زوعا اورغ/ وكالات
في جلسة علاج نفسي لناجيات إيزيديات ، رسمت فتاة لوحة لصديقة لها ارتكبت الانتحار لتفادي الاغتصاب بينما كانت أسيرة لدى داعش فتاة أخرى
رسمت صورة فراشة لأنها حسب ما اوضحت كانت امنيتها الكبرى ان تكون مثلها لتتمكن من الهروب . . هؤلاء الفتيات هن من بين أكثـر من 6,000 إيزيدية أخرى تم اختطافها في منطقة سنجار في آب عام 2014 . تم استعبادهن ونقلهن الى سجون وبيوت مسلحي تنظيم داعش المنتشرة عبر العراق وسوريا .
نساء وفتيات ، قسم منهن لا يتجاوزن الثماني سنوات ، تعرضن لاغتصاب وضرب وتعذيب ممنهج . وتمت معاملتهن تحت حكم مسلحي داعش الوحشي كبضاعة تباع وتشترى تستخدم ويُساء لها .
طبيبة العلاج النفسي ، بيان رسول ، مساعدة مؤسس منظمة أيما الخيرية لمناهضة العنف ضد المرأة وأخصائية بمعالجة الأزمات النفسية تقول : ” في أيلول عام 2014 سمعنا عن ثلاث نساء إيزيديات رجعن من أسر داعش ثم ارتكبن الانتحار . في ذلك الوقت لم يكن لأحد خطة للتعامل مع حالات الصدمات والأمراض النفسية . كل الدعم كان مركزاً على توفير مستلزمات الراحة والتي تعتبر ضرورية , ولكن لم تكن هناك برامج رعاية الصحة العقلية في العراق . لم يكن هناك دعم علاج نفسي اجتماعي ولم يكن يتوفر سوى عدد قليل جداً من أخصائيي العلاج النفسي .”
وبينما شرعت النساء الإيزيديات بالهروب من معتقليهم والوصول الى مناطقهم من جديد في العراق ، ركزت الطبيبة النفسانية رسول كل جهودها من أجل الاستجابة لمحنتهن . وبالتعاون من شريك مؤسس منظمة أيما ، بهار علي ، بدأت رسول بالدعوة بين المؤسسات الحكومية والدينية لغرض حماية النساء الإيزيديات وتوفير الرعاية النفسية لهن والعلاج من الصدمات النفسية التي يعانين منها. أكثر من 5,000 آلاف إيزيدي غالبيتهم من الرجال والنساء العجائز قد تم قتلهم ودفنوا في مقابر جماعية في سنجار . أما النساء الصغيرات والأطفال فقد تم اختطافهم واستعبادهم . بيوت الإيزيديين ومعابدهم سرقت وهدمت في حملة اعتبرت بمثابة إبادة جماعية ممنهجة كانت تهدف لمحو الوجود الإيزيدي في سنجار .
تقول رسول ” في الوقت الذي اصبحوا فيه الآن متحررين فإنهم يواجهون مشاكل متراكمة . بيوتهم قد دمرت وأقاربهم وأحبائهم قتلوا وعوائل بأكملها شتت . ما يزالون الى الآن وعلى مدى سنوات يعيشون في مخيمات للاجئين ولم تقم الحكومة بفعل أي شيء لمساعدتهم للعودة الى بيوتهم .
كونها صدمت بالجرائم التي ارتكبت ضد نساء إيزيديات ، قامت رسول بإدخال برامج علاج نفسي للمساعدة في علاج حالات صدمات نفسية على مستوى فردي . ولكنها سرعان ما أدركت بأن الأحداث المروعة التي وقعت في آب 2014 كانت تأثيرها عميق وتسببت بحالات صدمات نفسية جماعية لا يمكن حلها على مستوى فردي فقط .
