعمال بربرية ووحشية بقتل واغتيال وهدم المنازل (الفلسطينيين)، وتدمير البنية التحتية وتخريب الطرقات، في أعمال ثأر انتقامية وحشية من (الشعب الفلسطيني) في (الضفة الغربية) .
لذلك فان أوضاع في (الضفة الغربية) قابلة للانفجار في أية لحظة؛ وسيكون الوضع هناك كارثيا بكل المقاييس، لان (إسرائيل) تحاول تنفيذ مآربها الدنيئة في بسط سلطتها وضم (الضفة الغربية) إليها، وما لم تعي (الدول العربية) مخاطر ما يحدث في (الضفة الغربية) فان الأوضاع ستنزلق إلى ما لا يحمد عقباه، وعلى (الدول العربية) الأسرع بإقرار ومطالبة (الأمم المتحدة) والضغط على (أمريكا) وحلفائها بـ(حل الدولتين) وإقامة (دولة فلسطين المستقلة) وعاصمتها (القدس)؛ بموجب القرارات الدولية؛ باعتبار ذلك هو الحل الأمثل لاستقرار (فلسطين)، وان عدم الاكتراث بما حدث.. ويحدث في (غزة) سيكون أمره بمثابة نكسة في (الضفة الغربية)؛ لان الأمور ستنزلق بسرعة نحو الهاوية؛ وحينها لا ينفع (عقد قمم) و(اجتماعات طارئة) لا تقدم ولا تؤخر من واقع (القضية الفلسطينية) المشتعلة بالنيران الحرب (الآن)…………..!
………….!
لان ما حدث في (غزة) يجب إن لا يتكرر؛ لان (الشعوب العربية) لن تسكت وهي تجد حجم المعانات التي يذوقها الشعب (الفلسطيني)، لان من مخجل بكل إمكانيات (الدول العربية) يقفون عاجزين في رؤية شعب يقتل.. ويدمر؛ وهم لا يفعلون شي لإنقاذه (الفلسطينيين) من ظلم ووحشية العدوان (الإسرائيلي) .
لنجد بعد كل فاجعة وبما حدث.. ويحدث في (فلسطين) يعلن عن عقد (قمة عربية) عاجلة – وعاجلة بمفهوم حكام العرب – لا تأتي إلا بعد أمد طويل بعد أيام.. وأسابيع.. وبعد سيل دماء ألاف الأبرياء ( إذ بلع عدد شهداء الفلسطينيين الذين استشهدوا في (غزة) أكثر من خمسة عشر ألف شهيد من بينهم ستة ألاف طفل وأربعة ألاف امرأة؛ ونحو سبع آلاف مفقود وأضعاف هذه الأعداد من هو جريح؛ حتى الآن) – وقد تم اسر أثناء العملية الأخيرة للعدو (الصهيوني) على أكثر من خمسة آلاف (فلسطيني) – وهذا الأرقام مسجلة لغاية كتابة هذه الأسطر – من أبناء شعبنا (الفلسطيني) بسلاح العدو (الإسرائيلي) الغاشم، ليجتمعوا قادة العرب في دولة (السعودية)؛ وكانت (الجامعة العربية) قد دعت إلى الاجتماع بما يسمى بمنظمة (التعاون الإسلامي) التي يبدو أنها أيضا بطولها وعرضها تهاب (الكيان الصهيوني) و(أمريكا)؛ وإلا ليس هناك أي تفسير لموقف هؤلاء الزعماء الذين لم يتخذوا أي موقف حاسم لصالح أبناء (المقاومة.. والشعب الفلسطيني) بقدر ما كان اجتماعهم مجرد منبر لإلقاء خطب لا تقدم ولا تؤخر من شيء مما يحدث على الساحة (الفلسطينية) المشتعلة بالنيران (إسرائيلية) والمستنزفة دماء شعبنا (الفلسطيني)، فلو كانت الغيرة.. والنخوة.. على أبناء شعبهم (الفلسطيني) أخذتهم؛ لكانوا اتخذوا موقف عملي جاد؛ ولكانوا أجبروا (الكيان الصهيوني) على وقف عدوانهم الهمجي على (الشعب الفلسطيني) في (غزة)، لان ليس هناك أي منطق يؤخذ لهذا المواقف السلبية من قبل (حكام العرب) الذي يشجع (الصهاينة) على ارتكاب مزيدا من القتل والإجرام بحق (الشعب الفلسطيني) أمام أنظارهم وأنظار العالم، فهذا السكوت هو ما أوصلنا لهذه المرحلة؛ مرحلة (عدم الاكتراث) بما يصاب أهلنا في (فلسطين) إلا بعد إن تخلي (حكام العرب) عنها.. وعن مقدساتها.. وعن الدفاع عن حقوق الشعب (الفلسطيني)، لأنهم لو قاموا بإجراءات حقيقية رادعة وقوية:
لكانوا.. وضعوا حدا لهذه الحرب التي دمرت أبنائنا وحطمت مستقبلهم في (غزة) العروبة.
