يعكوب ابونا
لايخفي على احد بان كنيسة المشرق منذ نشؤها في القرن الاول الميلادي ، وليومنا هذا ، قدمت ولازالت تقدم التضحيات والاف الشهداء، وذلك لاصرارها وتمسكها بالدفاع عن ايمانها المسيحي والحفاظ على ديمومة بقاء عقيدتها المشرقية ، فهي بحق كنيسة الشهداء ..
وباصرار الاباء على نشر كلمة الخلاص في العمورة كلها ، فامتدت عمل الكنيسة الخلاصي الرعوي التبشيري شرقا للهند والصين وغربا حتى قبرص شمالا حتى ارارات وجنوبا بلدان الخليج العربي ، فانضوت تحت جناحيها امما وشعوبا واقوام من كل جنس ولون ، فالذي يجمعهم هو ايمانهم المسيحي وكنيستهم الشرقية …
وبهذا الصدد يذكر بطرس نصري ص 91 من كتابه ذخيرة الاذهان ج3 ” عن المهمة التي تبوأها النساطرة في اقاصي البلاد، يقول” ان المشارقة النساطرة لم يدعوا كنيستهم محصورة في بلاد الجزيرة وأثوروفارس ومادي وفرثيا وهرقانيا والعراق العربي والعجمي وغيرها من الاقاليم المجاورة لاوطانهم فانهم بعد القرن الرابع فصاعداً انتشروا الى الاقاليم البعيدة ايضا واسسوا فيها كراسي الاسقفية والمطرانية ، واستعمروها وكثروا فيها ، ومن هذه الاقاليم ارمينة وسورية والهند وبلاد الترك او المغول ، وبلاد الصين ، وبلاد العرب ،
ويتحدث عن تفاصيل انتشار كنيسة المشرق وبيان جغرافيتها وامتدادها الرعوي والديني ، من ص 200 – 204 ، ويسميه تقويم الطائفة النسطورية واتساعها في القرون المتوسطة ان الطائفة النسطورية كانت قد بلغت اوج العز والانتشار في اواسط القرن الثالث ولاسيما في عهد يابالاها الثالث . ” الكاتب يابالاها الثالث كان سنة 1281- 1317 م .وليس في قرن الثالث للتوضيح ” ..
ويستمر بالقول ، ثم اخذت رويدا رويدا حتى فقدت ذروة عظمتها بسبب الطمع في الرئاسة من جهة ، ولاسيما بسبب الاضطهادات التي قلبت من جهة اخرى بلاد المشرق على يد المغول والتركمان او الترك ، فاسلم كثيرمن النصارى فيها او قتلوا او هاجروا ، فهدمت بيعها واقفرت ادريتها وضبطت املاكها فبلغت في القرن السابع عشر كمال الخمول حتى لم يبقى من تلك المفاخر التي كانت تعدها وتتباهى بها سوى اثر زهيد ، ورغبة في بيان عظمة هذه الطائفة في تلك القرون الذهبية رائينا ان نذكر في اواسط هذه الحقبة ولو باختصار تقويم كنائسها ، اخذا عن اثر تركه لنا ،
مؤلف نسطوري مجهول الاسم عاش في نهاية القرن الثامن عشر ” طبع في بيروت سنة 1909 ” ولان اكثر رواياته تتراوح بين سنة ” 1000- 1700 ” ويظهر انه لما راى طائفته قد اوشكت ان تنقرض على زمانه اراد ان يخلف لها هذا الاثر لكي يعرف الخلف ما كان عليه السلف ، من العز والانتشارالسابق ، فرتب رواياته بذكراسماء الابرشيات المطرانية والاسقفية في الاقاليم التي تبوأها النساطرة ، واسماء المطارنة والاساقفة الذين كانوا يعاونونهم مع ذكر وطنهم الذي ينسب اليه كل منهم ، وكان يتراوح عدد معاونيهم بين الاثنين والسبعة ، ويبين عدد بيوت النساطرة في كل منها ومعدله بين 500 – 5000 بيت وعدد الكهنة والشمامسة الملائم لاحتياجاتها ، والكنائس والاديرة مع تسمية بعضها ، ويضيف نصري ” مؤلف هذا الاثر كان مطلعا في ما يظهرولو بوجه العموم على الامورالتي كتبها كما يتضح لدى مقابلتها مع بعض مؤرخي النساطرة ، ويورد اسماء المطرانيات والاسقفيات التابعه لكنيسة المشرق .
