زوعا اورغ/ وكالات
لا يزال العديد من الصحافيين في العراق يتلقون تهديدات بالقتل، وتلويح بإدراج أسمائهم على قوائم الاغتيال، لا سيما في مدن الجنوب، وخاصة أولئك العاملين في وسائل إعلام معارضة لتوجهات الفصائل الموالية لإيران.
فقد انتشرت خلال الفترة الماضية، قوائم تهديد وتصفيات جسدية طالت إعلاميين يعملون في المدن الجنوبية الغنية بالنفط والتي يرفض أهلها بشكل قاطع تدخلات إيران ووكلائها.
فمنذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في العراق في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2019 ظل الصحفيون العراقيون يتدفقون إلى ساحات التظاهرات لتوفير تغطيات يومية ونقل الأحداث، إلا أنهم تعرضوا للعديد من التهديدات، والتصفيات أيضا.
ومؤخراً، تعرّض عدد من الصحافيين العاملين في قناة دجلة الإخبارية المحلية على الرغم من استقالتهم (وهم زيد الفتلاوي مراسل من الديوانية وكرار العساف مراسل من النجف وعلي محمد من واسط)، لتهديدات بالقتل والتصفية الجسدية.
كما انتشرت العديد من البيانات التي تحرض ضدهم وتطالب القوات الأمنية بعدم التعاون معهم أو اعتقالهم في حال ممارستهم العمل الصحفي.
هجمة ثانية.. وتهديد بالتصفية
عن تلك الهجمات والتهديدات المستمرة منذ أواخر الشهر الماضي وحتى اليوم، قال زيد الفتلاوي للعربية.نت إن “الهجمة ضدهم انطلقت بداية من قبل جهات صحفية تابعة للميليشيات التي تسمي نفسها فصائل المقاومة، وجماهير تابعة لجهات إسلامية، وقد بدأوا بالتحريض على قناة دجلة ثم تحولت الهجمة إلى المراسلين”
وأضاف: “بعد التهديدات العلنية التي تعرضنا لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما صفحة “صابرين نيوز ” على تليغرام، التي تقود الجماعات المختصة بالحرق والاغتيال والتحريض حيث قالت “إنه يجب فتح الباب أمام مراسلي قناة دجلة للاستقالة، وإذا لم يستقيلوا فسنعرفهم من هم أنصار الحسين”، قدمنا استقالاتنا، لكننا تفاجأنا في اليوم التالي مباشرة من بعض الصحفيين والصفحات الموالية للميليشيات بنشر إشاعة مفادها أن الاستقالات وهمية وماهي إلا ضحك على ذقون الناس وهي بالاتفاق مع القناة وهناك مشروع لتخريب المدن في المحافظات الجنوبية، فبدأت الهجمة الثانية عبر المطالبة بالتصفية والقتل، فضلاً عن مطالبة جميع محافظات الوسط والجنوب بمعاقبة أي مراسل يعمل لصالح تلك القناة حتى يكون عبرة لغيره”.
3 مسلحين وكاميرا مراقبة
إلى ذلك، أوضح قائلاً: “إن 3 مسلحين قدموا إلى المكتب الخاص الذي أعمل فيه وليس مكتب قناة دجلة، وهو مقر لوكالة صحفية محلية في مدينة الديوانية يضم عدة صحفيين، وسألوا عني وعن منزلي وهاتفي مطالبين بمعلومات كافية، وقد صورتهم كاميرات المراقبة الموضوعة في المكان وأرسلت الفيديو إلى القوات الأمنية مطالبا بالحماية لكن دون جدوى.”
وكشف أن أحدهم صور منزله وسيارته، وقام بإرسال الفيديو إليه عبر صفحة تحمل اسم “ولد الشايب”، من أجل ترهيبه.
بين نقابة الصحفيين والميليشيات
وأضاف أن التهديد أصبح مباشرا من جهات معروفة بالأسماء والعناوين الميليشياوية التي تنتمي إليها، بحسب تعبيره.
كما أكد أنه طالب نقابة الصحفيين بالتدخل، لكن نقيب الصحفيين اكتفى بالاتصال بأحد الصحفيين المستقيلين قائلاً إنه “سيتدخل ويتكلم مع مجموعة من الفصائل المسلحة من أجل ضمان عدم المساس بهم، وكأنما القضية هي قضية اتفاقات ما بين النقابة والفصائل المسلحة.”
تهديدات مستمرة
من جانبه، قال كرار العساف وهو صحفي من مدينة النجف للعربية.نت إنه تعرض ولا يزال للتهديد المباشر حتى بعد أن ترك العمل في الفضائية. وأضاف أنه حذر سابقا إدارة القناة التي يعمل فيها من استغلال الميليشيات لموضوع بث قناة “دجلة طرب” للأغاني في أيام محرم، حتى لا تتخذ قضية للتحريض على العاملين في القناة، لا سيما بعد تغطيتها للتظاهرات العراقية بشكل كبير.
كما أكد أنه لا يزال يتعرض للتهديدات المستمرة
بدوره، أكد علي محمد وهو صحفي من مدينة واسط أنه تعرض للتهديدات على الرغم من إيضاح موقفه لجهة عمله في قناة دجلة الإخبارية وليس قناة “دجلة طرب” التي بثت الأغاني في يوم محرم، ما أثار هجمة ميليشياوية شعواء على القناة.
كما أشار إلى أن “عمليات التحريض ورسائل التهديد الخاصة التي كانت تصله وزملاءه من بعض الجهات المسلحة دفعتهم لإعلان استقالاتهم على الرغم من أن عملهم هذا في القناة هو مصدر رزقهم الوحيد”.
يذكر أنه في 31 أغسطس/آب 2020، اقتحمت مجموعات مجهولة ترتدي الزي المدني وعناصر مسلّحة تعمل في بعض الأجهزة الأمنية، مقر قناة “دجلة” المحلية وحطّمت جميع محتوياته، ثم أضرمت النار في المبنى ومنعت فرق الدفاع المدني من الوصول إلى المكان لإطفاء الحريق.
وعلى مدى الأشهر الماضية، تعرض العديد من الناشطين والصحفيين إلى القتل أو الاختطاف، على يد مسلحين مجهولين يعتقد أنهم تابعون لميليشيات مدعومة من إيران.
ويشهد العراق منذ أوائل أكتوبر من العام 2019 تظاهرات مناهضة للنظام والأحزاب الحاكمة أسفرت عن مقتل الكثير من الناشطين والصحفيين وأكثر من 25 ألف جريح جراء استخدام القوات الأمنية ومسلحين تابعين للميليشيات الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم أو ملاحقتهم لعدم تغطية التظاهرات العراقية.