ولكانوا.. وضعوا حدا للإعداد الشهداء والجرحى التي تزاد في كل يوم يتواصل عدوان (الإسرائيلي) على (الفلسطينيين) سواء في (غزة) أو (الضفة الغربية).
ولكانوا.. وضعوا ملامح لسلام حقيقي بين (الفلسطينيين و(إسرائيليين) وخاصة بعد إن استؤنف القتال مجددا بعد هدنة قصيرة لم يتم استغلالها من قبل قادة العرب لوضع حد لهذا النزاع الدموي الذي ليس له مبرر، لان في نهاية المطاف لابد من الحل؛ والحل هو بإيجاد حل الدولتين، لان القصف الوحشي الذي تمارسه (إسرائيل) ما زال على حاله وأكثر ضراوة وقسوة.
لكانوا.. اجبروا العدو جلوس طاولة المفاوضات صاغرين؛ ليمنحوا (الفلسطينيين) حقوقهم المشروعة في الاستقلال والحرية وحق تقرير المصير، كما فعلوا معهم – صاغرين – ليجلسوا مع قادة العرب أثناء مفاوضات التطبيع .
ولكن للأسف إن لغياب (الوعي) و(الفكر الوحدوي) الذي كان واحد من أعمدة التي يربط نضال التحرر العربي بتحرير (فلسطيني)؛ هذا التوجه لم يعد قائما بعد إن توجهت المنطقة (العربية) التي تفتت وحدتها ووحدة قراراتها؛ بعد إن تواطأت أنظمتها مع (الأمريكان) و(الصهاينة)، وهذا الأمر هو الذي بعثر أواق العرب في اجتماعاتهم وعدم الاتفاق على قرار يوقف (إسرائيل) من عدوانها على (غزة) و(الضفة الغربية)، لان اغلب (دول العربية) اليوم مقيدة بعلاقات تطبيع وتبعية سياسية.. واقتصادية.. وأمنية، وهذه (التبعية) هي التي أبعدتهم عن (القضية الفلسطينية)، فهذه الحرب الجنونية التي تحدث في (غزة) لم تأتي إلا بسبب الانحياز (الأمريكي) و(الغربي) لـ(إسرائيل) لتشن حرب الإبادة على الشعب (الفلسطيني) وتشن أعنف هجوم على قطاع (غزة) باستهداف منازل (الفلسطينيين) وقتل أطفالهم وعائلاتهم وتفرض حصار وتجويعهم ومحاولة تهجيرهم من وطنهم مجددا .
فما ترتكبها (إسرائيل) بحق (الفلسطينيين) وضد شعب أعزل على مرأى ومسمع من العالم أجمع قد أسقطت قناع الإنسانية عن العالم .
لذلك يتحتم على (الأمم المتحدة) التزام بمسؤوليتها الأممية بدعم الشعب (الفلسطيني) في نيل حقوقه غير القابلة للتصرف بتقرير مصيره وتعزيز الحل العادل والشامل والدائم لقضيتهم في إقامة دولتهم المستقلة، والعمل بشكل جاد ومسئول ودون تسويف والمماطلة لإيجاد حل عادل ودائم للنزاع (الإسرائيلي – الفلسطيني) وذلك (بحل الدولتين) استنادا إلى قرارات (الأمم المتحدة) و(القانون الدولي) و(الاتفاقات الدولية) السابقة؛ والسعي لتطبيق قرارات الشرعية الدولية القاضية بعودة اللاجئين (الفلسطينيين) إلى بيوتهم.. ومدنهم.. وقراهم؛ بعد إن هجروا منها بقوة السلاح.. وبقوة الترهيب.. وبقوة الهجمات البربرية.. وبقوة القتل والتنكيل الوحشي، ومع كل ما يمارسه هذا (الكيان الصهيوني) الجائر المستبد؛ فمازال شعب (فلسطين) صامدا بأبطالهم ومقاوميهم الأشاوس؛ رغم أنهم دفعوا في كل هذه المواجهات مع هذا (الكيان الصهيوني) المجرم؛ أكبر ضريبة دم قدمها (الشعب الفلسطيني) منذ احتلال أرضه في عام 1948 .