1-في مصر كان عدد وافر من النساطرة انتقلوا اليها من بابل واثور الى القاهرة والاسكندرية ومدينة الرشيد والفيوم .
2-في بلاد اليمن كانوا في صنعاء وزبيد ونجران .
3- بلادالحجاز كانوا في يثرب وعكاظ وعدن .
4- جزيرقبرص كان فيها مطران اسمه طيماثاوس وتحت يده اسقفان وكان لهم سنة 1380 سبع كنائس و5300 بيت ، وقد مر ان النساطرة في قبرص اهتدوا الى الكثلكة مرتين اولا سنة 1340 في المجمع الذي عقده ايليا مطران اللاتين في عهد بندكتس الثاني عشر ، ثم في عهد اوجينيوس الرابع عشرسنة 1445 م بسعى اندراوس اسقف كولوسائس وبعد ذلك انضم فريق منهم الى الطقس اللاتين ، واخر الى طقس الموارنه ، ولما استولى العثمانيون على قبرص انقرض منها ليس فقط اسم اليعاقبة بل النساطرة الذين كانوا كثيرين في ماغوسطا وغيرها من مدنها .. (يقصد الذين اطلق عليهم تسمية الكلدان ) ..
5- سورية وفلسطين في حلب كان عددهم سنة 1380م 5700 بيت ولهم ثلث كنائس على اسم الاربعين شهيدا ،وكانوا في اورشليم التي كانت اسقفية ، ثم اقيمت مطرانية سنة 1200 م ،
6-بلاد اسيا الصغرى وارمينية وشمال بلاد الرافدين ” كردستان “.فكانوا في طوقات وسيواس ، وقيسارية قبادوقية ، وحصن كيفا وميافرقين ، وامد وكفرتوت ، ومدينة ايوان ، وقرقيسية ، ورشبعينا ، وصوبا وهي نصيبين ، التي كان يقر بها دير مار اوجين ، وكولامبرين او جوملرك ، وسعرت ، والعمادية ، وزاخو ، وعقرا ، وجزيرة بازبدي ، والرها ،ودنيسر ، ودارا ، وماردين ، .
7- بلاد ما بين النهرين والعراق وبابل ، اولا، كانوا في الموصل وبغداد وباجري او كرخ سلوخ وهي كركوك ، والكوفة ، والبصرة واربل ” كات يوما مطرانية ” ومدينة الساراتوهي ” السليمانية ” والحلة ..
8- في بلاد ايران والعجم كانوا في مدينة كوه ، وارومي ، وطهران ، وشيراز ،وخراسان ، وقندهار ، والمدائن ، والسن ، وسلمست ، واصفهان ، وقزوين ، ويزدين ،.
9- في بلاد التتر وبخارا وكانوا في مدينة كيت ، وبخارا ، وسمرقند ، وبلخ ، ومدينة الرساتيق ، وكركنج ، وجرجانية ، وشيد جنكيزخان وعلى بعد ساعة منها دير كبير باسم رؤيا ماريوحنا ، واوقف عليه الاوقاف من اراضي وقرى وغنم وبساتين وكروم لمعيشة رهبان الذن كان يبلغ عددهم 200 راهب ،
10- في بلاد الهند وملبار كانوا في كشميروبمباي ، ولاهور ، ومولطان ، ودهلى ، ومدينة كناوس بنارس ، وكلكته ومدراس ، وبطنه ..
11- في بلاد الصين كانوا في نانكين ، وطالي طون ، وخاشغر ، وبكين ، وسوشاو ، ومدينة طاي ، وكنتون ..
ويختم مؤلف هذا الاثر قائلا ان النساطرة هم اول من حمل راية الايمان الى بلاد الصين .”….انتهى الاقتباس
من الطبيعي ان لايكون هذا السرد الوحيد للانتشار كنيسة المشرق العريقة بل هناك كثيرون تحدثوا عنه ،ولزيادة المعرفة والاستفادة من ما طرح سوف ناخذ بعضا مما كتب على سبيل الاستئناس وليس الحصر..
لناخذ ما ذهب اليه البطريرك لويس ساكو في ص 16- 28 ” من كتابه خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية ،فيتحدث عن بلدان الانتشار لكنيسة المشرق يقول ، يشهد التاريخ بنشاط تبشيري منقطع النظير ، قامت به كنيسة المشرق ، امتد الى الشرق الاقصى من جزيرة سومطرة وسريلانكا وسواحل الملبارالهندية الى الصين الى جانب الجزيرة العربية .
لقد انتشرت المسيحية المشرقية بين عدة قبائل عربية من بينها قبائل الحيرة العربية ، التي اسسها الفرس امارة على الضفة اليمنى من نهر الفرات ، وعرفوا باللخميين او المناذرة ، لتكون همزة وصل بينهم وبين العرب ، كما اسس الرومان امارة الغساسنة العربية في بلاد الشام للهدف نفسه “.،
انتهى الاقتباس
ما ذهب اليه البطريرك ساكو،هناك من يخالفه على الاقل بطرح معلومات تستحق البيان ، بما يخص تاسيس امارة الحيرة ، وامارة الغساسنة ، نذكر بعض الاراء المخالفه له على سبيل المثال وليس الحصر.
يذكر الكاتب علي قاسم الكعبي للجزيرة نت ..
فقد قيل إنها نشأت في نهاية القرن الثاني الميلادي، إذ أسس الملك التنوخي جذيمة بن الأبرش مملكة عربية في تلك المنطقة وعُرف ملوك الحيرة باللخميين، وعرفوا أيضا بـ”النعامنة” وبـ”المناذرة”، بسبب شيوع اسم النعمان واسم المنذر ، ويضيف ، إن لفظ الحيرة لفظ سرياني مأخوذ من كلمة “حرتا” والتي تعني الحصن ” انتهى الاقتباس
وكذلك يذكر لطفي عبد الوهاب في ص 68 من كتابه العرب في العصور القديمة ” قبائل يمنية هاجرت من اليمن الى تخوم الشام والعراق هم الغساسنة والمناذرة ، نتيجة هذه الهجرات القبيلية فقد ذاق الفرس والساسيين والرومان مر العذاب حيث كان الاعراب يغيرون عليهم وعلى حدودهم ومناطق نفوذهم بشكل متكرر علاوة على اعتراض القوافل التجارية وسلبها ونهب ما تحمله من سلع وبضائع ” وهذا ما يذهب اليه احمد امين سليم ،في كتابه تاريخ العرب قبل الاسلام ص 187 و188 ، انتهى الاقتباس .. “.
ويبين محمد مظفرالأدهمي الباحث التاريخي المعروف للجزيرة نت ،
تعد مملكة المناذرة في الحيرة واحدة من الممالك العربية الثلاث التي ظهرت في بلاد الرافدين قبل الإسلام، إلى جانب مملكة ميسان ومملكة الحضر، ، وأصبحت الحيرة عاصمة لمملكة المناذرة العرب الذين نزحوا من شبه الجزيرة العربية إلى بلاد الرافدين، وحكموها مدة 365 عاما تقريبا، .
