فواد الكنجي
نودع عاما.. ونستقبل عاما جديدا……!
عام 2019 يمضي من عمر الزمن.. ومن عمر الإنسان؛ ليضاف إلى سجل التاريخ بإحداث تكتب على صفحاته ما مضى؛ تاركنا لنا في الذكريات؛ أوجاع وأفراح.. نجاحات وإخفاقات.. ومع زمن الأرض نمضي.. دون توقف ودون إشارات يحذر عن اتجاه المسار بوجود انحناء.. وانزلاق.. و مطب.. و انجراف.. أو امن.. و هدوء.. و صفاء.. و سلام، ليأخذنا إلى يوم جديد.. نواجه فيه لحظات دخولنا العام الجديد 2020.. بمشاعر.. وأحاسيس.. كتلك التي واجهناها كل عام؛ اثر نهاية عام.. وبداية دخولنا إلى العام الجديد……!
وهكذا دواليك.. مع نبضات اللحظات.. والساعات.. والأيام.. والأشهر.. والسنوات.. نمضي وفي عمق أعماقنا مسرات.. وأحزان.. وأمنيات.. وأوهام، ورغم كل ما تترك هذه الانفعالات – سلبا أو إيجابا – في أعماقنا، من الآثار؛ إلا إننا نستمر بوعينا مع الحياة؛ نمضي مع الزمن بكل ما يحمل الحظ لنا من خطوط غير مستقيمة صعودا.. ونزول.. بأحلام.. وأمنيات.. وانكسارات.. و أوهام.. وبكاء.. وأفراح.. وحب.. وأحزان.. وخسائر.. وأرباح.. ومع كل إطلالة لعام جديد يحملنا الزمن إلى رقم جديد نؤرخ فيه قصص وحكايات.. حب و مغامرات.. حروب و ثورات.. فشل و نجاح.. صراعات و أزمات.. احتجاجات و تناقضات.. متاعب مجتمعية.. فساد يسحق الفقراء.. وعدم مراعاة مشاعر وحاجات الأرامل.. و الأيتام.. و المساكين.. و المعاقين.. ومن مال السحت والحرام اثروا سماسرة وساسة الحروب وتجارها؛ ثراء فاحشا.
معضلات مجتمعية تتكالب بإمراض السياسة التي تسحق ثقافة المجتمعات وقيمه الإنسانية الأصيلة؛ معضلات لوثت عالمنا الشرقي في المدن العربية بالعبثية.. والفوضى.. واللامبالاة.. ليلتمس كل واحد منا ما يساد من حالة الشلل في المجتمع؛ بقوة طغاة الأحزاب والتيارات الدينية الشوفينية والقومية المتطرفة؛ التي لا ترضخ لقوانين العدل.. والعقل.. والمنطق.. والحكمة.. بعد إن اصطدمت كل العلاجات والوصفات للحد من تغولها في مجتمعاتنا الشرقية؛ ووضع حد لها أو احتوائها، ليؤرخ عام 2019 بانتهائه كسابق الأعوام العجاف التي مرت على شرقنا، فلا إصلاح ولا تغيير سياسي ومجتمعي يذكر تأثيره على مستوى الحضاري؛ أو على مستوى حضور ثقافي وعلمي؛ كمجتمعات شرقية نحتل موقعا من هذا العالم .
فأين نحن من هذا العالم………!
وعالمنا الشرقي منهك بالصراعات.. والفتن المذهبية والدينية.. والاضطرابات.. والانقسامات العربية – العربية؛ ليبقى الإنسان في المدن العربية يعيش مناخ خوف.. و ضياع.. و قهر.. و خذلان.. و حروب.. و تهجير.. و قتل.. و استبداد.. و إقصاء.. و تهميش.. و تميز.. و فقر.. وفساد.. وسوء الخدامات.. لا اقتصاد.. ولا صناعة.. ولا زراعة تذكر.. وتخلف.. وإهمالا متعمدا لحل قضايا مجتمعية؛ وما بالك بقضايا المصيرية للأمة……!
ومع كل هذه الانكسارات وانتكاسات مجتمعية لواقعنا الشرقي؛ يبقى الإنسان في المدن العربية متطلعا ومنتظرا زمن (العام الجديد) لإحداث تغيرات و وأفعال عملية تتخطى سلبيات ما مضى لتكريس الفهم العلمي والحضاري لغلق مساحة التي غاب عنها العقل.. والحرية.. والعدالة.. بعد أن اتسعت أفاق الشرق بثقافة الرجعية الأصولية المرعبة.