وقالت الطبية رسول ” الصدمة النفسية كانت جماعية ولذلك احتجنا الى إجراءات جماعية لمعالجتها . لقد بدأنا بالطلب من وزارة الداخلية بان يوفروا الحماية للنساء وان يعطوهن صفة ضحايا حرب . ومن ثم حاولنا أن نوفر لهن مجالاً آمناً ليتواصلن من جديد مع طقوسهم الدينية وأن يحصلوا على بعض الراحة والاطمئنان . ونصحنا وجهاء المكون الإيزيدي أن يرحبوا بالنساء مرة أخرى في معبد لالش .
قامت منظمة ، أيما ، الخيرية بالتنسيق مع نشطاء إيزيديين للترحيب بالناجيات الإيزيديات في لالش . حيث أعدوا مراسيم جماعية لجعل الناجيات من داعش لا يشعرن بالعزلة وهي تمثل الخطوة الأولى لمساعدتهن العودة للاندماج مع مجتمعهن وبداية التعافي من الأزمة النفسية .
وأضافت رسول بقولها ” مراسيم المواساة الجماعية كانت مهمة جداً ، مع بقاء الإيزيديين في معسكرات للاجئين لم يكن لهم مجال لمواساة خسائرهم . ولهذا فإن أخذهم خارج المعسكرات واستضافة جلسات مؤاساة جماعية أمراً مهماً جداً . وبعد انقضاء هذه الجلسات لاحظت كم بدى عليهن الأمل أكثر . ولأن أطباء العلاج النفسي واجهوا تحديات في علاج الحالات الحادة من أمراض الصدمة النفسية ولافتقارهم الى الموارد ، فانهم بدأوا بتجربة وسائل بديلة لمعالجة مرضاهم من النساء الإيزيديات . برنامج يدعى ( من ضحايا الى منتصرين ) وهو مبادرة لمنظمة أيما ، يشجع أيزيديين للعمل على علاج أزماتهم النفسية عبر الفنون والموسيقى .
عند مخيم ، شاريا ، للنازحين قرب دهوك والذي يضم حوالي 20,000 مهجر غالبيتهم من الإيزيديين كانت هناك فرق من فتيات إيزيديات يحملن دفوف وآلات موسيقية تراثية يقومون بالغناء مع تصفيق متناغم مع الألحان يجلب لهن الفرحة ويحيون به التراث الإيزيدي أيضاً .
كاثرين 18 عاماً ، فتاة إيزيدية من مدينة سنجار تقول ” سمعنا أن هناك مجموعة من الفتيات يغنين أغاني كردية وإيزيدية ولذلك قررنا الانضمام لهن لأننا نحب الموسيقى . أريد أن اساعد عشيرتي في نشر الثقافة الإيزيدية .
منسق البرنامج ، باهدينان آسان ، يقول ” برامج الفنون والموسيقى مهمة لأنها تساعد الفتيات على نسيان مشاكلهن والصدمات النفسية التي تعرضن لها . هدفنا هو جعل المجتمع الإيزيدي يلتئم من جديد ليتبادلوا تجاربهم ومشاعرهم. طبيبة العلاج النفسي ، رسول ، قالت ” الموسيقى قد تكون وسيلة علاج نفسي مهمة جداً . القرع على الطبول والدفوف تثير الأحاسيس والمشاعر . الدفوف تساعد الناجيات على إطلاق وتحرير غضبهن .” مشيرة الى أن جلسات الفن والرسم تساعد الناجيات الإيزيديات من التعبير عما في داخلهن خصوصاً عندما يعانين من صعوبة التعبير عن التجارب النفسية التي مررن بها شفوياً .
وأضافت رسول قائلة ” أغلبهن لا يعرفن القراءة والكتابة ، ولهذا فان الرسم هو وسيلة مهمة جداً لفسح المجال لهن للتعبير عن أنفسهن . التدريب اللفظي ودروس محو الأمّية وبرامج الفنون والموسيقى جميعها تساهم في شفاء الناجيات وتشجع الأمل لديهم بالمستقبل .”