فواد الكنجي
بغياب التدبير العام للشأن السياسي للدولة العراقية من منهجه الديمقراطي وابتعاد بعده عن القيم الوطنية.. والأخلاقية.. والاجتماعية.. والاقتصادية.. يشكل محورا أساسيا للازمة الخانقة في (العراق)؛ ومظهر من مظاهر الخفية والجلية في كل مفصل من مفاصل الحياة في الدولة؛ لطبيعة الأزمة التي تتفاقم وتشد الخانق على المواطنين ليس في لقمة عيشهم.. واتساع ركعة البطالة بين صفوف الشباب.. والفقر.. وسوء الخدمات العامة.. ومن التهجير.. والإقصاء.. والتميز.. والقتل.. والخطف.. والفساد.. ونهب أموال العامة، فحسب، بل تمادت لـ(تخطف الوطن)؛ ولهذا علت صيحات الشعب بالتظاهرات والاحتجاجات (نريد وطن) في الأول من تشرين الأول 2019، لتتسع المظاهر الاحتجاجية في كل مدن (العراق) والتي لم تفلح السلطات الثلاث التنفيذية.. والتشريعية.. والقضائية.. من إيجاد حلول ناجعة تحد وتنهي جوهر الأزمة السياسية في البلاد طوال هذه الفترة؛ لا لشيء إلا لكونها جزء من المنظومة السياسية الفاسدة التي تدير شؤون الدولة – وهي منظومة الأحزاب للإسلام السياسي وميلشياتهم – لذلك فان هذه المنظومة لم تخرج بنتائج مرضية تلبي مطالب الشعب، في وقت الذي مع تزايد معانات المتظاهرين السلميين؛ تتسع يومنا بعدا أخر ركعة التظاهرات في كل مدن (العراق) وتحديدا الجنوبية منها والوسطى؛ وبحجم القوة المفرطة التي تم ويتم استخدامها من قبل جهات أمنية وميلشيات حزبية منفلتة في استهدافهم؛ ارتفع عدد من استشهد في هذه التظاهرات السلمية أكثر من ستمائة وخمسون شهيد؛ و جرح أكثر من خمسة وعشرون إلف متظاهر- خمسة ألاف منهم أصيبوا بعوق دائم – وأكثر من مائة مختطف مازال مصيرهم مجهول لحد إعداد هذا المقال؛ وجل من استشهد وجرح واختطف واعتقل من هؤلاء المتظاهرين لم يحملوا في ساحات التظاهر سوى أعلام (عراقية) ومطالب مشروعة، ومع هذا الاحتقان الشعبي الواسع النطاق لم تدرك أي من السلطات الثلاث خطورة هذا الموقف على مجمل العملية السياسية في الساحة (العراقية) والتي قامت وفق أسس خاطئة باعتمادهم على منهج المحاصصة الحزبية والطائفية التي لم تكن فحسب أحدى مسببات الأزمة بل سبب من أسباب الأزمة العامة التي تشمل كل شيء .
نعم إن الأزمة السياسية في العراق؛ أزمة حقيقية، حادة وخطيرة؛ لان الشعب اتخذ من النخب السياسية وأحزاب السلطة للإسلام السياسي التي حكمت البلاد منذ 2003 والى يومنا هذا؛ موقف لا رجعة فيه برغبتهم في إبعادهم عن السلطة؛ ليس بقوة السلاح بل بقوة ديمقراطية؛ باعتبار الشعب مصدر السلطات؛ وهذا هو شعار كل المتظاهرين الشباب والشعب (العراقي) لهذه المرحلة، حيث تتوحد رؤية المتظاهرين السلميين مع تطلعات الشعب؛ لأنهم يريدون من ثورتهم إن تكون سلمية ووفق سياقات دستورية وقانونية؛ ابتداءا بحل جميع أحزاب السلطة التي أساسا شكلت وفق أسس طائفية.. ومذهبية.. ودينية.. واثنيه.. ويرافق ذلك بحل جميع ميلشياتها المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة؛ لكون جل هذه الأحزاب؛ هي أحزاب للإسلام السياسي؛ يرافق تكويناتها ميليشيات مسلحة خصص لهم رواتب وامتيازات من وزارتي الدفاع والداخلية والأمن الوطني (العراقي) وعلى حساب ميزانية الدولة و قوت الشعب؛ وهي من ضمن الميزانية الحكومية، وهذا التخصيص هو من دعم نفوذهم وقوتهم؛ إضافة على ما يتلقون من دعم مادي ولوجستي من قبل (إيران)؛ بكونهم جزء من اذرعها في المنطقة، وبعد إن أصبحوا جزء من المعادلة السياسية في (العراق) بعد 2003؛ وبدون هذا الدعم فان وزن هذه قوى كقيمة صفر على الشمال، لذلك يتحتم وفق مطالب الجماهير المنتفضة تجميد أنشطة هذه الأحزاب وحلها وإعادة الأموال المسروقة ومحاكمة الفاسدين ومحاكمة كل من تثبت تورطه بجرائم القتل أو كان سبب في التهجير والنزوح عوائل عراقية لأسباب طائفية ودينية وقومية؛ وما تم لكثير من تلك الأسر من حالات التهديد.. والخطف.. والقتل؛ وجل هذه الجرائم والأفعال المشينة بالقيم العراقية لم يخرج نطاق ارتكابها من تحت عباءة هذه الأحزاب وميلشياتهم، بعد إن أصبح البيت السياسي (العراقي) خاضع لقوى هذه الأحزاب التي تدير السلطة في البلاد؛ لتشكل منظومة هذه الأحزاب وميلشيات مرتعا للفتن.. والمشاكل.. ووكرا لتجار وسماسرة الحروب.. والسراق.. والفساد..والقتل.. والخطف.. والتهجير.. والشرور.. والأزمات.. والذين يلوحون بالحرب الأهلية بين أطياف الشعب كلما تم الضغط عليهم من قبل الجماهير المتظاهرة؛ بما ساد في أوساطهم من مجاميع وميلشيات منفلتة وهيئات مغرضة لإشعال الفتن، وهؤلاء النخب من السياسيين جلهم من المغرضين.. والانتهازيين.. والفاشلين.. والهاربين من وجه العدالة في العهد السابق؛ تسود ما بينهم تجاذبات.. وخلافات.. وانشقاقات.. توهموا – في غفلة من زمن – بأنهم أصبحوا قادة سياسيين يمسكون بزمام أمور وتسير شؤون الدولة، ونضرا لقوى الجماهير المنتفضة المرابطين في ساحات وشوارع المدن العراقية – جماهير انتفاضة أكتوبر- وضعوا جميع هؤلاء أحزاب السلطة للإسلام السياسي في قلب الأزمة وسببها، لذلك عملت هذه القوى الميلشياتية رسم إستراتيجية تتعامل مع المنتفضين وفق قواعد مشيطنة للقضاء وإخماد نيران الانتفاضة؛ وذلك باعتماد على عامل الوقت.. وتحريف مسار الانتفاضة عبر ارتكاب جرائم شنيعة؛ أو عبر القمع.. والقتل.. والخطف.. والتسويف.. والاستنزاف. ومع هذا الجو المشحون بين الجماهير المنتفضة وأحزاب السلطة وميلشياتهم؛ فان أمر حل هذه الأحزاب من تلقاء نفسها أمر مستحيل، لأنهم لن يسلموا السلطة إلى الجماهير على طبق من ذهب، لذلك فإننا سنشهد تصعيدا خطيرا.. وخطيرا جدا على الساحة (العراقية)؛ كما يحث الآن بعد مرور أكثر من مائة يوم من الانتفاضة الجماهير، وإذ ما تم تدخل إطراف أخر بهذا الشأن فان الساحة (العراقية) ستكون مفتوحة لتصعيد على كل اتجاهات وبما لا يحم عقابه .
