شوكت توسا
كان تشابك الاجندات وتعدد اطرافها المتصارعه في العراق , سببا حيويا جعل من الوطن حلبه لاوباش غرباء غربيون وشرقيون, شماليون و جنوبيون, إلتموا بمعية ذيولهم على العراق كما تلتم الضباع على غزال سمين تعثروسقط ارضاً.
الجاره ايران ,ولاسباب فاقت تلك التي يمتلكها غيرها, امتلكت فرصا مجانيه مفتوحه لغرس مخالبها في عمق الجسدالعراقي (مذهبيا,اجتماعيا, سياسيا ,عسكريا, اقتصاديا), ظنا منها ان الربيع ربيعها, تلك حقيقه لا يمكن إقصاءهاعن بال كل متابع نبيه او حتى عن بال الامعات الضالعين في المشروع الايراني انفسهم ,فهم اي الضالعون يدركون ذلك ايضا لكنهم يتلعثمون خجلا من الافصاح عن ان هذا التغلغل سينقلب عاجلا ام اجلا وبالا على اصحابه, فالذي فعلته ايران في تغلغلها سواء كان عن وعي او من دونه , جاء بمثابة هديه من ملالي طهران لامريكا التي ينعتوها بالشيطان الاكبر وهي الباحثه عن من يدفع الاوضاع باتجاه تحقيق الفوضى الخلاقه التي طالما تغنى بها الامريكي كونها تختصر طرق تحقيق السيطره الضامنه لمصالحه فكانت ايران خير من يحقق لامريكا مرادها.
مع ذلك, هناك من يمتدح سياسة ايران ويمنحها ما لا تستحقه, نعم ربما يصح هذا المديح لو كانت المقارنه بينها وبين انظمة المنطقه ,لكن سرعان ما يسقط هذا المديح أمام تقييم سلوكية ايران و تعاطيها العشوائي مع دهاء ترخية الحبل الامريكي ,فقد كانت ايران السباقه في استغلال الانفلات بتشكيل أذرعها الميليشياويه باسم الشيعه لزرعها في الجغرافيات التي تتلاءم وفكرة صناعة الاقتتال الطائفي كالذي حصل في العراق خاصة في قسمه السني الذي أجبرته ممارسات هذه الميليشيات على البحث عن منقذ وليكن شيطانا لتنفذ بجلدها, وهذا بالضبط ما ارادته اميركا , حيث كانت شياطين قاعدة بن لادن جاهزة لترسيخ وتعميق الفوضى الكونداليزيه , ثم تلاها استقدام داعش ليكحلها بزيادة حبتين منحت ملالي ايران وميليشياتهم مزيدا من فرص بسط النفوذ , ومع صحوة العراقيين المتصاعده تضاعفت كراهيتهم لهذه الاذرع المشبوهه وللمساندين لها, هكذا ضربت امريكا اكثر من عصفور بحجره واحده والفضل يعود لجهد ايران وتماديها العشوائي .
عندما يتوهم الفقيه الايراني خامنائي بان لديه من الاوراق التي يمكن استخدامها لاستدامة ممارسة الكر والفر مع الكبار, فهويتخيل متمنيا ذلك بلا تغطيه منطقيه لأوهامه سوى بمنطقية المستهين بقدرات امريكا, سذاجة لا تختلف عن سذاجة الاعتقاد بان ايران ستكون طرفا مشاركا في تقاسم المكاسب مع الكبار.
جاء مقتل الشخصيه الرامبويه قاسم سليماني متزامنا مع تعاظم زخم المتظاهرين الشباب وشعبيتهم ليزيد من خيبة خامنائي الذي وجد ضالته في اللعب بورقة مقتدى الخاسره , لست مـتأكدا ان كان سعيا جادا منه للتعويض عن اوراق ميليشياته المحترقه, ام انه استخدم ورقة الصدر لتسقيط التيار .
أما حكومة السيد عادل الفاشله , فهي من النوع الذي لا يمتلك ادنى اخلاقيات الحكومات( المدعاة بالديمقراطيه) التي تستدعي في اقل تقدير الاستماع الى مطالب المتظاهرين ومن ثم بحث كيفية وامكانية تلبيتها ,لا أن تدير ظهرها المتروس و تطنش حواسها عما تلقته جماجم الشباب وصدورهم العاريه من رصاصات القتل على ايادي شبيحة الميليشيات التابعه للحرس الثوري الايراني , سقط بسببها مئات الشهداء وعشرات الألوف من المصابين والمختطفين لينكشف مدى فاشية وكذب الحكومه التي يدعي رأسها بانه يتعامل مع المتظاهرين ابويا , يا لخزي وعار هكذا أبويه اوكلت الواجب لميليشيات احزابهاالارهابيه التي بنحيبها على مقتل سيدها سليماني كشفت اوراقها بالكامل وفضحت نوايا التظاهره المليونيه التي قادها معممّ احتار العراقيون بخطبه الرنانيه, تارة يطلع علينا بشعار مقاومة الامريكي المحتل , وتارة اخرى يدعو للتظاهر ضد فساد الحكومه التي له فيها وزراء وعشرات البرلمانيين, ثم يتحفنا بأمرطهراني مضحك يقضي بالتوقف الوقتي عن مقاومة الامريكي المحتل والدخول في هدنة التفاوض حول اخراج عساكره من العراق , مهزله لا تختلف عن مهزلة التظاهر ضد التواجد الامريكي؟ حدث العاقل بما لا يعقل, إن صدّق فلا عقل له, واضح جدا بان تظاهرات الشباب بسلميتها دكت وارعبت اركان الحكام الفاسدين من عملاء خامنائي خاصة بعد مقتل سليماني , حتى المساكين من انصار التيار الصدري صدموا عندما أقدم قائدهم على سحب اتباعه من تظاهرات قدمت المئات من الشهداء والالاف من الجرحى والمعوقين والمختطفين من اجل الوطن والخبز والعدل وليس من اجل السلطه والجاه.
ختاما انا اتساءل , هل نصدق القائل بان السيد مقتدى امر بسحب اتباعه كردة فعل على المتجاسرين على شخصه المقدس ؟ ام نكذّب من يقول بان مشاركة الذباح ابو درع في مقدمة التظاهره المليونيه كانت إهانه مقصوده لدماء الشهداء لطمأنة خامنائي على خلو الساحة لميليشياته؟ يكفي الذي كابده العراقيون بسبب عمامات البعض من أدعياء الدين , أتركوا الشعب وشأنه كي يعيد بناء ما خربته اياديكم.
الوطن والشعب من وراء القصد