زوعا اورغ/ وكالات
تسود مشاعر القلق والخوف لدى أبناء سكان مدينة الموصل، جراء تسريبات عن قانون انتخابي مرتقب سيضم إلى دائرتهم قضائين مما يهدد بوصول نواب لا يعبرون عن إرادتهم، ويمثلون الأجندة الإيرانية في بلادهم، بحسب ما يتداولون فيما بينهم.
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قد أعلن في أواخر يوليو أن العراق سينظم انتخابات تشريعية مبكرة في السادس من يونيو 2021، سعيا لتنفيذ أحد وعوده الأساسية التي أطلقها عند وصله إلى السلطة.
وقد شدد الكاظمي، على أهمية الحفاظ على سيادة البلاد وتسريع وتيرة التحضير لإجراء الانتخابات المبكرة، وذلك بعد لقائه الأخير مع رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني في أربيل.
وقال الكاظمي في بيان صدر عن مكتبه عقب اللقاء إن “سيادة العراق هي الكلمة التي تجمعنا كعراقيين، ولا مجال للتفريط بها”.
لكن كلام الكاظمي وتصريحاته لم تهدأ خوف أهالي الموصل، إذ نظم العشرات من الناشطين السبت الماضي وقفة احتجاجية في ساحة صقور الحضر في باب الطوب احتجاجا على ضم الحضر والبعاج لدائرة الموصل الانتخابية، بحسب وكالة الأنباء الوطنية العراقية.
احتجاجات شعبية
وكان العشرات من الناشطين قد خرجوا، في تظاهرة احتجاجات على تسريبات القانون الانتخابي وقال الناشط والاعلامي أمير الحمداني للوكالة الوطنية العراقية للأنباء: “مدينة الموصل اليوم خرجت عن صمتها بوقفة احتجاجية”.
وضمت الاحتجاجات عشرات المثقفين والناشطين ضد مقترح قانون الدوائر الانتخابية والذي تم تسريبه وكشف عن ضم وحدات إدارية أخرى الى الموصل لتعتبر دائرة انتخابية واحدة “.
وطالب المحتجون خلال هذه الوقفة بأن” تكون الموصل دائرة واحدة لضمان وجود ممثلين حقيقيين لهم في البرلمان وعدم تهميشهم مرة أخرى”.
وفي نفس السياق، أكد مثقفون وأكاديميون في الموصل، التي تعد ثاني أكبر مدن البلاد، رفضهم لضم بعض الأقضية إلى دائرتهم الانتخابية، وقال رئيس جمعية نينوى الموحدة أحمد فكاك في حديث لوكالة يقين: إنه “لا يجوز تغييب أصوات أحرار ورجالات وشباب الموصل بدمج بعض الأقضية مع الموصل”.
وأضاف: “محافظة نينوى واحدة وصوت واحد وهي الخيمة الكبيرة للجميع ولكن إضاعة أصوات قضاء الموصل غبن كبير لأهالي المدينة”.
وتابع فكاك: “لقد تفاجأنا بدمج المدينة التي عادة ما تستحوذ على 6 مقاعد انتخابية مع مدن لا يمكنها الحصول على مقعد برلماني واحد وإن اجتمعت، مبينا أن هذا الموضوع يثير المخاوف من محاولات الهيمنة على ثقل الموصل الانتخابي لمصلحة مناطق أخرى”.
مخاوف من التزوير.. وتوقعات بالمقاطعة
من جانبه أوضح الباحث العراقي غانم العابد في حديث إلى موقع “الحرة” أن القانون المزعوم سيؤدي إلى زيادة هيمنة الأحزاب الموالية لإيران على البلاد عامة، موضحا أن جعل البعاج والحضر والموصل دائرة انتخابية واحدة هو أمر غير منطقي من الناحية الجغرافية.
وقال العابد إن عدد السكان في قضائي البعاج وحضر لا يتجاوز 250 ألف نسمة بينما عدد سكان الموصل يقارب المليونين، وفي الأحوال العادية من المفترض أن لا يمثل القضائين 3 إلى 4 نواب ولكن في حال جرى تطبيق القانون الجديد فإن عدد ممثليهم سيرتفع من 8 إلى 10 نواب عن طريق سرقة أصوات أهالي الموصل وتزويرها بغية إيصال شخصيات لديهم أجندات خارجية.
وأشار إلى تلك أن الميليشيات وأحزابها ستزيد من حراكها الأمني وضغوطها على المواطنين لإجبارهم على انتخاب ممثلي وداعمي الأحزاب الموالية لإيران، منوها إلى أن قد يجرى استغلال فقر وحاجة النازحين من سكان الموصل لإغرائهم ببيع أصواتهم للشخصيات المؤيدة للأحزاب الموالية لإيران.
لكنه أكد في الوقت ذاته أنه وفي حال الإصرار على تمرير القانون فإن الانتخابات القادمة ستشهد مقاطعة كبير من أبناء الموصل الذي عانت مدينتهم من الإهمال والتدمير والسرقات بعد خلال سيطرة تنظيم داعش عليها وبعد طرده منها.
وطالب العابد بضرورة اعتماد الهوية البارومترية في الانتخابات من أجل منع التزوير وسرقة الأصوات، لافتا إلى أنه في حال جرى تطبيق هذا الأمر، فإن هناك رغبة كبيرة من أهالي الموصل وبقية الشعب العراقي للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات القادمة للتخلص من الطبقة السياسية الفاسدة التي حكمت البلاد أعواما طويلة.
بين الوعي.. والتقسيمات العادلة
بالمقابل، قال المحلل العراقي علي البيدر لموقع “الحرة” أن مشكلة تكمن أكثر في عدم اكتراث أهالي الموصل بأهمية المشاركة في العمليات الانتخابية التي تجري بسبب عوامل مختلفة، موضحا على سبيل المثال أن مجلس محافظة نينوى يوجد فيها ممثل وحيد عن المدنية جراء عدم المشاركة الكثيفة في الانتخابات المحلية.
وأشار إلى وجود 4 نواحي في المدينة مؤهلة إلى أن تترقى وتصبح أقضية وبالتالي فإن ذلك كان سيؤدي إلى زيادة عدد ممثلي الموصل في البرلمان.
صلاح الدين أيضا
أما المحلل السياسي رعد الهاشم فأكد أن محافظة صلاح الدين أيضا تعاني نفس مشكلة محافظة نينوى والموصل خصوصا بسبب التقسيمات غير العادلة للدوائر الانتخابية في المناطق المحررة من براثن تنظيم داعش
وقال في حديث إلى موقع “الحرة” أن الذين يقفون وراء هذا القانون هم الجماعات الولائية المرتبطة بأجندات إيران والتي تسعى إلى زيادة عدد ممثليها في الانتخابات المقبلة وبالتالي زيادة نفوذها السياسي والاجتماعي والاقتصادي هناك.
وبحسب الهاشم، فإن النواب الذين خسروا حضورهم الانتخابي في مناطقهم يؤيدون القانون الجديد باعتبارهم وصلوا سابقا إلى الندوة البرلمانية عبر عمليات التزوير الواسعة، وهم بالتالي يعلمون يقينا أنهم سيفقدون هذا الحضور إذا أجريت انتخابات نزيهة مع تقسيمات عادلة للدوائر الانتخابية تراعي أعداد السكان بعيدا عن الانتماءات الولائية والعشائرية.