فمواجهة مرارة هذا الواقع، سياسيا.. واجتماعيا.. واقتصاديا.. ضرورة مجتمعية؛ تطرح نفسها في مقدمة أمنيات كل مواطن شرقي حريص لبناء أمته بناءا حضاريا مزدهرا مع بداية (العام الجديد – 2020 ) لمواجهة هذه التحديات التي لابد من مواجهتها عاجلا أو أجلا، لان العالم بعولمته قد غدا بتقنية التكنولوجيا قرية صغيرة؛ وصغيرة جدا، فلم يعد شحن المجتمعات بشعارات طوبائية وهمية تجدي؛ لأنها كلفت؛ بحجم انتكاسات مجتمعية؛ دموع.. ودماء غالية؛ لدرجة التي أصبح الإنسان الشرقي في العالم العربي يكفر بالسياسة والساسة وأحزابها الرجعية وما يقوموا وما يفعلوا من إعمال مشينة منافية للقيم الأخلاقية؛ نهب.. وسلب.. وسرقات.. وتهديد.. وإقصاء.. وتميز.. وتهجير.. وقتل.. وخطف.. و ملاحة الناشطين وحقوقيين ومطالبي بالحريات العامة وحق التعبير؛ فامتلأت السجون والمعتقلات بآلاف الأحرار والمناضلين المطالبين بالحرية والعدالة الاجتماعية وحق التعبير السلمي و بمدنية الدولة.
لذلك فان الإصلاحات والتغيرات السياسية والمجتمعية هي شاغل ما تشغل إنسان مجتمعاتنا؛ وهم يعيشون لحظات (العام الجديد) لاستنطاق الفهم الحضاري لامتنا من اجل استحداث نهضة شاملة وعلى كل مستويات الحياة؛ من اجل تنمية قدرت الأمة؛ وهي تملك كل مقومات ما تؤهلها لذلك وبامتياز؛ ولكن همشت واخمد انبعاثها وأطفأت عمدا وقصدا؛ ولم تعمل أية جهة لاستنطاق فاعليتها لأخذ دورها في الحياة؛ ومن اجل بعثها؛ لترى نور الشمس ساطعا في مجتمعاتنا الشرقية لرفعة الإنسان والأوطان بمؤسساتها التعليمية.. والتربوية.. والثقافية.. والفنية.. والأدبية.. والعلمية.. والاجتماعية.. والسياسية.. والاقتصادية.. والصحية.. والزراعية.. والصناعية.. ليتم استعادة الأمل بالحاضر والمستقبل؛ لان (الإنسان) رغم كل ما يعتريه من ظلم.. ويأس.. وقهر.. وضياع.. سيبقى في عصره صاحب (اثر) و(تأثير) الايجابي؛ رغم كل ما يمارس ضده من إرهاب فكر وقمع، إلا انه وكما نلتمس من وقائع التاريخ والأعوام التي مضت؛ بان رغم كل الأزمات وانتكاسات وجد ملاذه وحلول لمشاكله؛ بعد إن استطاع إن يحفز مواهبه.. وإمكانياته.. وإبداعاته.. لاستيعاب المشاريع الثقافية.. والحضارية.. والنهضوية.. والعلمية.. بعقلية متفتحة وناضجة؛ أهلته لاجتياز مراحل التخلف التي كانت تداهمه، وهو اليوم لقادر لاجتياز كل مراحل الإحباط التي تداهم واقعة بقوة إيمانه.. وصبره.. وصموده.. وكفاحه.. و نضاله.. لحين إن يتم ما يسعى إليه لتعزيز قيم الإنسانية في روح (الإنسان) وبناء وجدانه وضميره بالمفاهيم الوطنية المعاصرة؛ ليتم توجيه (الإنسان) بما يعزز في ذاته من قيم المواطنة الصالحة وخدمة الأوطان وبما ينمي في ضميره وعقله من مفاهيم إنسانية نبيلة في تقبل الأخر والاشتراك والمساهم لبناء روح التآخي بين إفراد مجتمعاتنا لبناء سلام مجتمعي يساهم في تنمية أوطاننا تنمية معرفية.. وعلمية.. وزراعية.. وصناعية.. واقتصادية.. بما تخدم حضارتنا؛ ولنشارك.. ولنتعاون مع الحضارات الأخرى في حقول العلم والمعرفة ولنلغي العجز.. والكسل.. واللامبالاة.. والهروب من المواجهة، لان لا نهضة دون مساهمة في صناعة التاريخ وإضاءة مشاعل الحداثة والتعاطي مع قيم الحرية.. والعدالة الاجتماعية؛ لنتجه برسم هذا التوجه توجها ثوريا؛ لنضيء مساحات التي نعيش فيها ولنسلط الضوء على الجوانب المشرقة من حياتنا من حب.. ورحمة.. وفضيلة.. وتسامح.. و وفاء.. وصدق.. وتعاطف.. التي ابتعدنا عنها بسبب قسوة الزمن بكوارث الحروب والصراعات السياسية والمذهبية والدينية؛ وعلينا في هذه فواصل من عمر الزمن 2019 الذي يطوي صفحاته؛ إن نراجع أنفسنا مراجعة متأنية وبضمير حي نابض بالقيم وبالمعرفة الإنسانية الايجابية العظيمة؛ لنستفد من تجارب أخطائنا ولنأخذ منها دروس وعبر؛ لنفتح صفحات عام 2020 ؛ بعد إن ننزل الستار عن الجوانب المظلمة من الحياة التي أمضيناها بصراعات وحروب عبثية غير مجدية؛ ولنتطلع إلى شروق (العام الجديد) يكون مداده عطاء حب مثمر لأوطاننا وللبشرية جمعاء .
المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن وجهة نظر الموقع