فواد الكنجي
في ظل الأزمة الصحية والظروف والأحوال السيئة التي سببتها جائحة (كورونا) في العالم اجمع؛ فإن النقابات العمالية تواصل نضالها حول العالم لتحسين ظروف العمل بمنحى يواكب مع إجراءات الإغلاق العام والتباعد الاجتماعي والحجر الصحي المفروضة لظروف تفشي الوباء الحالية؛ وذلك بالتظاهرات والاحتجاجات وأقامت الكونفدراليات وتقديم برامج عمالية وعروض موسيقية ورفع اللافتات والصور عبر المنصات الإلكترونية؛ بعد إن تضررت القوى العاملة بسبب الإغلاق لأماكن العمل ونتيجة لتفشي الوباء فان سوق العمل يواجه منذ الحرب العالمية الثانية أسوأ أزمة عالمية بعد إن خسر ملايين العمال أعمالهم في أغلب دول العالم؛ في وقت الذي كانت منظمة العمل الدولية حذرت من تداعيات جائحة (كورونا) على الوظائف وسوق العمل في العالم بتضرر قطاعات واسعة بالوباء كقطاع البيع بالجملة والتجزئة والغذاء والفنادق والسياحة والطيران والتصنيع وخدمات الأعمال والإدارة، وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية فان العمال يعانون من تردي الأوضاع المعيشية بسبب تسريح أعداد هائلة من العمال وعدم تسوية أوضاعهم وارتفاع نسبة البطالة وإنهاء العقود المؤقتة وتدني أجور العامل وارتفاع أسعار السلع والمواد الأساسية ناهيك عن مظاهر الفساد المتفشية في العديد من مرافق العمل في القطاع العام والخاص.
كورونا تكشف مدى هشاشة نظام العمل في ظل الرأسمالية
لتكشف أزمة (كورونا) مدى هشاشة نظام العمل وخاصة بين فئات العمالة المحلية وافتقاره لمتطلبات الحماية الاجتماعية في اغلب دول العالم ليرتفع صوت العمال لحماية حقوقهم في ظل أزمة (كورونا)؛ بعد إن فرضت تداعيات هذه الأزمة الوبائية الراهنة أعباء إضافية على كاهل العاملين رغم يقين النقابات والمنظمات العمالية عن مدى ما يقدمون العمال من تضحيات وهم متسلحين بحب الانتماء للوطن وترابه في كل دول العالم من اجل الاستمرارية والحفاظ في تقديم الخدمات على المواطنين وإدامة الحياة العامة أثناء الأزمة الوبائية كما يحدث في قطاع الكهرباء والصحة، حيث يعمل العمال على مدار الساعة مع إخوانهم في مختلف الأجهزة الأمنية والكوادر الطبية والتعليمية وفي إدامة العمل في المرافق العامة للدولة، فهؤلاء العمال الذين يواصلون العمل في الليل والنهار وفي مختلف الظروف، وأمام هذا الصمود لطبقة العمالية فان النقابات في وقت الذي تشيد بالجهود العمال أثناء أزمة (كورونا) الراهنة؛ إلا أنها تخشى من عدم قدرة الدول والسياسات الحكومية وخاصة في منطقتنا الشرقية على احتواء تداعيات أزمة (كورونا) على العمال بعد تأثر دخل العامل خاصة في القطاع الخاص بانقطاعهم عن العمل وعدم تعزيز قدرات شبكات الحماية الاجتماعية في دعمهم وزيادة مخصصاتها وتوجيهها لمختلف الفئات الضعيفة من الأسر والمواطنين منخفضة الدخل وتقديم المساعدات النقدية والعينية لهم مع توسيع الفئات المستفيدة منها وزيادة قيمة الإعانات وشمولهم بالتأمين الصحي والضمان الاجتماعي.