ويضيف الأدهمي أن ملوك الحيرة اضطروا إلى التحالف مع الساسانيين الفرس الطامعين بأرضهم، لأن الحيرة لها موقع إستراتيجي يتحكم بخطوط القوافل مما يمكن الفرس من تصريف بضائعهم على طرق التجارة بكل سهولة، وكذلك لجعل مملكة المناذرة درع لهم من هجمات الروم عليهم، فساعدهم هذا التحالف مع الساسانيين الفرس في تقوية نفوذهم على القبائل في العراق ، انتهى الاقتباس
وعن موقع المنظومة ، ومركز المعرفة الرقمي ، ورد بان علاقة إمارة الغساسنة بالدولة البيزنطية خلال القرنين السادس والسابع الميلاديين؛ كانت استمراراً لعلاقة امتدت جذورها إلى دولتي الأنباط وتدمر خلال القرن الأول قبل الميلاد حتى القرن الثالث الميلادي.
ويذكر الدكتور ابراهيم محمد بيومي مهران ، في كتابه رؤية تحليلية نقدية لتاريخ قيام دولة الغساسنة ، ص 275 ، ان الامبراطور يوستتيانوس جستيان قام بمنح الحارث الثاني : الحارث بن جبلة ” لقبا رفيعا هو ” فيلاوخوس ” يعد ثاني لقب بعد الامبراطور ، كما عينه في سنة 529 سيدا على كل القبائل العربية في سوريا ما اظهر من الولاء للامبراطور “.انتهى الاقتباس ـ
هذه بعض الاراء يمكن الاستفادة منها للتحقيق في البحث المعرفي …
ويضيف البطريرك ساكو في ص 17 بان الحيرة اصبحت ابرشية مسيحية مشرقية ولها اسقف اسمه هوشع اشترك في مجمع عام 410 ، وبدأت المسيحية تقوى على يد ملكها امرئ القيس الاول .وبعهد حفيده النعمان بن المنذر اصبحت من اهم مراكز التبشير بن القبائل العربية ، وعن كتاب محمد سعيد الطريحي الديارات والامكنه النصرانية في الكوفه وضواحيها ،” بيروت 1981 “، ياخذ البطريرك ساكو بان لمناذرة اثر كبير في بناء الاديره ، مثل دير اللج ، ودير مارت مريم ، ودير هند الكبرى ، ودير هند الصغرى ، ودير الجماجم ، ودير عبد المسيح ، وقد ادى تاسيس الكوفة في الاسلام الى أفول نجم الحيرة ،..
وفي ص 18 يذكر” بان تاريخ التبشير بالهند حسب التقليد يعود الى الرسول توما هو بشرها، ولازال مسيحوا اقيلم ملبار” كيرالا ” ينتسبون اليه ، ويعرفون بمسيحي الرسول توما ، وكانوا خاضعين لكرسي المشرق ، ويذكر الرحالة قزما نحو عام 553 انه وجد في الملبار الهند اسقفا مرتبطا بكرسي فارس ، وكذلك اسقفا اخر في جاوا ، ولما استولى البرتغال على الهند ومجئ المرسلين اللاتين اليسوعيين في القرن السادس عشرأقاموا اسقفا من بينهم على الاقليم ، وغيروا الكثير من طقوسهم وعوائدهم ، وفرضت عليهم في مجمع ديامير 1599 طقوس وممارسات لاتينية ، واستاء منها مؤمنين الملبار فالتجاؤا الى البطريركية الكلدانية عدة مرات لاقامة اسقفة كلدان عليهم ولاسيما في زمن البطريرك اودو لكنها جميعا باءت بالفشل بسبب اصرار الكرسي الرسولي على ربط كنيسة ملبار مباشرة بروما ،امام ذلك التجأ عدد كبير منهم عام 1665 الى بطريرك السريان الارثوذكس الانطاكي ملتمسين اسقفا سريانيا ، ومؤبدين استعدادهم لاتباع الطقس الانطاكي ، فلبى طلبهم وسموا ملانكار ، وتعد كنيسة ملابار اكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون مؤمن ، عدا نفوس الكنائس الاخرى ، انتهى الاقتباس
من خلال هذه القراءه هناك ما يلفت الانتباه ويثيراكثرمن سؤال ، ان كان الرسول توما قد بشربالهند واستشهد بالهند فلماذا اذاً لم تأسس كنيسة بالهند لتكون مرجعية لمسيحي الشرق ،؟ وألا لماذا اصبحت بالعكس كنيسة الهند تابعة لكنيسة المشرق ؟؟ بصراحة لم اجد اجابة له ؟ .
