د.عبدالخالق حسين
(قول الصدق في زمن الخديعة ثورة – جورج أرويل).
في زمن الانترنت ومشتقاته، مثل الصحف الإلكترونية، ومواقع التواصل الإجتماعي، واليوتيوب وغيرها، صار بإمكان أي فرد لديه بعض الإلمام في استخدام التقنية المعلوماتية (IT)، أن يفتح له قناة تلفزيونية، وإذاعة، وصحافة إلكترونية وغيرها، يبث من خلالها ما يشاء من حقائق وتزييف الحقائق، وأراجيف وفبركات، بل وحتى العمل على إسقاط حكومات وأحزاب، وإفلاس شريكات، وتسقيط شخصيات، وتحريك وتضليل ما يشاء من جماهير في تظاهرات سلمية أو عنيفة…الخ. فهذه التقنية سلاح ذو حدين، يمكن استخدامه للخير والشر.
ولذلك فهناك خطر كبير على الديمقراطية، وعلى استقرار الدول والشعوب، وحتى على الحضارة البشرية نفسها. وفي هذا الخصوص نشر أ.د. كاظم جواد شبّر، الأستاذ في جامعة ويست منستر/لندن، بحثاً أكاديمياً قيماً بعنوان: (في عالم سريع التغير: خطر “الحرب الناعمة” صار يداهم حكومات الأرض كافة)، جاء في مقدمته ما يلي:
“أصبح لزاما علينا أن نفهم ما يكمن وراء التطورات الجيوسياسية و النفسية و التقنية، التي باتت تتحكم في مجريات الأمور العامة على وجه هذا الكوكب. فهذه التطورات صارت تفعل فعلها و تفرض وقعها في بَلورة تغييرات تريدها جهات ذات مصالح سياسية أو إقتصادية أو مالية، إذ قد تكون هذه الجهات حكومات أو منظمات أو مؤسسات أعمال، أو حتى أشخاص ممن يقال بأن لديهم “دفتر شيكات سمين”!. فما أصبح يدعى بـ” الحرب الناعمة” هو حقيقة واقعة يجب على الفئات الحاكمة )وغير الحاكمة كذلك) في كل بلد أن تفهمه جيداً و على نحو عميق، لاسيما وأن الأمر بات يتشابك على نحو معقد مع التغييرات التقنية و النفسية و الإقتصادية، التي لم يَعد بالإمكان تحاشيها أو تحييدها أو تجاهلها.)(1)
والعراق أحد البلدان التي حرمت من الاستقرار، “في عالم سريع التغيّر”، إذ يواجه الآن أخطر أزمة في تاريخه، وهو الانفجار الشعبي بتظاهرات ضد الحكومة، بدأت سلمية بمطالب مشروعة لمعالجة (الفساد، وتردي الخدمات والبطالة). ولكن بعد أن تم تثوير الشارع، تجاوزت الأسباب المعلنة، وصار التركيز على أغراض لم تدر بخلد المتظاهرين الحقيقيين من فقراء الشعب، بل تجاوزت إلى إسقاط الحكومة، وحل البرلمان، وإلغاء الديمقراطية، والدستور أو تعديله بشكل جذري… وأخيراً تم التركيز على قضية واحدة، وهي التخلص من النفوذ الإيراني!!ّ (إيران برة برة..!)
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: أين الخلل في عراق ما بعد 2003؟ وما هي الأسباب الحقيقية لهذا الاحتقان والأزمات المستمرة؟
هناك سيل هائل من المقالات والاقتراحات تريد أن تبين أسباب الخلل، و وضع العلاج الناجع لها، نوجزها بما يلي:
– الحكومة فاسدة لأنها من صنع أمريكا وإيران،
– الديمقراطية كذبة لأنها مستوردة من أمريكا،
– البرلمان مزيف لأنه جاء عن طريق انتخابات مزيفة،
– الخلل في قانون الانتخابات، ومفوضية الانتخابات المستقلة، والنظام الانتخابي، لذا يجب تبديل كل هذه الأنظمة والقوانين.