ووسط هذه الأوضاع الوبائية الصعبة التي تعيشها الطبقة العاملة فان مصاعب إضافية أخرى ليست اقل خطورة من تداعيات الوباء على حياتهم اليومية تواجها هذه الطبقة في منطقتنا العربية بصورة عامة وخاصة في (العراق) و(سوريا) و(لبنان) و(اليمن) و(ليبيا) و(فلسطين) و(السودان) حيث المنطقة تعيش أوضاع معقدة وصعبة وخطيرة؛ اخطر من الوباء أضعاف المرات بما تشهده من تمزيق المجتمع العربي وتفتيت وحدته واستهداف كل ما تم بناءة في الشرق الأوسط عبر عقود من التنمية والبناء ليتم إعادة رسم الخرائط الجيوسياسية لمنطقتنا بفعل قوى الاستعمارية والصهيونية، فاليوم هناك أجندة سياسية خطيرة وأيدي خفية عميلة للقوى الأجنبية تلعب دورا تخريبيا في تدمير الإنتاج والمعامل والمصانع وكل الصروح التنموية لخلق فوضى خلاقة داخل لمجتمعات بستشراء الفساد وهدر مال العام وتدمير الاقتصاد والزراعة وانتشار البطالة والأمية والاعتماد على البضائع المستوردة؛ بعد إن يتم هدر وتخريب الصناعة الوطنية والإنتاج المحلي؛ وعدم إمكانية حكومات الدولة الشرقية حمايتها؛ ولهذا أدرك الشعب في اغلب بلدان الشرق الأوسط طبيعة العدوان الذي تشنه القوى المعادية لتطلعات أوطاننا في النهضة والبناء بعد إن شكل الوعي المجتمعي الوطني محورا في تطلعات القوى العاملة والشباب الذين توجهوا لحشد الجماهير للخروج في مسيرات نضالية ضد قوى الظلم والخدر والقهر والفساد والاستغلال، لتشهد ساحات دول العربية تظاهرات شعبية ثورية في معركة التغيير والتحرير والبناء لمواجهة قوى الشر والفساد؛ فحشدت الطبقة العاملة وبالتعاون مع الشباب والفلاحين وبقية المنتجين جنبا إلى جنب في دفع مسيرة نضالهم لمواجهة الأخطار وقوى الإرهاب والتحديات التي تتعرض لها دول المنطقة من قوى الفساد التي تدفع بالمال السياسي إلى تدمر أوطاننا وبتخريب وتعطيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبتمزيق الوحدة الوطنية، لذلك أخذت الطبقة العاملة على عاتقها السير في مسيرة النضال بمآثر نضالية ومواقف مشرفة في ترسيخ التعاون المجتمعي والوحدة الوطنية لبناء المجتمع بهيكلية متطورة ومتقدمة وتحقيق العدالة الاجتماعية وتضيق الخناق على القوى الاستغلال والظلم المعادية لتطلعات النهضة وتعزيز الصمود لمواجهة التحديات التي تتعرض مسيرة التنمية والأعمار ومواصلة العمل والإنتاج ونضالهم ضد كل أشكال الظلم والاستغلال والتسلط الرأسمالي التي تمتص دماء الطبقة العاملة من دون إن تحقق لهم ادني مستويات الحياة الكريمة وتؤمن لهم الأجر العادل والعمل اللائق.
الأزمة الوبائية وظروف العمل ستعيد سيناريو ثورة العمال
وكما كان لظروف العمل القاسية من حيث تدني الأجور وساعات العمل طويلة سببا لإضرابات العمالية في عام 1886 لتغيير أوضاع العمل وتحسين الواقع ألمعاشي للعمال التي انطلقت في مدينة (شيكاغو– الأمريكية) وشارك في الإضراب أكثر من نصف مليون عامل في المصانع ما أدى الأمر إلى تدخل الشرطة فاشتبكوا مع العمال المطالبين بتحسين ظروف العمل فتم قتل عدد من العمال المضربين ليشهد في اليوم التالي اشتباكات أخرى أكثر عنفا بين المتظاهرين والشرطة، وبعدها امتدت تظاهرات العمالية لتصل إلى (تورونتو – كندا) واستمرت تظاهرات العمالية تتوسع وتجتاح مدن العالم اجمع تطالب بتحسين ظروف وتقليل ساعات العمل وقد عقد خلال هذه فترة عدة مؤتمرات وندوات لمناقشة أوضاع العمال؛ فتم في المؤتمر الأول للأممية الثانية الذي عقد في (باريس) عام 1889 طالب رئيس اتحاد نقابات العمال في (أمريكا) إلى توحيد نضال العمال حول العالم والخروج في التظاهرات من اجل تحسين ظروف العمل؛ فقرر المؤتمر الاستجابة لذلك باعتبار الأول من شهر أيار عام 1890 عيدا عالميا للعمال في كل دول العالم .