واما الاب البير ابونا ص 227 من كتابه تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية ج3 ، يحدثنا عن دور الارساليات ، يقول ” ان الارساليات المختلفة التي قدمت من بلدان الغربية المسيحية ، ابدت نشاطا دينيا كبيرا في المناطق الواسعة الخاضعة لكنيسة المشرق ، واثر تاثيراعميقا في مسيرة هذه الكنيسة ،وكان الرهبان الدومنيكيون والفرنسيسكان السباقين في المجئ الى بلدان الشرق هذه ، وذلك منذ القرن الثالث عشر ، ولكنهم لم يفلحوا اذ ذاك بترسيخ اقدامهم في البلاد وفي انشاء مراكز اقامة دائمية فيها قبل مطلع القرن السابع عشر ، .
ويضيف في ص 243 ” لقد اشرنا سابقا الى التذبذب الذي حدث في الفرع السولاقي ” يقصد كنيسة يوحنا سولاقا ” في شان الاتحاد مع روما ، الا ان الفرعين ظلا متنافسين ومستقلين ،حتى حينماعاد خلفاء سولاقا الى معتقدهم القديم وانفصلوا عن روما بسبب الظروف السياسية والضغوط الكبيرة التي تعرضوا لها داخل الطائفـــــة ذاتها ، فان النساطرة ظنوا دوما ان اتحادهم مع كنيسة روما من شأنه ان يعبث بعقيدتهم المشرقية وان يذوب كيانهم ويقضي على قوميتهم التي يحرصون كل الحرص على ابقائها ، مهما كلفهم الامر ،”. انتهى الاقتباس
وبالرحوع الى البطريرك ساكولما يقوله في ص 139 من كتابه سيربطاركة كنيسة المشرق ، يكشف عن حقيقة واسباب انتماء بعض ابناء كنيسة المشرق للكنيسة الكاثوليكية ، يقول، كان بعض المبشرين الغربين قد قدم الى الشرق مع استيلاء الصليبين على الاراضي المقدسة ، اول لقاء بينهم وبين المشرقين كان عندما جاء رهبان فرنسيسكان وكبوشيون ودومنيكان الى هذه المناطق ، البصرة وبغداد والموصل وامد ، استمال اليهم الناس بواسطة ممارستهم مهنة الطب ، انتهى الاقتباس .
بمعنى ان الذي لا يريد البطريرك ساكوقوله هوواضح وليس بحاجة الى التوضيح بان المبشرين كانوا يستغلون حاجة الناس الى رعاية وتطبيب والادوية مقابل قبولهم الانتماء الى كنيسة روما الكاثوليكية ، مساومه صريحه لان الظروف انذاك كانت مهيئ لمثل هذه المساومات باستغلال حاجة الفقراء والمساكين .
سؤال يفرض نفسه ،لماذا انحصرتبشير المبشرين الغربيين بمؤمنين كنيسة المشرق المسيحية فقط ؟ قد تكون حجتهم بذلك انهم اتهموا كنيسة المشرق ببدعة نسطورس ، ولكن هذه التهمة لا تخرج كنيسة المشرق من مسيحيتها ،؟؟ وان كان هم المبشرين نشرالمسيحية الم يكن ابناء الديانات الاخرى اولى بان يبشربينهم ببشارة الانجيل ؟ فهم اكثر حاجة الى التبشير المسيحي للخلاص الابدي كما تقول كنائسنا المسيحية؟؟
ولكن بعد فوات الاوان اثبت الواقع ، بان النهج الكنيسي والديني واللاهوتي صحيح لكنيسة المشرق لا غبار عليه ، وهذا ما اقرته كنيسة روما في تسعينات القرن الماضي واكدت على صحة عقيدة كنيسة المشرق ، وان الذي حدث من خلاف بين الكنيستين كان خطا نتج عن سوى التفسير،الامر لم يكن يستحق كل هذا الخلاف والمقاطعة لهذه السنوات الطوال . ..