– الدستور مزيف لأن الذي وضعه هو الحاكم المدني الأمريكي بول بريمير، ويقترحون كتابة دستور جديد…
-الخلل في نظام المحاصصة…
– وهناك من يقترح النظام الرئاسي، أي رئيس تنفيذي للجمهورية منتخب مباشرة من الشعب بدلاً من النظام البرلماني… الخ.
فهل حقاً كل هذه القوانين والأنظمة والمؤسسات الدستورية هي من صنع أمريكا؟ وهي سبب معاناة الشعب العراقي من هذا الثالوث المدنس: (الفساد، وتردي الخدمات، وتفشي البطالة؟).
كيف بدأت المظاهرات وإلى أين وصلت؟
في الظاهر بدأت المظاهرات بعفوية وسلمية تطالب بمعالجة المشاكل آنفة الذكر، ورحبنا بها، وحذرنا في نفس الوقت من اندساس أعدائهم واختطافها، فواجهنا سيلاً من الاتهامات والبذاءات من بعض الكتاب والجيوش الإلكترونية، بأننا ضد التظاهرات السلمية المشروعة، ولا يوجد مندسين، ولا أيادي خفية، وأننا ندافع عن الأحزاب الإسلامية الفاسدة، والحكومة الجائرة، ومصابين بمرض نظرية المؤامرة! وأن حزب البعث قد انتهى!!
فهل حقاً انتهى البعث؟ يجيب على هذا السؤال الدكتور سلام الزوبعي في مقابلة تلفزيونية قال ما مؤاده، أن حزب البعث لم يفقد الأمل إطلاقاً في استعادة السلطة، ومستعد في سبيل ذلك أن يتحالف مع الشيطان، ويضحي بالشعب، وهو موجود الآن في السلطة، وفي الأحزاب الحاكمة، والمؤسسات الأمنية والقوات المسلحة، وعلى جميع المستويات.
لذلك فعلى من يعتقد أن حزب البعث قد أنتهى، أن يعيد النظر في حساباته. نعم أنتهى من حيث عدم تمكنه لاستعادة السلطة، ولكنه مازال متمكناً من إلحاق الأضرار البالغة بالشعب.
لذلك سرعان ما حصل كل ما حذرنا منه، فها هي المظاهرات تحولت بسرعة إلى حرب الشوارع، رافقها إشعال الحرائق، وتدمير أبنية حكومية، وقتلى بالمئات، وجرحى بالألوف، وفرض الإضرابات وتعطيل الخدمات بالقوة؟ وكل هذه الجرائم تحمل بصمات حزب البعث الذي نعرف تاريخه جيداً.(2)
كذلك تم التركيز على هدف واحد وهو “تحرير العراق” من “الاحتلال الإيراني الصفوي”، وترديد هتافات (إيران برة برة …). وجاء التأييد لهذا الهدف الأخير من الدول الغربية وخاصة أمريكا، ووسائل إعلامها، وآخر تأكيد بهذا الخصوص جاء من وزير خارجية أمريكا مايك بوبييو، يطالب حكومتي العراق ولبنان بالتخلص من النفوذ الإيراني.
وكذلك أفادت الأنباء، (لم تتأكد بعد)، أنه (في حركة غريبة تأتي بالتزامن مع التظاهرات في العراق دعت السعودية إلى عقد مؤتمر دولي بإشراف الأمم المتحدة وأمريكا، بعنوان: (العراق آفاق مستقبلية).دعت إليه كل أطراف النظام السابق ورموزه البعثية والاجرامية وعلى رأسهم رغد صدام حسين… السعودية التي فتحت كل ابوابها للإطاحة بوالدها صدام حسين. ومن هذا يتضح أن السعودية التي فشلت في اسقاط الحكم في العراق عن طريق ضخ عشرات الألوف من الانتحاريين والمتآمرين تعمد اليوم إلى استخدام الحرب الناعمة لإسقاط الحكم في العراق وبذلك يكون الخطر قد بات فعلا على الابواب ويقف متربصا خلف الشبابيك.)(3)
فهل كل هذه التدخلات هي من أجل الشباب الشيعة المحرومين من الخدمات والوظائف؟
الدور الأمريكي في العراق
نعم، سقط النظام البعثي الصدامي الجائر على يد قوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا وبريطانيا، لأسباب كثيرة، منها عدم تمكن الشعب العراقي من إسقاطه رغم محاولاته العديدة التي انتهت بمئات المقابر الجماعية، إضافة إلى محاولة النظام امتلاك سلاح الدمار الشامل، واحتلاله الكويت، وتهديده لأمن وسلامة الدول الحليفة لأمريكا في المنطقة… الخ. وهذه تشكل خطوطاً حمراء لدى أمريكا. ولا ننسى أن حزب البعث اغتصب السلطة مرتين: في عام 1963 وعام 1968 بدعم أمريكي. لذلك بات واضحاً أنه ما كان ممكناً التخلص من هكذا نظام إجرامي إلا بالدعم الأمريكي أيضاً.
