تُعد الأعياد والمناسبات انعكاساً لثقافة الشعوب والأمم وقيَمها، وإرثها التاريخي في مختلف ارجاء المعمورة، لا سيما وأنها تحمل دلالات رمزية عميقة مؤثرة وذات قدسية في نفوس الأفراد لكونها تعبر عن هوية المجتمع ووحدته بكل الوانه واطيافه المتنوعة.
ونجد من بين الرمزية والدلالات للاعياد الاحتفال بالهوية والتراث مثل الأعياد الوطنية (اليوم الوطني في العديد من الدول) التي تجسد الانتماء للوطن وتذكّر بنضال الأجداد وتضحياتهم، وكذلك الأعياد التقليدية مثل رأس السنة البابلية – الآشورية (عيد أكيتو) ورأس السنة الكردية (عيد نوروز) التي تحافظ على التقاليد القومية والعائلية وتربط الأجيال بجذورها وتدعو إلى التجديد وإشاعة الأمل والتفاؤل بمستقبل مشرق، وتتعدد الاعياد والمناسبات ورمزيتها بحسب ثقافة كل مجتمع لا يسعنا ذكرها جميعاً في هذا المقام.
وفي ثقافتنا الإسلامية هناك عيدان شرعهما الله سبحانه وتعالى للناس مكافأة لهم على عباداتهم والتزامهم هما عيد الفطر وعيد الأضحى إذ يربطان ما بين الروحانية بأداء الفرائض (الصوم والحج) وبين الفرح بالجزاء والعطاء الإلهي، ويجسدان رمزية عظيمة في تجديد العهد مع الخالق والاعتراف بفضله وأداء الشكر له على نعمه وذكره كثيراً وتكبيره بشكل جماعي حيث تتعالى التكبيرات بشكل جماعي في المساجد والشوارع والاسواق والمنازل، التوازن بين غذاء الروح والجسد، التعبير عن الفرح والاستبشار، تجديد الوحدة الاجتماعية والتواصل والتكافل بين افراد المجتمع من خلال تقديم زكاة الفطر ولحوم الأضاحي للفقراء والمحتاجين، تجديد العهد بصلة الأرحام وزيارة الاهل والجيران والاقارب والاصدقاء.
وكذلك يجسد العيد التضامن الانساني والتسامح والتصالح ونبذ الأحقاد في المجتمع، فضلاً عن أنها نقاط عبور زمنية بين ما هو مقدس وما هو دنيوي.
وبالرغم من اختلاف التفاصيل والمسميات فإن معظم الأعياد في العالم تتفق على رمزية وقيم مشتركة تصب في صالح المجتمع والحفاظ عليه من التفكك والانهيار، ولا شك في أن أعيادنا في العراق باتت توحدنا وتجمعنا إذ توالت علينا خلال أيام قلائل من فضل الله ونعمته ثلاث أعياد تزامنت في وقت واحد على التوالي وهي كل من عيد نوروز وعيد الفطر وعيد أكيتو، فمبارك لنا جميعاً بأعيادنا وكل عام وشعبنا الكريم بمختلف قومياته وأطيافه بخير، كل عام وعراقنا الواحد يرفل بالعز والخير والسلام ودامت أعيادنا رمزاً لوحدتنا.
الدكتور حاتم جسام / كلية الإعلام، جامعة كركوك