الحقيقية تقال بان الواقع التاريخي لمسيرت كنيسة المشرق اثبت بان لاهوتها صحيح فاعل ومتحرك ومنتج تبشيري رعوي لطريق الخلاص ، لذلك كان لهذه الكنيسة بعدا خلاصيا بما قدمته من التضحيات والشهادة ،فامتدادها الجغرافي لم يتوقف عند حد بل توسع وانتشرفي اماكن متعده كما ذكرنا ، كان اثرها كبير عندما وصل خلاصها الى الصين شرقا ، وهذا ما يشيراليه البطريرك ساكو في ص 19و20 من كتابه اعلاه ، يقول :
اكتشف نصب اثري عام 1625 في ” سيان فو” في مقاطعة شانسي ، حيث اقيم عام 781 م لتخليد ذكرى وصول مبشرين من كنيسة المشرق الى بلاط الصين سنة 635 ، هناك نشروا الانجيل واقاموا كنائس واديار ومدارس ، وصار لهم كراسٍ اسقفية يضعها كتاب المجدل لعمرو صليبا ص 121 في المقام الثاني عشر في جدول ابرشيات بطريركية بغداد . وهذا النصب الاثري من الحجريبلغ ارتفاعه مترين و26 سم وعرضه 86 سم وسمكه 25 سم ، نقش في القسم الاعلى منه جوهرة نفيسه ترمز الى انجيل ” متى 13 : 44 ” يتوسطها اطر خماسي تطوقه حيتان ، وفي قمته صليب على طراز مشرقي اصيل متساوي الاطراف ، في الاطار غمامه وزهرة وغصنان صغيران وتسعة رموز صينية ،
يقول النص ” نصب تذكاري لانتشار ديانة النور الاتية من مملكة طاشي – شرقنا- في الامبراطورية الوسطى ” تاتي في المتن كتابة صينية متكونه من 1900 رمزوكتابه سريانية بالخط الاسطرنجيلي ، تقسم الكتابه الى ثلاثة اقسام ، 1- لاهوتي عقائدي و2- تاريخي و3- تقريظي ، “.
القسم الثاني تاريخي مفاده مجئ مبشرين من الشرق لنشرالخبر السار على ارض الصين ، اتى شخص من بلاد الشرق يدعى ” ألبن ” الى الصين بزمن الامبراطور ثايو تسونغ عام 635 م وبترجمة كتبه فانتشرت شريعة الله في الولايات العشر وتمتعت الامبراطورية بسلام تام ، وكانت المدن ملائ بالكنائس والبيوت مغمورة بسعادة الانجيل ـ
وان الامبراطورمن الحالي من سلالة ” تنغ ” عام 780 م اقام هذا الاثر في السنة الثانية من ملكه في اليوم السابع من الشهر الاول ( اي في اليوم الكبير ” الاحد 4 شباط 781 م ..
وفي عهد السيد الروحي الكاهن هنيك شو (المقصود هو البطريرك حنا نيشوع الذي كان قد توفى منذ اشهر، وبسبب البعد بين بغداد والصين لم يصلهم نبأ وفاته ) الذي له السلطة المطلقة على جماعة ديانة النور في الشرق طرأ ” يتبع بالسريانية . ” في ايام ابي الاباء مارحنا نيشوع الجاثليق البطريرك ، ثم بالصينية :” كتب من قبل لوهسياسين مدير الاشغال العامة في نسياشو ولاية جكياسنغ ،
وبالسريانية في سنة 1092 يونانية ” 781 م ” مار يزد بو زيد الكاهن وخوراسقف كمدان ، ابن المرحوم ميليس، كاهن بالخ مدينة تاحورستان ، اقام هذا النصب التذكاري ، ” وهناك اسماء اساقفه وخور اسقف واركذياقون و24 كاهنا وبعض الرهبان وشماس انجيلي وحاولي اربعين علمانيا .
