حميد الموسوي
أيها السائرون على غير هدى، أيها المندفعون خبط عشواء.. انتم يا من تضجون.. وتعجون.. تزبدون وترعدون.. تتنافسون وتتنابزون وتتخاصمون . تفترون ؛تنافقون ؛تسقطون بعضكم وتتهافتون !.
أتدرون أي عاصفةٍ تركبون؟!.. وأي فوهة تفتحون؟!.. يا من تستثمرون الفرصة أبخس استثمار، وتنتهزون الموقف أسوأ انتهاز؛ وهما يمران مرّ السحاب. فتضعون الندى في موضع السيف ،وتضعون السيف في موضع الندى.. وفي أوان التثبت والتشبث والتمركز تتشرذمون!.
اتعلمون أنكم تبتعدون عن غايتكم التي كانت نبيلة أكثر فأكثر كلما حثثتم الخطى،وكلما امتد بكم الزمن ،وكلما ثنيت لكم الوسادة!. لأنكم عملتم على غير بصيرة بعد ان اعجبتكم كثرتكم ،واغوتكم بهارج النفوذ،واطغتكم الزعامة، فتنكبتم الطريق غير الطريق، تنكرتم لرسالة الرواد وشهدائها فتبخرت مياه وجوهكم ، نسيتم هدفهم السامي فضاعت بوصلتكم ، واعرضتم عن الجماهير التي كانت حطب كل العهود فانساكم الله انفسكم !.
نعمة الحرية والخلاص هذه، بفسحتها الشفافة-التي كان ثمنها قوافل من شهداء بررة – كم بذلتم دونها؟!.. كم حلمتم.. كم تمنيتم استنشاق نسمة من عبيرها قبل أن تغيبكم المطامير.. وتبتلعكم مقابر الرفاق الجماعية،اوتذيب اجسادكم احواض اسيد قصر النهاية ،اوتطحن عظامكم فرامات الشعبة الخامسة ؟!. وها أنتم تدمرونها دون قصد أو دراية وبلا تروٍ؛ بل تحت طغيان الانا وفورة الجشع ،ونزعة الاستحواذ!. إنكم تعينون على أنفسكم وما تشعرون.. تضعون العصي في عجلتكم وما تبصرون، تنفرون الاخيار وتبعدون الموهوبين-كونهم يذكرونكم بغبائكم وفسادكم – وتستعينون بالامعات الخنوعين الذين بدورهم استعانوا بالارذل والاردئ لتدوروا في حلقة مفرغة من الفشل والاخفاق والتقهقر !.
ألا ترون تداخل الخنادق، واختلاط الأوراق؟!،الا تشعرون بما يراد بكم ؟ الا تحسون بحجم الطوفان الداهم ؟!!. فما لكم تصيرون لغازيكم جسرا؟؟مالكم تهبون للفتنة ضرعاً و ظهرا، ؟! فتُركبون، وتُحلبون، وتُذبحون ليتربع المنهزمون.. الفارّون: (إن تعرف نفسك فقد كسبت نصف المعركة، فإن عرفت عدوك كسبت المعركة كلها)، وما أحسبكم تعرفون.. وأظنكم صم بكم عمي لا تفقهون.
عدوكم يمتلك المليارات، يوظف ماكينات الاعلام بكل صنوفها وبارقى واحدث ادائها ، واخبث اساليبها، ويجند المتشردين والمرتزقة والمدمنين.. يدعمه الموتورون والمضللون وفاقدوا امتيازات حكمهم ( الذهبي )، يخترقكم حتى العظم وأنتم عنه ساهون، وها هو يتدرع بكم، جاعلاً منكم دريئة، وأنياباً، ومخالب!.. حتى إذا أنهكتم بعضكم أجهز عليكم بضربة معلم معلناً انتصاره الساحق لتعودوا اذلة مسحوقين مخذولين منكسرين ، ولتبدأ من جديد دورة المعادلة المجحفة الظالمة اشد قسوة واعتى اذلالا وامتهانا وعبودية .
كنت أعجب- كلما قرأتُ التاريخ- من هذا الفشل الذريع والاخفاق الذي يلازم دعواتكم،ويرافق ثوراتكم ، ويصاحب انتفاضاتكم – ولا شك ان غيري أشد عجباً- وما أجدَتْ معي نفعاً كل تحليلات المختصين، وتنظيرات المنظرين، المتعاطفين معكم والمناوئين. أما وقد عايشتكم.. وبلوتكم.. وخبرتكم ميدانياً فقد زال عجبي، وزاد برمي. ونحيت كل مراجع وقائعكم، ألستم خير خلف لخير سلف؟!.
وإن هذا السليل لذاك الدليل، هذه الجينات من تلك الأمشاج؟!. تهزأ بكل حضاري.. تناجز كل ريادي..تحارب الموهوب الكفوء .. تنبذ الخير النقي .. تناحر التجدد .. ترفض التغيير.. تجتر.. وتجتر.. تُلدغ من الجحر مرات.. ومراتٍ، يتعظ بهاولا تُتعظ.
تاريخكم يكرر نفسه؛ وعدوكم يعبيء جنده ، ويجعلكم ترسه!. يغير جلده، يستثمر أبعاده الأربعة ليحصد زرعكم اليافع!!، فأنصروه بتشتتكم، وادعموه بتشرذمكم؛واعينوه بسوء اختياركم. حتى إذا أعلن انتصاره على أكتافكم واشتفى بكم، ومحى وجودكم، اشتموه بما شئتم.. اتهموه بجرائر التهم، انعتوه بأقذر النعوت، فلن يبالي.. ولن يبالي.. فقد سبر غوركم، بعد ان كشفتم عورتكم. وما دام الظهر ظهركم، والضرع ضرعكم، والرقاب رقابكم، والقطف من الجني حصته ونصيبه، فما الذي يضيره ولماذا يبالي؟!. وعندها انشغلوا بدفن ضحاياكم .. ولملمة جراحكم، وعلقوا خيباتكم على شماعة حظكم العاثر، إملأوا جيوبكم ندماً وحسرة ولات ساعة مندم، ومن جديد.. إبدأوا دورة انتظاركم التليد!!.