نعم، كانت الحكومة العراقية التي تمثلت بمجلس الحكم عام 2003، وحكومة أيادي علاوي عام 2004، بتعيين أمريكي. ولكن جميع الحكومات التي تلت حكومة أياد علاوي عام 2005 لم تكن من صنع أمريكا، بل جاءت عبر صناديق الاقتراع، أي كانت منتخبة من الشعب العراقي، وليست نتاج اتفاق أمريكي – إيراني كما يدعي اعداء الديمقراطية والعراق الجديد. وهذا ينطبق على البرلمان أيضاً، وبغض النظر عن الصراعات بين الكتل البرلمانية، فهذه ليست من مسؤولية أمريكا، بل العيب في السياسيين العراقيين أنفسهم الذين فشلوا في توحيد صفوفهم، و العمل بنظام ديمقراطي سليم، والتمسك بالوحدة الوطنية العراقية.
أما الدستور، فلم تكتبه أمريكا، إذ كانت هناك محاولات لكتابة الدستور عن طريق خبراء تختارهم أمريكا، ومن يتعاطف معها، إلا إن الاحتجاجات الشعبية أفشلت المحاولة، فأفتى المرجع الديني السيد علي السيستاني بكتابة الدستور من قبل عراقيين منتخبين من الشعب، فكان البرلمان التأسيسي، حيث تم اختيار 70 عضواً برلمانياً من مختلف الكيانات السياسية والدينية والأثنية، واستغرقت كتابة مسودة الدستور نحو ثلاثة أشهر، وتمت مناقشتها في وسائل الإعلام، والبرلمان الذي صوت عليها، وبالتالي طرحت المسودة النهائية للإستفتاء الشعبي، وصوتت عليه غالبية الشعب. لذا فالدستور عراقي 100%، لأنه كُتِبَ من قبل عراقيين منتخبين، واكتسب الشرعية من تصويت الشعب عليه. وعليه، وكما يرى البعض من المنصفين، أن العيب ليس في الدستور، بل في عدم تطبيقه. لذا من الهراء وصف الدستور بأنه غير شرعي، أو أنه صناعة أمريكية كتبه بول بريميىر.
ولكن بالتأكيد، الدستور العراقي، وكأي دستور آخر في العالم، لم يخل من ثغرات ونقاط ضعف، ولكنه كان القاسم المشترك الذي أمكن إصداره تحت ضغوط تلك الظروف القاسية من الإرهاب المحلي والدولي. فمن المستحيل في هذه الحالة كتابة دستور يُرضي الجميع، وبدون تذمر من أية جهة. لذلك نؤكد أن الدستور العراقي يحتاج إلى تعديل من قبل خبراء، وليمر بمراحل إنضاجه بنشر التعديلات على الرأي العام العراقي ومناقشتها، ومن ثمَّ طرحها على الشعب للإستفتاء عليها. ولكن في جميع الأحوال، لا يمكن إلغاء الدستور أو تعديله بعجالة تحت ضغوط مظاهرات مصحوبة بالعنف.
حكومة انتخابات أو حكومة مظاهرات؟
هناك حملة شرسة خطرة ضد الديمقراطية في العراق، ومحاولة شيطنتها، وإسقاطها نهائيا.