ولا محال فان ما تشهده مدن العالم اجمع – في أيامنا هذه – من تردي أوضاع العمال وتحول الملايين منهم إلى عاطلين عن العمل فيما يتم إبقاء مليارات من العمال في منازلهم بسبب إجراءات الإغلاق التي اتخذتها دول العالم كتدابير احترازية لمواجهة تفشي (كورونا) وهذا ما تسبب إلى اختفاء ملايين الوظائف في عدة دول العالم؛ بل إن نصف القوى العاملة في العالم باتت مهددة بخسارة وظائفها؛ إضافة إلى انخفاض دخل العاملين في المهن الحرة بشكل ملفت؛ الأمر الذي سيترتب عنه انفجار تظاهرات عمالية عالمية لا يحمد عقابه بسبب الغبن والقهر والاستغلال التي أصابت القوى العاملة نتيجة الإغلاق المستمر والمتكرر بدون وجود مؤشرات لمعالجات جذرية لأساس المشكلة المتعلقة بالوباء (كورونا) الذي بقى العالم يبحث عن علاجات ترقعيه زائفة والمماطلة المستمرة التي تكبس على أنفاس الشعوب وتضيق الخناق عليه؛ فان لم يموت الإنسان بالفيروس (كورونا) مات مختنقا لظروف المعيشية والحجر المنزلي وارتداء الكمامة المقيتة؛ الذي طال أمده بدون تقيم إعانات اجتماعية تليق بإنسانية الإنسان ليعيش حياة كريمة دون الإذلال.
كورونا، مؤامرة رأسمالية للهيمنة على مقدرات العالم
ومن هنا فان كل المؤشرات اللاحقة توحي بانفجار الأوضاع في كل دول العالم وبقيام تظاهرات تقودها الأممية العمالية للتغيير أوضاع العالم التي بات تؤشر على وجود مؤامرة امبريالية تقودها الامبريالية (الأمريكية) والطبقات الرأسمالية لتنفيذ أجندات خاصة تدار في غرف سرية للهيمنة على مقدرات العالم أكثر بشاعة مما شهده العالم في ظل الرأسمالية المتوحشة وأساليبها القمعية خلف إيديولوجية الليبرالية والنيوليبرالية، حيث يؤشر إلى شركة (مايكروسوفت) الذي يقودها (بيل غيتس) احد أعضاء المشاركين في الغرف السرية مع عدد من أصحاب الشركات والثروات الهائلة؛ بان فيروس (كورونا) جاء صناعته بموافقة هؤلاء الأعضاء ليتم حقن كل البشرية عبر لقاح بشريحة ( أي ..دي 2020 ) باعتباره هو العلاج الوحيد للوقاية من الفيروس القاتل وعبر هذا اللقاح يتم زرع رقائق الكترونية في جسد كل إنسان لمراقبتهم ومتابعتهم فتجمع عنهم كل البيانات الخاصة ليتم معرفة عبر هذه الشرائح ومن خلالها كيفية معالجة أوضاع المجتمعات وفق تطلعات هؤلاء النخب من رجال الرأسمالية المتوحشة سواء بتحديد وتقليل عدد السكان العالم في كل القارات ودول العالم والى غيرها من البيانات؛ وعلى ضوء ذلك يتم التصرف بمقدرات العالم سواء بالقتل أو تحديد النسل أو القضاء على تنمية المهارات الإنسانية على مستوى العلمي والمعرفي أو من اجل تدمير اقتصاديات النامية والتي تنافس الرأسمالية لتبقى كل أسواق العالم خاضعة لسياساتهم الامبريالية، وعليه يجب أن تتكاتف جهود العمال والنقابات والطبقات الكادحة لما يحاك من مؤامرات باستغلال ظروف الجائحة من قبل الطبقة الرأسمالية الجشعة؛ ليزيدوا من أرباحهم على حساب الكادحين والعمال؛ فيحاولون بشتى وسائل القذرة خلط الأوراق ومحاولات التحايل على القانون لتمرير أهدافهم الشيطانية في امتصاص دماء العمال والكادحين والفقراء.
