د. المؤرخ حسن الزيدي.
1-في السادس من كانون 2023 تمر الذكرى المئة وعامين على ميلاد الجيش العراقي الذي رغم ما تعرض له من محاولات الاضعاف والتهميش والهيمنة يبقى أحد المؤسسات الأساسية وأحد عوامل وشروط ومظاهر الاستقلال الوطني.
2-الجيوش لا تؤسس فقط للغزوات والفتوحات والحروب بل هي مؤسسات تربوية ومهنية فيها مختلف الصنوف والمعارف كالنجارة والحدادة والخياطة والصيانة والبناء والرياضة والخدمات الطبية والخدمية والتربوية والتعليمية لأعداد أجيال من الرجال والنساء الاصحاء على قيم الشعور بالواجب الوطني في حالة تعرض البلاد ليس فقط لعدوان خارجي فيكون دوره دفاعي بل في حالات تعرضه لكوارث طبيعية مثل الحرائق والفيضانات والزلازل والجفاف والجراد فيتم الاستنجاد بوحدات من الجيش حسب تخصصاتها في إطفاء الحرائق وحفر الخنادق والابار ونصب خيم الإغاثة والطبابة وتعبيد الطرق الخ
3- الجيوش يفترض ان تكون مؤسسات وطنية عامة مستقلة شأنها شان القضاء. لأنها تعني كل الناس اذ( لو تحول وانحرف وتخلى القضاء )عن دوره النزيه والحيادي في الدفاع عن حقوق المظلومين تجاه الظالمين فسوف يتحول النظام العام الى فوضى اجتماعية يستقوي فيه الأقوياء على الضعفاء مما (سوفيبرر الانتقام والانتقام المتبادل) فتظهر التكتلات العائلية والعشائرية والقبيلة ثم القومية والدينية والمذهبية والميليشياتية المسلحة للأحزاب المناطقية فيضعف الامن والاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وتضعف الدولة بكل مؤسساتها بمافيها الجيش الذي هو انعكاس لطبيعة النظام لأنه كأي مؤسسة بحاجة الى تجديد وتنشيط دائم بعناصر جديدة وجيدة والى أجهزة ومعدات حديثة ليواكب متطلبات وحاجات المجتمع.
4- الجيوش من حيث المبدأ والاصل ليست اجهزة شرطة محلية او بلدية ولا جهاز أمن ومخابرات داخليولا شرطة اطفاء بل هي العيون الحدودية للوطن. أي ان مهماتها الاساسية هي (حراسة الوطن كله ارضاً وماءً وسماءً ). لذلك لا ينبغي ان تخضع لأمرة شخص واحد بل الى (قيادة عسكرية متخصصة في العلوم العسكرية لها اجتهاداتها وأراءها الاستراتيجية )التي قد تختلف عن اراء الأمير والخليفة والملك والسلطان والامبراطور الذي (قد) يجهل معظم العلوم العسكرية والإستراتيجيات وقد يتخذ قرارات مهلكة يمكن تجنبها لو كانت القرارات مدروسة مهنياً وتخصصياً.
5- الحروب ليست قواعدا بل استثناءات. لان السلام الإنساني هو القاعدة. كما ان الحروب الدفاعية هي الوحيدة المشروعة والواجبة وتستحق وتوجب الاستشهاد. ومن يريد ويرغب شن (حرب عدوانية) عليه انيعلم ويفترض مقاومة الخصم واحتمال ان يفشل في عدوانه وعليه ان يعرف من خلال الخبراء المتخصصين بعضا من ( فنون الحرب) متى تبدأ ومتى يتم إعلان الهدنة والتفاوض والاستسلام التي هيفي كل الحالات افضل من المزيد من الخسائر البشرية والمادية ولربما السياسية لان المنتصر سوف يفرض شروطا قد تكون قاسية ومهينة كلما تمكن وحقق مكاسب جغرافية او معنوية اكثر .
6- الحروب ليست اقدارا سماوية بل هي شهوات ورغبات واطماع وقرارات بشرية تحتمل الكثير من اللامبرر.
7-الفيلسوف الصيني(سن تزو) عاش بين 544/496 ق.م كتب كتاباً بعنوان (فن الحرب) قال فيه على المنتصر الا يوغل ويمعن في محاصرة واهانة خصمة بل عليه يترك له فرصا ومجالات للهروب والنجاة لكي لا يخلق حقداً قد يتحول لعداوة طويلة.
8- لن اشير لاي شخصية عسكرية لم تجيد فن الحرب ولا تعرف كيف تدافع وكيف تهاجم ولا اين ومتى وكيف تتوقف ولن اشير لعسكريين ينفذون ارادات السلاطين خلافاً لارائهم وخبراتهم العسكرية لان العسكريين بحق يشهد لهم التاريخ المنصف.
9- تحية لكل العسكريين المهنيين المحترفين المخلصين للأرض والانسان وليس لأمر او لعنصرية او لدين او لمذهب أو لطائفة .ولا تشمل التحية الدخلاء والمتطفلين على الجيش والمحسوبين عليه لاعتبارات حزبية وعنصرية ومذهبية. وتحيات وطنية دائمة للشهداء الذين دافعوا عن الأرض والعرض وللذين يؤمنون بان الجيش سوراً للوطن. وليس للخونة والجبناء.