ومن هذه الحقائق نقول: إن كل ما أصاب المشهد السياسي في (العراق) من اختناقات؛ قد أتى نتيجة تخبط الزعامات السياسية للأحزاب السلطة والكتل السياسية وأدى إلى تدهور أوضاع الدولة (العراقية) على الأصعدة الأمنية.. والسياسية.. والاقتصادية.. والاجتماعية.. ناهيك عن ما أصاب مؤوسسات التربية.. والتعليم.. والصحة.. والصناعة.. والزراعة.. من تدهور خطير كان من مسببات الأزمة التي داهمت واقع الحياة للشعب (العراقي) ما بعد 2003 بعد إن أصبح الشعب برمته تحت مستوى الفقر؛ بينما أثرت الطبقات السياسية التي تدير شؤون الدولة (العراقية) بشكل فاحش وغير معقول؛ ومن خلال هذا الغنى الذي تم تكوينه بطرق غير مشروعة وعبر سرقات (ثروة النفط) التي هي ملك الشعب؛ ولكن تم الاستحواذ عليها، لذلك لم يكن إمام الشعب سوى الاحتجاجات والتظاهرات لترتقي إلى مستوى الانتفاضة الشعبية ضد النظام السياسي والأحزاب التي خطفت السلطة من البلاد، ليبدؤها سلمية؛ وما زال المتظاهرين متمسكين بهذا الهدف في (سلمية التظاهرات) لحين إن يتم استرجاع السلطة إلى أبناء الشعب؛ بكون المنظومة السياسية الحاكمة أخفقت طوال سبعة عشر عام عن إدارة الدولة نتيجة فسادهم وعدم وجود إستراتيجية لإدارة ملفات الدولة كدولة مستقلة لها سيادة واستقلال، لذلك فهذه المنظومة السياسية والحزبية التي تحكم البلاد هي منظومة غير صالحة لقيادة الدولة، ورغم العنف المفرط التي تستخدمه السلطات والأحزاب وميلشياتهم في قمع المتظاهرين؛ إلا إن الشعب ما زال ينادي بـ(سلمية التظاهرات) ويتجنب الاصطدام مع أجهزة الأمنية التي – بهذا الشكل أو ذاك – تدار من قبل أحزاب السلطة؛ لان الشعب يريدها (ثورة بيضاء) ينهي من خلالها الاستبداد والفساد والطغيان؛ لان الشعب ليس إمامه سوى هذا الخيار بعد إن شد العزم والنضال لإسقاط منظومة الفساد التي تقودها أحزاب السلطة والمنظومة السياسية للإسلام السياسي؛ بعد إن أصبح بينهما شرخا عميقا لا يمكن ترميمه إلا بزوال كافة أحزاب السلطة وميلشياتهم العميلة والنخب الحاكمة الذين خطفوا الدولة وعملوا جهارا – نهارا على نهب ثروات الدولة وإخضاع سلطته لدول إقليمية تدعم أنشطتهم السياسية داخل البلاد؛ لحين إن يتم إزاحة هذه النخب السياسية التي حكمت البلاد بالفساد والطغيان؛ ليتم تظهير البلاد من آفاتهم بعد إن استشرى وبائهم في كل مفاصل الدولة، وقد إن الأوان لتطيره واستئصال جرثومة أحزاب السلطة والطغمة الحاكمة لإنقاذ (العراق) من هذه الأزمة الكارثية .
لذلك فان مطالب الجماهير المنتفضة؛ وبتعاضد كل شرائح الشعب طلاب.. وأساتذة.. وفنانين.. وإعلاميين.. وفلاحين.. وعمال.. وموظفين.. وكادحين.. و محامين.. وأطباء.. ومهندسين.. وغيرهم.. إنما شكل كل ذلك أساس لانبثاق (الثورة)، لان تنظيم روح الانتفاضة – والتي رسخت في عقليتهم وضمائرهم – روح الكفاح والنضال؛ وهم يرسمونها بخطى واثقة للانتقال إلى المرحلة القادمة عبر تواصل الضغط ليتم تشتيت أداوت القمع التي تمارسها أحزاب السلطة لقمع (الثوار)؛ بعد إن تواطأت أجهزة السلطة مع ميلشيات للأحزاب الحاكمة مع مختلف أجنحتها وتياراتها و ميليشياتها التي تمولها دول الإقليم ؛ من اجل تطويق الانتفاضة الجماهيرية والسيطرة عليها، ولكن هذه المؤامرة التي تحاك ضد أبناء الشعب (العراقي) بات أمرها مفضوح لداني والقاصي ولم يعد احد يخدع بها نتيجة ما تمارسه هذه القوى الهمجية التي تسيطر ميلشياتها على القرار السياسي لدولة (العراقية)؛ من ممارسات مشينة في خطف.. وتعذيب.. واغتيال المتظاهرين.. وإرسال مندسين لإخراج التظاهرات من مسار سلميتها؛ وهي أخر أوراق تمارسها ميلشيات الأحزاب الحاكمة لإنقاذ سلطتهم؛ وبما تم من حصول على امتيازات ونهب ثروة البلد ونفوذ خلال سبعة عشر عام؛ فأسسوا لأنفسهم شرعية لحكم (العراق) اتخذوا من الأشرار وشلة من النفوس الضعيفة خانوا الوطن؛ وهم بالأساس ليس لهم مناصرين في (العراق) ومنبوذين من قبل الشعب، ولهذا فان هؤلاء (العملاء) و(الخونة) يحاول بكل أساليب الشيطنة عسكرة الانتفاضة وتحويلها إلى مسار سياسي ليدب الصراع المسلح بين إفراد المجتمع؛ ليتناحر فيما بينهم؛ وهذه أخر ورقة يحاولوا هؤلاء الأشرار العمل بها؛ ولكنهم سيخسئون لان الجماهير (العراقية) اليوم هم بقلب رجل واحد بكل أطيافهم.. ومكوناتهم.. وقومياتهم.. ودياناتهم.. وقد قرروا إنهاء العملية السياسية ومنظومة الحكم التي تديرها أحزاب السلطة وميلشياتهم العميلة والخائنة؛ دمرت البلاد خلال سبعة عشر عام من حكمهم الشرير؛ فهذه الزمر التي أياديهم ملطخة بالدماء وجراحات الآلاف الشباب والشابات؛ فان الشعب قرر إن يضع الحد لهذه المهزلة من حكم شلة من المجرمين والقتلة والهاربين من العدالة؛ شلة التي تحكم البلاد بقوة نظام فاشستي؛ لا يترددون في استخدام اشد الطرق الدموية وأبشع الوسائل الوحشية وقسوة للقضاء على انتفاضة الشعب .
الانتفاضة، التي خرجت من اجل صناعة تاريخ جديد وعصر جديد في (العراق)، لان أهداف ثورة الشعب (البيضاء) تتمحور لصناعة (وطن جديد) لا يكون لأي طرف من إطراف العملية السياسية والحزبية التي حكمت البلاد منذ 3003 والى يومنا هذا فرصة لفرض إرادتهم على الشعب، لان هدف المتظاهرين هو في تغيير العملية السياسية تغييرا ديمقراطيا؛ وتغييرا جذريا من رموزها الحاليين؛ ومنعهم من المشاركة في أي عملية سياسية مستقبلية؛ وتغيير الدستور ومحاسبة الفاسدين وإجراء انتخابات نزيهة بإشراف دولي، بعد إن فشل مشروع الإسلام السياسي الراديكالي في حكم البلاد؛ وبعد إن لطخت أيديهم بدماء الشعب (العراقي)، وهو الأمر الذي تم تعرية جرائمهم ضد الشعب محليا.. وإقليميا.. ودوليا.. وإدانته كل منظمات حقوقية في العالم، ليصبحوا بلا غطاء حقيقي؛ لا شعبي.. ولا سياسي.. ولا شرعي.. يمكنهم أن يحتموا به في قادم الأيام بعد إن أصبح (الوطن) هو مرجعية الشعب لكل الديانات.. والقوميات.. والمذاهب.. وما يجب التأكيد علية هنا – وأخذه مأخذ الجد – بان السلطة التي تدار من قبل الأحزاب والميلشيات الدينية المتطرفة؛ هي اليوم تشكل قوى المضادة لتطلعات الشباب والشعب (العراقي)؛ وهم مع تزايد الضغط الجماهير عليهم؛ يصرون أكثر على عدم تسليم السلطة وأداة الدولة لجماهير الشباب المنتفض في ساحات الوطن مهما كان الثمن؛ وما يزيد من طغيان هذه الأحزاب المواليين لدول الإقليم؛ بان دول الإقليم المعادين لتطلعات (العراق) في الحرية والاستقلال؛ يفعلون ذلك من اجل بسط نفوذهم داخل (العراق) لإسقاط أي مشروع وطني سيادي تحرري، فيحاولون بكل الوسائل؛ دعم هذه الميلشيات بالمال والسلاح لقمع تظاهرات الشباب بكل الوسائل المتاحة بعد إن أخذت موجة الاحتجاجات للشعوب الحرة تزحف وتجتاح دول الإقليم والمنطقة؛ لذلك فان ميلشيات العميلة يواصلون تنفيذ أجندة دول الإقليم من النظم الفاشستية؛ من خلال مراقبتهم ونشر مندسين لهم وسط ساحات التظاهرات لمراقبة تحركات الشباب المنتفض، وعلى ضوء ذلك يضعون خططهم الشيطانية لمواجهة انتفاضة الشعب بكل ما أتى لهم من قوة لاستخدام السلاح وتصفية الناشطين عبر إرسال فرق الاغتيالات والقناصين الذين يحاولون بكل الوسائل القذرة تصفية اكبر عدد ممكن من المتظاهرين، وان أفعال هؤلاء المقنعين ومجهولي الهوية؛ يأتي كمحاولة منهم على المحافظة على النظام السياسي القائم في (العراق)، وهذه التصرفات تدرج ضمن الاغتيال السياسي بامتياز لقمع الانتفاضة من اجل الاحتفاظ بالسلطة وإدارة شؤونها والاستحواذ على أموال الدولة مهما كان الثمن.
