يعقوب ميخائيل
ليس بالحزن او العواطف وحدها تأتي المعالجات الصحيحة في تقويم مسيرة المنتخب العراقي الذي ودع بالامس البطولة الاسيوية بدموع لاعبيه وجمهوره معا … اللاعبون الذين ثابروا بل واستقتلوا من اجل ادخال الفرحة في قلوب الملايين من العراقيين لم يحالفهم الحظ في حسم نتيجة المباراة لصالحهم .. فيما مر الجمهور العراقي في سائر ارجاء المعمورة بلحظات مريرة عندما ادرك مع دقائق المباراة الاخيرة ان حلم الوصول الى الادوار النهائية من البطولة قد تبدد في مشهد حزين لم يكن يتمناه !
نعلم جيدا ان الرياضة .. فوز وخسارة .. ولابد من تقَبل الخسارة بروح رياضية عالية .. ولكن الاهم من ذلك يجب الوقوف على اسباب الخسارة كي تكون درسا بليغا نستطيع من خلاله وضع معالجات حقيقية في بناء هذا المنتخب الذي ادى مباراة كبيرة برغم خسارته وخروجه من منافسات البطولة الا انه قدم مستوى يشار له بالبنان بل نستطيع ان نستبشر خيرا بولادة منتخب جديد سيكون له شأن كبير اذا عرفنا كيفية توفير سبل اعداده بالشكل الصحيح من اجل انجاح مسيرته المستقبلية وتحديدا تأهيله الى تصفيات كأس العالم المقبلة.
في مناسبات سابقة تعرض المنتخب الى انتقادات كثيرة خصوصا عندما كان يظهر بمستوى متواضع .. أو عندما كنا نجده منتخب يفتقر الى ابسط مستلزمات الظهور بمستوى يليق بسمعة وتاريخ الكرة العراقية .. ولكن في هذه البطولة الامر اختلف كليا برغم ان المنتخب لم تتوفر له سبل الاعداد الصحيحة كسائر المنتخبات الاخرى المشاركة في البطولة .. وهذا ليس تبريرا للاخفاق الذي حصل .. ولكن المتابع فوجئ وفي مباراة قطر تحديدا مدى الانخفاض الذي حصل في لياقة اللاعبين والاصابات التي أدت الى فقداننا الى خدمات ثلاثة لاعبين اساسيين لاسباب بدنية ونفسية ايضا .. وهنا أجد من الضرورة التوقف عند هذين السببين .. اللياقة اولا والحالة النفسية ثانيا التي أدت الى خروج لاعبينا من المباراة وهم قد اجهشوا بالبكاء واحد تلو الاخر .. أتوقف كي أهمس في اذن المعنيين بالقول .. عندما نتحدث عن الكادر الفني فاننا لانتحدث عن كاتانيتش المدرب فقط !! .. وانما عن (طاقم) فني متكامل يجب ان يكون بمعية المنتخب .. وفي مقدمة هذا الطاقم .. مدرب اللياقة اولا الذي يتحمل المسؤولية بالدرجة الاساس ومعه طبيب نفسي يعالج الحالات التي مر بهما همام طارق وعلي حصني ..خصوصا الاخير الذي عانى ليس من الناحية النفسية وانما الاصابة ايضا حيث نزل بديلا الا أنه سرعان ما اجبر المدرب على استبداله وهو اللاعب البديل ؟!!!
ياترى أين طبيب الفريق أيضا من هذا (الطاقم) الذي نتحدث عنه .. واذا كان اللاعب يعاني من الاصابة اصلا فكيف يتم اشراكه بالمباراة ؟!!!
كثيرون أنتقدوا اداء الفريق من الناحية الهجومية وأقروا بأن المنتخب العراقي عانى من عقم هجومي ومن القدرة على انهاء الهجمات بنجاح برغم توفر العديد من الفرص !..، وهنا لست بصدد الدفاع عن اللاعب الصاعد مهند علي أو حتى محمد داود الذي اشرك ايضا بالمباراة .. ولكن في نفس الوقت يجب ان ندرك اننا كلما تقدمنا في المنافسة كلما نواجه منتخبات أقوى .. أي ان المهمة ستزيد صعوبة .. ولايمكن وضع معيار ثابت لمستوى اللاعب في جميع المباريات مع ماقدمه مع منتخب اليمن !! ، منتخب اليمن مع جل احترامنا له شيئ والمنتخبات الاخرى شيئ اخر.. كما ان لعامل الخبرة دور كبير .. وان هذين المهاجمين يحتاجان للمزيد من الوقت كي يكتسبان الخبرة … وعلى وفق هذا التصور .. كنا نركز دائما بان المنتخب بحاجة الى لاعبين من اصحاب الخبرة .. وكررنا القول ان كرار جاسم واحد من اللاعبين الذين لهم خبرة كبيرة وسيسهم في دعم صفوف الفريق بل بأعتماده ورقة رابحة ولابد من تواجده ضمن التشكيلة! ، .. ولكننا مع كل تلك التأكيدات لم نتلق سوى الاذن الطرشى حول عملية أستدعاء كرار للمنتخب !!
ومع تعرض علاء مهاوي للاصابة في المباراة توجب بالمدرب كاتانيتش تعزيز قدرة الفريق الهجومية بدلا من الاحتفاظ بأمكاناته الدفاعية خصوصا وان الفريق مازال متأخرا بهدف ودقائق المباراة تمضي !! .. ولذلك لم نجد ضرورة لاشراك المدافع ريبين سولاقا بديلا في وقت كانت التشكيلة بحاجة الى خدمات علاء عباس سعيا وراء تعزيز قدرته الهجومية ..
وهنا .. أي عندما نشخص بعض الملاحظات الفنية حول الاداء لاتعني البتة انتقاصا من قدرة المدرب الذي بأعتقادنا مازال في طور البداية مع المنتخب !!، اذ ان فترة الاشهر الثلاثة التي قضاها مع المنتخب مازالت غير كافية لاعطاء الحكم النهائي حول فحوى التغيير الذي حصل بمستوى الاداء ، ولكن في نفس الوقت يجب ان نعرف ان المنتخب ومنذ ان تسلم هذا المدرب مهمته بدأ يظهر بمستوى أفضل وباتت تشكيلته اكثر استقرارا برغم بعض الهفوات .. أما الشي الاخر الذي يجب الاقرار به .. ان كاتانيتش ليس (غارديولا ) ولا يمكن ان نطالب بتغييرات (خيالية) في مستوى المنتخب مثلما حصل بمستوى مانشيستر ستي ! .. وان الهفوات لحين الاستقرار على التشكيلة النهائية لربما ستستمر ولكن الاهم من كل ذلك اننا نرى منحني اداء المنتخب في تصاعد مستمر وهو مايدعونا للتفاؤل بمستقبله الذي نتمنى ان يمضي نحو تعويض ما فاته في هذه البطولة كي يكون مؤهلا لخوض غمار تصفيات المونديال المقبل على اكمل وجه !.