والسؤال هنا، أية حكومة نريد، حكومة تفرزها صناديق الاقتراع بانتخابات حرة ونزيهة، أم حكومة تفرضها تظاهرات شريحة من الشعب مصحوبة بالعنف، سيطر عليها مندسون من حزب البعث المدعوم من حكومات واستخبارات أجنبية؟ فالملاحظ هذه الأيام، أن راح كل من يريد ركوب موجة التظاهرات أدعى أنه مخوّل من الشعب. وعلى سبيل المثال، مدير مدرسة يعطِّل الدراسة، ويقفل بوابة المدرسة ويضع قطعة عليها، (تقفل المدرسة بسم الشعب). من الذي فوض هؤلاء أن يفرضوا قراراتهم الشخصية بسم الشعب؟ لا شك أن هذه فوضى ( Anarchy)، وليست تظاهرة سلمية، ولا يراد منها حل المشاكل الأساسية التي انطلقت التظاهرات من أجلها في أول الأمر، وإنما محاولة إجرامية لإسقاط الدولة العراقية.
فجميع دول العالم المتحضر، وكذلك مختلف شرائح المثقفين العراقيين يؤكدون على أن النظام الديمقراطي هو أفضل ما أنتجته الحضارة البشرية لحكم الشعوب المتحضرة. وشعبنا عانى الكثير من مظالم الأنظمة الدكتاتورية الجائرة، لذلك من حقه أن يتمتع بالنظام الديمقراطي، ويجب أن لا يتنازل عنه إطلاقاً، وتحت أي نوع من الضغوط والتهديد والبلطجة. فالحكم الديمقراطي هو حكم الشعب ومن الشعب وإلى الشعب، ومن يريد عكس ذلك فهو عدو الشعب.
المشكلة ليست في الديمقراطية، بل في عدم ممارستها من قبل البعض في العراق، أي عدم مشاركة الشباب في الانتخابات. ففي الانتخابات الأخيرة عام 2018، امتنع نحو 55% من الذين يحق لهم التصويت عن المشاركة في اختيار ممثليهم في البرلمان (مجلس الشعب)، بذريعة أن الانتخابات لا جدوى منها لأنها ستأتي بنفس الأحزاب والأشخاص “الفاسدة”. طيب، كان هناك أكثر من 7000 مرشح يتنافسون على 329 مقعداً، أي بمعدل 21 مرشح لكل مقعد. فهل كان كل هؤلاء المرشحين فاسدين؟ وهل حقاً صار هذا الشعب لا ينجب إلا فاسدين؟ إذا كان الأمر كذلك، فهذا يعني أن المجتمع العراقي كله فاسد وغير قابل لإنتاج مرشحين وطنيين نزيهين، وهذا غير معقول، ويعتبر إهانة لشعب عُرِف بأنه شعب الحضارات.
والجدير بالذكر أن النظام الديمقراطي هو وحده الذي يحقق التبادل السلمي للسلطة، وبدون إراقة دماء، أي تغيير الحكومة بقصاصة ورقة انتخابية بدلاً من الرصاص(Ballot Instead of bullet). والمطلوب من المتنافسين و الجماهير تعويد أنفسهن على تقبل النتائج.
لقد اعترض بعض القياديين السياسيين الذين جاءت النتائج دون توقعاتهم في الانتخابات الأخيرة (عام 2018)، وطالبوا بإعادة فرز الأصوات باليد،. فاستجابت لهم المفوضية، وكانت النتائج مطابقة للفرز الإلكتروني 100%.
نستنتج من كل ما سبق، أنه لا يمكن معرفة رأي الأغلبية الحقيقي إلا من خلال صناديق الاقتراع، وليس من خلال التظاهرات الصاخبة، ومهما بدى لنا حجمها، خاصة تلك المصحوبة بالعنف. فليس من حق الأقلية فرض إرادتها على الأغلبية بالقوة. وفي هذا الخصوص يقول العلامة علي الوردي: “لو كنت من أرباب العمائم لأفتيتُ باعتبار التصويت واجباً دينياً ولجعلتُ التقاعس عنه ذنباً لا يغتفر… أنا أعرض هذا الرأي على رجال الدين، وأتحداهم أن يقبلوه أو يتحققوه.” (علي الوردي، وعاظ السلاطين، ص 108).