نعم أنها لعبة قذرة ما انكفأت هذه الميلشيات العميلة من محاولات بائسة للالتفاف على انتفاضة الشباب وسحقها وتفريغها من مطالبها الوطنية في إنهاء المنظومة السياسية للأحزاب الإسلامية المتطرفة التي تدير شؤون الدولة، ولهذا فان مشروع الانتفاضة الذي يقودها (شباب العراق) سيجابه بكثير من الصعوبات مما يزيد من معاناة أبناء الشعب من الفقر.. والعوز.. والبطالة.. والفساد.. وقمع الحريات.. بكل إشكالها، لذلك فان ميلشيات العراقية المسلحة ستحاول بكل الوسائل الهمجية قمع التظاهرات وتصفيتها بأي شكل من الإشكال، ولكن سيخيب ضنهم وسيخسئون؛ لان (شباب العراق) بقلب رجل واحد ينشدون الحرية.. والمساواة.. والعدالة الاجتماعية.. والاستقلال الوطني. والتمدن.. والحضارة.. والرفاهية للشعب العراقي.. والعيش الكريم.. والمواطنة المتساوية.. والإنسانية.. والتآخي، وبدون سحق أحزاب السلطة وكل القوى الإسلامية المتطرفة الإرهابية والسراق والفاسدين الذين يلجئون بأساليب شيطانية إلى ترسيخ مفهوم السلطات لتكوين ( الدولة العميقة) عبر أجهزة الميلشيات المسلحة التابعة لأحزاب السلطة ومكاتبها الاقتصادية التي تنتشر في كل مدن (العراق)، ليكون تسليحها وقوتها اكبر من تسليح القوات العسكرية الرسمية ( الجيش و الشرطة و قوى الأمن) من اجل إضعاف القوات العسكرية النظامية و تجريد سلطاتها؛ بل إن (الدولة العميقة) وعبر أحزاب السلطة الذين يحاول في بسط نفوذهم في كل مؤسسات الدولة ليتم الاستحواذ ومراقبة على جميع أفعال هذه المؤوسسات؛ بكون هذه القوى الميلشياتية للإسلام السياسي المتطرفة وأحزاب السلطة التي تسيطر على إدارة السلطة في (العراق) لا تثق بأي مؤوسسة مدنية كانت أو عسكرية؛ وتخاف من (الجيش العراقي) إذ تم تعزيز مكانته وتسليحه تسليحا جيدا – وكما كان قبل 2003 – بان ينقلب عليهم عندما يرى بأن سلطات الأحزاب الحاكمة تتمادى بسياساتها المعادية لتطلعات الشعب في الحرية والاستقلال الوطني الحر .
ولهذا فان أهداف (انتفاضة الشباب) ستتحقق لا محال لان الشعب تكاتف مع تطلعات الشباب الوطنية؛ لذلك يتطلب من الشباب الثائر إن لا ينتظر من القوى الفاسدة في السلطة بأن تختار لها بديلها السياسي لان أي بديل ينبثق من رحم هذه السلطة سيكون على شاكلتهم؛ إن لم يكن أسوء منهم، ولذلك على الشباب الثائر إن يذهبوا باتجاه تشكيل حكومة تنبثق من رحم الانتفاضة ومن ساحات التظاهر والاحتجاجات؛ وان يكون برنامجها ثوريا في تحقيق الأمان.. والحرية.. والمساواة.. والعدل، وان التاريخ لا محال سيكتب بان (ثورة تشرين العراقية) هي واحدة من أعظم ثورات التأريخ المعاصر؛ لان العالم ينظر إلى (ثورة الشباب) كقدوة للعالم في رسالتهم وتمدنهم وإنسانيتهم ومطا ليبهم في نزع سلاح جميع الميليشيات وإسقاط نظام المحاصصة والطائفية وتثبيت سلطة التحرير التي تشكل محور أهداف (ثورة الشباب)، وما يجب إن يتيقن المتظاهرين وكل خياري من أبناء الشعب (العراقي) بان (ثورة الشباب) ستنتصر مهما تكالبت قوى الغدر والخيانة والميليشيات العميلة في (العراق) ومهما جهزوا من نفوذ وقوة لقمع المتظاهرين فإن ارض (العراق) ستكون مقبرة لهم.