دور نقابات العمالية في توعية العمال حتى لا يكونوا ضحية للاستغلال
ومن هنا تأتي أهمية دور التوعية للطبقة العاملة والجماهيرية الكادحة عبر أنشطة النقابات العمالية والتضامن مع بعض البعض حتى لا يكونوا ضحية للاستغلال وتضييع الحقوق؛ وذلك بان لا يستسلموا للواقع الرأسمالية المهيمنة على مقدرات العالم وللجشع والاستغلال، لان كما قلنا بان هناك أيدي خفية تعمل خلف الكواليس في غرف سوداء سرية استغلوا ظروف جائحة (كورونا) وتداعياته التي تركتها على حياة العمال بما تعرضوا من مشاكل اجتماعية وأسرية بسبب فقدانهم للعمل والتي تسببت لهم عجز تام من توفير متطلبات واحتياجات المعيشية والتي تسبب لهذه الطبقات الكادحة مشاكل اجتماعية وأسرية لا حصر لها وبما ترتب عن ذلك من مشاكل نفسية وسلوكية هددت الاستقرار الاجتماعي لتمرير أهدافهم الشيطانية بغياب الرقابة الشعبية والمتابعة والتفتيش، وعليه يجب الوعي والتوجه نحو التضامن والتكاتف العمال والنقابات وبذل أقصى جهود من اجل حماية مصالحهم وحقوقهم ودفاع عنها بكل الوسائل القانونية؛ وان لا يستسلموا للواقع الوباء الذي جاء تصنيعه من قبل قوى الشر لاستثماره لتحقيق مآرب رأسمالية للهيمنة على الأسواق العالمية التجارية والصناعية والزراعية واحتكارها والمضارة بها، وكل ذلك يجري على حساب الطبقة العمالية التي تستغلهم أبشع الاستغلال؛ سواء بالأجور وساعات العمل أو بدون حماية اجتماعية، وهذا ما تم ملاحظة أثناء تفشي جائحة (كورونا) بتدني الخدمات الصحية وشبكات الأمان وعدم توفير وسائل الحماية والوقاية للعاملين من أخطار العمل ووسائل الإسعاف الطبي، والفحص الطبي الدوري للعمال، في ظل غياب الحد الأدنى من الحماية الاجتماعي لأغلب مصانع العالم حيث تعرضوا العمال لخطر انتقال العدوى، وفي نفس الوقت تأثروا تأثيرا مباشر بإجراءات الإغلاق بقطع دخلهم اليومي والشهري وهذا ما اثر على حياتهم المعيشية.
ومن هذه البيئة الملغومة فان حالة العمال والطبقات الكادحة وصلت ذروة الاحتقان الاجتماعي نتيجة هذه السياسات القمعية المتبعة سواء من قبل أصحاب الطبقات الرأسمالية أو حكوماتها الرأسمالية؛ فتضيق الخناق على هذه الشرائح الاجتماعية التي تعاني من تدني مستويات المعيشية، ورغم سوداوية المشهد الملبد بغيوم وتسلط قبضة الرأسمالية الاحتكارية التي لا تراعي أي أبعاد حقوقية وأخلاقية للعمال والكسبه؛ ولا تبالي بأي انتقادات داخلية كانت أم خارجية؛ فأمر هذه الغطرسة المزيفة – لا محال – ستؤدي إلى انفجار الاحتجاجات العمالية وستدفع الرأسمالية وأصحاب الثروات وحكوماتهم الرأسمالية ثمنا باهظا لغول هذه الإدارة في قيادة العالم بقطبية الرأسمالية المتوحشة بما تعيد تكرار سيناريو تظاهرات العمالية لعام 1886 في (شيكاغو) وبقية مدن العالم؛ فان الاحتجاجات ستحرك المياه الراكدة في بحيرة الثورة العمالية لتكون ثورة شاملة تتحرك في مسارها الطبيعي نحو كل الاتجاهات لقلب النظم الرأسمالية التي هي سبب كل بلاء يصيب العالم .