لذلك كان على الشباب الذين يتظاهرون اليوم، المشاركة الفعالة في الانتخابات ومنح أصواتهم لمرشحي القوى العلمانية الديمقراطية، الذين يثقون بهم. أما المطالبة بإلغاء هذه المؤسسات الديمقراطية فتجلب عليهم و على الشعب أعظم البلاء.
أيهما أفضل، النظام الرئاسي أم البرلماني؟
هناك من يطالب بنظام رئاسي على غرار النظام الأمريكي والفرنسي. نعتقد أن هذا النظام يجعل من رئيس الجمهورية دكتاتوراً منتخباً، لأنه يتمتع بصلاحيات أوسع من صلاحيات البرلمان. وهذا يشكل خطراً على الديمقراطية الوليدة في العراق، لأن هناك نزعة لدى المسؤول العراقي أن يتحول إلى مستبد. وفي هذا الخصوص ندعو القارئ الكريم إلى قراءة مقال الدكتور حميد الكفائي الموسوم: (النظام الرئاسي لن يحل مشكلة العراق)(4)
أي نظام انتخابي يصلح للعراق؟
كذلك يطالب العض بنظام تقسيم العراق إلى 329 دائرة انتخابية، وتبني نظام (الفائز الأول First past the poll). كتبتُ مقالاً في هذا الخصوص عام 2004، وتوصلت إلى أن النظام الانتخابي الأنسب والأفضل للعراق هو التمثيل النسبي(PR) لعموم العراق. لأن هذا النظام سيرغم العديد من الأحزاب الصغيرة المتقاربة في برامجها إلى الاندماج في حزب واحد، وتدريجياً سوف تختفي الأحزاب الصغيرة الموسمية الكثيرة و ستظهر أحزاب كبيرة وقوية. أما نظام (الفائز الأول First past the poll)، المتبع في انتخابات نواب المجلس العموم البريطاني، فغير منصف، لأنه دائماً يكون الحزب الفائز بأغلبية المقاعد نسبة المصوتين له لا يزيد على 40% في أحسن الاحوال، يعني 60% من الشعب ضد الحكومة.(5)
إذن، أين الخلل؟
1- لا شك أن الخلل في تفشي الفساد بين المسؤولين من قادة الأحزاب المشاركة في السلطة والعملية السياسية، ومن جميع الانتماءات الدينية والطائفية والأثنية،
2- الكل مشاركون في التقصير، بمن فيهم المتظاهرون، لأن غالبيتهم استهانوا بالانتخابات، ورفضوا ممارسة حقهم الديمقراطي كمواطنين، في الإدلاء بأصواتهم للمرشحين الجيدين، مما شجع فوز الأحزاب الفاسدة،
3- الصراع العنيف بين الكتل السياسية البرلمانية المشاركة في السلطة، واهتمامها بمصالحها الفئوية والشخصية على حساب مصلحة الشعب،
4- هذا الانفجار جاء مباشرة بعد إبرام عقد إعمار العراق مع الصين الشعبية، ورفض العراق الاستجابة لفرض الحصار الاقتصادي على إيران، وحل الحشد الشعبي، وكذلك رفضه لما سمي بـ(صفقة القرن) في حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. لكن الخلل الأكبر الذي أغاض أمريكا هو النفوذ الإيراني في العراق. وهذا يعني أن هناك أيادي أجنبية وراء هذه المظاهرات التي تحولت إلى حرب الشوارع. وطالما رفض رئيس الوزراء الحالي أو الذي يليه التخلص من النفوذ الإيراني، فهذه الحالة البائسة ستستمر، ويبقى الشعب العراقي محروماً من الاستقرار، وبلاده ساحة للحروب بالوكالة بين إيران وأمريكا، وبدماء العراقيين.
وأخيراً نقول: ربَّ ضارة نافعة، فما يجري الآن ربما هو المخاض العسير لولادة عراق ديمقراطي مستقر ومزدهر. إذ كما قال هيغل: “إن ولادة الأشياء العظيمة دائماً مصحوبة بألم.”