حنان اويشا
تمر علينا في 6/ آذار من كل عام ذكرى عطرة يستذكرها ابناء شعبنا بكل اعتزاز وفخر.. ذكرى تحمل في معانيها الكثير عن شعب اصيل استمد من حضارته القوة واثبات الذات واصالة الانتماء وعدم الانكفاء وراء محاولات طمس الهوية وما اكثرها.. ففي مثل هذا اليوم من عام 1993 بدأ التعليم السرياني في محافظة دهوك بموجب قرار وزارة التربية في الاقليم المرقم (4) لعام 1992 ، والقرار جاء بعد انتفاضة آذار عام 1991 والاجواء التي سادت في الاقليم وابعاد سلطة النظام البائد عن المنطقة التي كانت فرصة سانحة استطاع ابناء المنطقة من استغلالها في بناء نظام جديد ..حيث افرزت الانتفاضة انبثاق برلمان اقليم كوردستان بعد انتخابات عام 1992 ومن ثم تشكيل حكومة الاقليم والمؤسسات والهيئات الحكومية الاخرى ، وقد تمكن ابناء شعبنا من مواكبة هذه المرحلة المهمة وانطلق لممارسة حقوقه السياسية والقومية، وتمخضت تلك الظروف عن تأسيس العديد من المؤسسات القومية ومنظمات المجتمع المدني، وشهدت مشاركة فعالة للحركة الديمقراطية الاشورية كاحدى الفصائل الوطنية المعارضة في العملية السياسية انذاك، والتي اثمرت بفوزها باغلب المقاعد المخصصة لابناء شعبنا في اول عملية انتخابية جرت عام 1992 وبذل ممثليها في البرلمان جهوداً حثيثة من اجل سن القوانين التي تصب في خدمة قضاياهم وطموحاتهم، ومنها طرح موضوع احقيتهم في التعلم بلغتهم الام، ليتم اقراره والعمل به والذي عد مكسبا كبيرا لهم.
وقد جاء الافتتاح الرسمي للمدارس السريانية بتاريخ .6/3/1993 ، وحينها تم افتتاح ستة مدارس في مركز محافظة دهوك ومدرسة في كل من سميل ومجمع المنصورية وبيرسفي وكواني وديرالوك وعقرة ومدرستان في زاخو، علما ان مدرسة سرسنك كانت قد افتتحت في شهر تشرين الثاني من عام 1992 واستنادا الى نفس قرار وزارة التربية.
وقد اثبتت العملية عام بعد عام نجاحها رغم ما احاطها من معوقات واستطاع الطلبة من تحقيق نسب نجاح جيدة في جميع المراحل وعلى مستوى المدارس والمحافظات، حيث انهت الدفعة الاولى دراستها الابتدائية في العام الدراسي 96ـ97 بنجاح كبير بعد مشاركتها في الامتحانات العامة (البكالوريا) الوزارية، وقد دلت النتائج على النجاح الباهر للعملية حيث كانت نسبة النجاح تزيد على 76% في الدور الاول وهذه اعلى نسبة نجاح حصلت عليها المدارس الابتدائية في مثل هذه الامتحانات، ومعظم المدارس السريانية حصلت على نسبة نجاح 100% وحصلت على المركز الاول او المراكز المتفوقة على مستوى المحافظة.
وتكررت الحالة عندما دخل طلاب المرحلة المتوسطة بالدراسة السريانية في الامتحانات العامة الوزارية للصف الثالث المتوسط في العام الدراسي 2000ـ 2001 ، كذلك بالنسبة لطلاب المرحلة الاعدادية بفرعيها العلمي والادبي في الامتحانات الوزارية في العام الدراسي 2003ـ 2004. وتكلل نجاح العملية بدخول الطلبة الى جامعات ومعاهد الاقليم عام 2004 حيث تخرجت الدفعة الاولى منهم عام 2007ـ 2008 .
وقد تواصلت مساعي الحركة الديمقراطية الاشورية حتى بعد عام 2003 من اجل ديمومة العملية وتواصلها وتوسيعها لتشمل محافظات ومناطق اخرى، وتكللت جهودها بتشكيل قسم اللغة السريانية في كلية اللغات ـ جامعة بغداد، من ثم تشكيل المديرية العامة للدراسة السريانية في وزارة التربية للحكومة الاتحادية، وايضا عمل ممثليها في مجلس النواب العراقي على اقرار اللغة السريانية كاحدى اللغات الوطنية في العراق.. وقبل ايام ، وتحديدا في 13/2/2018 جاءت خطوة مهمة اخرى نحو تطوير الدراسة السريانية التي تمثلت في استحداث دراسة الماجستير في اللغات السامية / قسم اللغة السريانية/ جامعة بغداد ..
ولن يفوتنا هنا ان نثني ايضا على الجهود المبذولة من قبل المديرية العامة للدراسة السريانية والى جانبها عدد من اساتذة جامعة صلاح الدين التي ساهمت في فتح قسم لدراسة اللغة السريانية في كلية التربية / جامعة صلاح الدين ، والذي سيساهم بدوره في رفد المدارس السريانية بالكوادر التدريسية الاكاديمية المتمكنة، وسيصب في خدمة الحفاظ على هذه اللغة العريقة والغنية.
وها نحن اليوم نحتفل بمرور 25 عاما على انطلاقتك العملية الرائدة في محافظة دهوك لتتوسع وتتواصل رغم كل الصعوبات التي شهدتها مسيرتها الطويلة واضحت كسمة وعنصر اساسي لترسيخ وجود شعبنا على ارضه.
ازكى التهاني والتبريكات نقدمها لابناء شعبنا بهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا وكل التقدير لجميع الجهود التي بذلت من اجلانجاح العملية ، ولكل من قدم السند والدعم لتحقيق هذا الانجاز القومي الكبير اشخاصا ومؤسسات، ونخص الذكر اللجنة الخيرية الاشورية التي يشهد لها لدعمها الدراسة السريانية منذ البدايات ومازالت متواصلة في سد احتياجاتها وفق امكانياتها المتاحة .