انتهى الاقتباس
وهناك اكثر من شاهد على ازدهار المسيحية في الشرق ، ففي القرن الثالث عشر انتخب مطران بكين يابالاها الثالث بطريركا على كنيسة المشرق عام 1283 – 1318 م ” يقول عنه الاب البير في ص 32 من كتابه تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية ج3 ان الجاثليق دنحا رسم مرقس مطرافوليطا ” ودعى اسمه يهابالاها وهو في الخامسة والثلاثين من العمر ، وعينه لابرشية خطاي ” واقيم الجاثليق الراهب صوما زائرا عاماً للمناطق الصينية ،وبسبب الظروف الحرب انذاك لم يتمكنا من الرجوع الى بلدهما ، فعادا الى دير مار ميخائيل ترعيل ـ وفي هذه الاثناء توفي الجاثليق دنحا ، فانتخب يابالاها بطريركا على كنيسة المشرق ، وكان ذلك في زمن اباقا خان ، وبعد وفاة الخان ومقتل احمد بن هولاكو واستلاء ارغون على الحكم ارسل وفدا برئاسة الراهب صوما الى الغرب لتوحيد جهودهم بالاستلاء على سوريا وفلسطين ، انتهى الاقتباس.
اذا كنيسة المشرق لم تكن كنيسة منطوية او جامدة بل كنيسة متحركه فاعله منتجة ، في هذه الحقبة كما يقول البطريرك ساكو كانت مناطق عديدة من الغرب يلفها الجهل والوثنية ، فكانت كنيستنا وشعبها هم اول من حملوا راية المسيح واسمه الى بلدان الشرق ،
ورغم نشوء كرسي ثاني لكنيسة المشرق في قوجانس ، الا ان العقيدة الكنيسة بقت واحد والايمان ذاته والتبشير الرعوي نفسه والعلاقة بين الكرسيين في القوش وقوجانس كانت قوية ومتينه لدرجة احدهما يكمل الاخر. ويعملان بذات الروحية المسيحية خدمة لابناء الرعية ، وبهذا الصدد يحدثنا ..
المطران ايليا ابونا في ص 69 من كتاب تاريخ بطاركة العائلة الابويه ، يقول :
كانت علاقة جيدة يسودها المحبة والؤئام فوصل الامر بين الكنيستين الى تقسيم الطائفة بينهما الى قسمين ، فالكنيسة تلك التي في قوجانس كانت تتلقى بركة الزكاة وتجمع العشور من كنائس ومن الجماعة في البلدان ” ماداي وفارس وباقي المناطق الشمالية من الغرب وحتى امد ” دياربكر” وسوريا وقيليقيا وقبرص وغيرها ،
واما كنيسة القوش التي كان يطلق عليها كنيسة بابل ،( وهذه التسمية اطلقتها كنيسة روما ،) ، كانت تجمع العشوروالزكاة من بابل والهند وملبار والصين والجين واليمن وعدن ومصر والقدس وغيرها ..
يعتبر المطران ايليا ابونا هذا التفاهم بين الكنيستين والبطريكين دليل التقارب بين الطرفين الذي يعبرعن عمق المحبة وصلة القربى والدم بينهما والا كيف يتم مثل هذا التقارب والتنازل عن حقوق كنائسهم لو لم يكن هناك مثل هذه الصلة بانهم من بيت واحد هو البيت الابــــوي ..
ومن الطبيعي هذا لم ترضى له روما ، فسعت بشتى الطرق والوسائل الى دخول كنيسة المشرق ثانية، بعد ان فشل خط سولاقا ،
بالعدد القادم سنتحدث عن رجوع خط سولاقا الكاثوليكي .. بعون الله ..
يعكوب ابونا ……….. 9 /8 /2024