وفي النهاية سيسحق الشعب الخونة والعملاء وأعداء الوطن والشعب؛ وسينتصر مهما كان الثمن ومهما قدم من تضحيات ومن دماء ودموع، ومع ذلك يجب اخذ الحيطة والحذر في المرحلة القادمة، لان ما هو مطلوب من الجماهير المنتفضة التيقن بحقيقة أحزاب السلطة للإسلام السياسي المتطرف والنخب السياسية الفاسدة والتي تحكم البلاد؛ وما يقومون من دس مؤامرات ومناورات ضد انتفاضة الشعب، ولكي نتجنب سقوط مزيد من الشهداء والجرحى؛ لإرساء دعائم العمل الجاد في ساحات الانتفاضة لتعبئة القوى الشعب بالوعي التنويري بين المنتفضين لكسب ثقة الشعب بتطلعات مستقبلية منيرة بأفاق المجد.. والكفاح.. والبناء.. وعلى كل مستويات سياسيا.. واقتصاديا.. واجتماعيا، وبما يستجيب لمصالح الشعب؛ ليتم إرساء دعائم الأمن.. والاستقرار.. والسلام.. والتآخي في المجتمع لكسب المزيد من جماهير الشعب إلى صفوف المتظاهرين الشرفاء الذين يؤمنون بالوطنية والوطن الحر ومن كافة فئات الشعب من الكادحين.. والعمال.. والطلبة.. والأساتذة.. والنساء..والكتاب.. والفنانين.. والأدباء.. والشعراء.. والصحفيين.. والمهندسين.. والأطباء.. وأبناء العشائر.. والفلاحين.. الذين عانوا الفقر.. والبطالة.. والحرمان.. من أجل كسب مزيد من أبناء المجتمع بنات وأبناء للمشاركة في الانتفاضة لكي يحمل الشعب (العراقي) بكل أطيافه.. ومكوناته.. ودياناته.. وقومياته.. مسؤولية التاريخية لمستقبل (العراق) وأجياله القادمة، ليكون مساهمة كل هذه القوى الجماهيرية الموحدة؛ قوة إضافية للثورة الشباب، تنظيم العمل الموحد ضد أحزاب السلطة وميلشياتهم والنخب السياسية التي استحوذت على مقاليد السلطة منذ 2003 والى يومنا هذا؛ ولم يخلفوا وراءهم سوى الدمار والفساد وهدر ما العام والفوضى والخراب؛ والذين اليوم يشكلون عداء لقوى الشباب وعلى انتفاضتهم وتطلعات الشعب المستقبلية، لكي يخوض الشعب نضاله ضد كل القوى الرجعة والعميلة بخطى حثيثة ودؤوبة حتى تحقيق النصر؛ لان نظام الطائفي والمحاصصة الحزبية بثقل جرائمه لن يسقط إلا عبر انتفاضة الجماهير والضغط الشعبي؛ ولا محال سيسقط.. وسيسقط كل الطغاة.. ليتم بناء العراق الجديد.
وليكن هذا المفهوم؛ هو الهدف الأساسي في رسم ملامح المشهد السياسي الجديد في (العراق)؛ والمبادرة برفع علم مدني جديد بدلا من (العلم العراقي الحالي)؛ الذي لابد من تغيره؛ ليكون رمزا وطنيا مدنيا جامعا يمثل مكونات الشعب بكل دياناته.. وقومياته.. وأطيافه.. ومذاهبه؛ بعيدا عن أي رمز ديني – مهما كان رمزه – ليكون ذلك بداية مشرقة لفتح صفحة جديدة في (العراق)؛ من اجل ترسيخ البيئة السياسية والاجتماعية وفق مناخ سليم لتاريخ (العراق) المعاصر؛ تستند أسسه على الوطن والمواطنة.. والحرية.. والعدالة.. والديمقراطية.. واستقلال القرار الوطني (العراقي) بعيدا عن الإملاءات الخارجية .
المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن وجهة نظر الموقع