إبراهيم برخو
تورنتو في 23 أكتوبر /تشرين الأول 2023
الفن الملتزم بقوانين الأبداع ، رسالة حضارية يقدمها الفنان لشعبه وأمته ، من هذه العبارة المقتضبة أنطلق نحو فكرة الأعتزال التي يرنوا اليها بعض الفنانين وترك الساحة الفنية بدعوى الكبر او بسبب أخر، وإن لم يعتزل فماذا سيقدم بعد، وهل هناك ضوابط ليستمر الفنان بالعطاء والأبداع ! خاصة الذين تركوا بصمة في الفن ولهم باع طويل فيه، لا بل أثرا لا يمكن زواله في الذهن الجمعي للمجتمع.
بالعودة الى الفنان القومي المتألق دوما الفنان ( آشور بيث سركيس ) وفي حفلته الأخيرة في مدينة تورنتو والتي أقيمت تحت رعاية الجمعية الخيرية الآشورية في كندا 12 أكتوبر 2023 ،ريعا خيريا لضحايا شعبنا في بغديدا المنكوبة ، حيث أبدع الفنان والجمهور على حد سواء، فكانت الفرحة فرحتين ،تملى قلب الفنان ،وقلوب الجماهير المشاركة الذين قطعوا عهدا على أنفسهم، أن يظلوا واقفين، ملوحين بعواطفهم الجياشة صوتا ولحنا، ورقصا ، على أنغام سرمدية لا يشبع منها جماهيرنا المتعطش للأغاني القومية والعاطفية المشحونة بحب الوطن والشعب. فكيف تقبل جماهيرنا بان يفكر فنانا بهذه القامة الرفيقة في عالم الغناء صوتا شجيا، كلمات كالكريستال، ولحنا سرمديا، سيمفونية صاخبة ملتهبة حتى العظم، بأن يفكر بالأعتزال …… ، لست سابقا للحدث ، بل الحق يقال لا إعتزال للفنان ،مادام الجمهور ملتف حوله، مرددين الأغاني قبله أو معه وبحماس منقطع النظير.
دفىء الصوت يخرج من الأعماق، كلمات وأحاسيس متضاربة بين الفرح والحزن،وهناك الشجن، لحن حزين يصاحب كلمات أكثر حزنا بالفقدان ، فقدان الوطن وفقدان الأحبة، غناء بنمط فيه الكثير من الأحساس بنبرات مميزة مملؤة بشحنة العاطفة ،لغة وصفية دقيقة وجميلة للأغنية القومية والوطنية ، صوت آشور بيث سركيس الذي لم ولن يتغيررغم عوادي الزمن ، الأحساس يدور حولنا وكأننا نحلق في فضاء واسع من الموسيقى ،التي تذوب في ارواحنا، والجمهور المحتشد حوله يذوب في أغانيه، فكان الأبداع بعينه وكأنه كريستال لامع على المسرح، والجمهور يشدوا حوله، يرنمون ويغنون لكل الغاني معبقة بعطر العشق الأبدي.
ليس غريبا عنا ، فكلنا يغرف آشور بيث سركيس فنانا قد تربع عرش الغناء ولعقود مضت ولحد الآن ، صوتا عذبا وكلمات سلسة ناعمة تمس شغاف القلوب المفعمة بالحب للوطن والشعب.
إن الحفلة كانت إنعطافا حاسما في عالم الأبداع ، حيث كان الجمهور في غاية الأستمتاع والتفاعل مع الأغاني ، منهم من ألتزم الوقوف طيلة الحفلة منشدا فرحا، منهم من شارك بالرقص والأستعراض الجميل على نغمات الأغاني الرائعة، لا بل نهض الجميع للمشاركة وكأنهم في أسعد ايامهم ولحظاتهم التي لا تعوض.
مرة أخرى أكدت جماهيرنا بحب الفنان القومي آشور بيث سركيس، والألتفاف حوله، فترى جيل السبعينيات من القرن الماضي متواصلين على الخط، ينشدون خلفه الأغاني القومية والعاطفية وكان الصوت أعمق وأقوى، وما يثير الأنتباه ويجذب المشاهد هو في تكرار المقطع لمرات عديدة والكلمات تاتي عن ظهر قلب فتكون عندها رابط عاطفي قوي بين الفنان المتألق وبين الجمهورالمستمتع، وهنا نتسائل كيف إن الفنان القومي المتميز يجمعنا على قدر إختلافاتنا الفكرية السياسية والدينية ، إنها محطة لابد من الوقوف عندها، نشارك أحلامنا وأمالنا وتطلعات شعبنا في حب الوطن والشراكة في الوعي والعزف على اوتار الوحدة القومية التي لا بد منها في زمن الصراعات الذي تقودنا نحو الفناء لا سامح الله،
ختاما : شكرا للفنان القومي آشور بيث سركيس وهذا التألق في فضاء الفن الذي لا بداية له ولا نهاية، وشكرا لكل من ساهم وشارك في إنجاح هذا الحفل الرائع، شكرا للجمعية الآشورية الخيرية في كندا.
إبراهيم برخو
تورنتو في 23 أكتوبر /تشرين الأول 2023