وداد فرحان – سيدني
مريم خاميس، تنساب في القلب انسياب الزلال بين أخاديد جلمود الغربة.
نسمة تهب في وقت الحاجة اليها، تلطف أجواء الكدر جاعلة من الأمل فراتا يغسل الضفاف. إنها الشجرة التي أثمرت بعد ارتوائها من الفراتين مرتين: مرة وهو يسير فيطهر أرض العراق، والأخرى قرب منبعه حيث يتغازل مع بردى في ارض الشام.
آشورية منحدرة من الحضارة، تحملها في كل جزء من تفاصيل حياتها، ساهمت كما ساهم الأجداد في ازدهار الحضارة العربية في بلاد المشرق.
أرادت مريم في هجرتها الثانية أن تستمد قوتها من الاسطورة (سميراميس) الملكة الآشورية التي خلبت الباب البشرية، وفرضت حضورها في الادب وفي التاريخ وفي الرسم وفي الموسيقى وفي السينما وفي المسرح وفي السحر وفي السياحة، اي في كل مجالات الحياة.
حملت مريم صورة الملكة سميرأميس وشخصتها في كل شيء، فهي تشتهر بالجمال والقوة والحكمة، وبقدرتها الفائقة على ادارة العمل وروح الاصلاح والتعمير.
فاذا كان ينسب لسميرأميس انها هي التي شيدت بابل بحدائقها المعلقة، فان مريم خاميس هي التي شيدت صرحا من التاريخ الاشوري في أستراليا يحمل في صفحاته أسفارا من العلاقات الانسانية والحب والانسجام منقطع النظير.
مريم الناشطة في كل شيء، إعلامية حملت رسالة الصدق والشفافية لتطل من شبابيك المودة الى حارات المستمعين تجلس معهم على قارعة الطرق تحدثهم بهمومهم وتتجلى معهم نحو مستقبل السلام الذي تنشده في كل نفس تستنشقه.
مريم في الغربة تبني أوطانا لنا من التجانس الانساني.
هاجر أهلها أرض الرافدين قسرا وعاشوا في أرض الشام التوأم الروحي بامتداد التاريخ، فكان الوطن نبضا يدق في قلبها حبا من أجل الانسانية.
هي الناشطة في حقوق الانسان التي لايحد مقلها من البكاء على الضحايا حد، دمعتها في طرف عينها حزنا على المظلومين وبالخصوص الذين نحروا قربانا لآلهة مملكة آشور على يد الارهاب الدموي.
مريم خاميس الجندي المجهول الذي يستحق منا أن نؤدي التحية، ونضع باقات الورود تحت قدميه. انها مريم أميس.
المقال منشور في جريدة المستقبل