د. عامر عبدالله الجميلي
أَجَارَتَنَا إِنَّا غَرِيبَانِ هَا هُنَا وكُلُّ غَرِيبٍ لِلغَريبِ نَسِيبُ !
أثناء تجوالي قبل أيام لزيارة المقبرة الإسلامية لأهالي قرية النبي يونس – عليه السلام – القائمة فوق تل التوبة ، الذي يستبطن تحته بقايا العاصمة الآشورية نينوى على الضفة الشرقية لنهر دجلة في الساحل الأيسر من مدينة الموصل الحديثة ، ويفترض أنه يضم فضلاً عن جامع النبي يونس ، دير مار يونان المسيحي ومعبد نار مجوسي و طبقة آشورية تشتمل على قصر الملك أسرحدون ومخازن سلاح الدولة الآشورية ( إيكال مشارتي ekal – mišarti ) ، و لفت نظري وجود رخامة لشاهد قبر لامرأة خمسينية ( 59 عام ) متوفية يحمل إسماً شخصياً #سريانياً_مسيحياً ، والذي دعاني أكثر لهذا الإستغراب هو أمرين : الأول هو تأريخ وفاتها ( 2016/12/13 ) ، أي بعد بدأ عمليات تحرير الموصل من براثن ورجس عصابات ( د1عش ) بشهر تقريباً والتي بدأت في 16 أكتوبر / تشرين الأول / 2016 وانتهت بتتويج النصر النهائي بتأريخ 10 يوليو 2017 (8 أشهرٍ و24 يومًا) .
ما يعني أن المرأة إما أن تكون قد أسلمت في حياتها قبل ذلك التأريخ بسنوات وتزوجت من رجل مسلم ، أو أن تكون ممن انقطعت بهم السبل وضاعت من بين من تاه وضاع في تلك الفوضى والظروف الحرجة ورحل أهلها وتركوها لسبب من الأسباب قد يكون المرض أو الإعاقة أو غيرها ، بعد أن أجلت وهجرت تلك المجاميع الإرهابية ، المكون المسيحي الأصيل من مدينة الموصل ، والأمر الثاني والأغرب هو أن من قام واعتنى بدفنها قد أحاط وسوّر قبرها بحجارة ضمت بينها #آجرة طينية مفخورة و مسطرة بكتابات مسمارية آشورية ، يبدو أنها هي الأخرى #غريبة ومنقولة من مكان آخر ، ما يعطي احتمال أن سكان القرية كانوا قد نقلوا طوال أكثر من 150 عاماً الآجر المتوافر بكميات أكثر في التل الذي يكمل بقايا العاصمة نينوى ويعرف بـ ( تل قوينجق ) حيث قصر الملك سنحاريب والذي يبعد مسافة 1 كم عن تل النبي يونس لاستخدامها في بناء دورهم الطينية أو لاستخدامها في مدفن ومقبرة ولحود قريتهم كما في هذه الحالة .
ترحمتُ عليها ودعوت لها بالسكينة والراحة الأبدية ، واكتفيت بتصوير الموضع وبقيت الآجرة في الموضع الذي يحيط بالقبر .
نص شاهد القبر ( الضريح ) :
المرحومة
فائزة عيسى توما
مواليد 1957/7/1
توفيت 2016/12/13
النص المسماري للآجرة الطينية لذي قمت بقرائته :
” قصر سنحاريب ، الملك العظيم ، الملك القوي ، ملك بلاد آشور ”
إيكالُّ – سين – أخّي – ريبا – شار – رابو – أُ شار – دَنّو – شار – كور / مات – آشور
É . GAL . DIŠ . DINGIR . 30 ( EN . ZU / su’en ) . ŠEŠ . MEŠ . riba . MAN . GAL u . MAN . dan – nu MAN . KUR .aš – šur KI ”
أ . د . عامر الجُمَيلي ( ابو هشام ) / كلية الآثار – جامعة الموصل – العراق