زوعا اورغ/ اعلام المرصد
نبذة تعريفية عن المرصد الآشوري لحقوق الانسان : المرصد الآشوري لحقوق الإنسان (Assyrian Monitor For Human Rights) : مؤسسة مستقلة غير حكومية غير ربحية تأسست في 1 آب / اغسطس 2014 ومركزها المملكة السويدية. تسعى لرفع مستوى الوعي فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان التي تعاني منها المجتمعات المسيحية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وايضاً لتعزيز وترسيخ قيم الديمقراطية والتنوع بين مختلف المجموعات العرقية والدينية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا باعتبارها وسيلة لتعزيز المشاركة البناءة والتسامح، بالإضافة إلى الاهتمام بشؤون المرأة والطفل.
المرصد الاشوري مصدر معتمد للكثير من المؤسسات الحكومية الغربية والوكالات الاعلامية في ما يتعلق بقضايا مسيحيي الشرق الاوسط. وهو عضو مؤسس للتحالف الدولي للسلام والتنمية ـ جنيف. وله عدد من الشراكات وبروتوكولات التعاون مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني ذات الطابع الدولي والأوروبي والشرق اوسطي. وللمرصد الآشوري ممثليات في عدد من الدول الاوربية والاميركية، ومراقبون معتمدون في دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
وتعتبر متابعة الانتخابات من الاقسام المستحدثة في المرصد الآشوري وكما وتعتبر متابعة الانتخابات البرلمانية العراقية 2018 من بواكير تجارب المرصد الآشوري في متابعة الانتخابات في العراق.
مقدمة :
تأتي الانتخابات البرلمانية العراقية 2018، وهي الرابعة منذ سقوط نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين سنة 2003، والثانية بعد خروج القوات الاميركية من العراق 2011، في ظلّ عدد كبير من المتغيرات المحلية والاقليمة في المنطقة، فهي تأتي بعيد تحرير عدد كبير من المناطق العراقية من تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) الارهابي، وماخلفه احتلال داعش لهذه المناطق من موجات هجرة ونزوح داخلي وإلى الدول المجاورة، ناهيك عن تدمير غالبية البنى التحتية في تلك المناطق، وانتشار المليشيات والسلاح الغير الشرعي خارج نطاق الدولة، بالإضافة إلى ان هذه الانتخابات تأتي بعد ستة اشهر من استفتاء استقلال اقليم كردستان العراق حيث صوت 93% لصالح الاستقلال، وما نتج عن هذا الاستفتاء من قطيعة سياسية بين الحكومة المركزية والاقليم. ناهيك عن تأجيل اجراء هذه الانتخابات البرلمانية التي كان مزمع اجراءها في ايلول / سيبتمبر 2017، لستة اشهر بسبب الحرب على تنظيم داعش الارهابي.
في ظلّ هذه الظروف ولكون المرصد الآشوري لحقوق الانسان مركز يعنى بقضايا المسيحين والاقليات في الشرق الاوسط، فقد ركزنا في متابعتنا للانتخابات البرلمانية العراقية على انتخابات مقاعد الكوتا المسيحية في العراق، وما زاد اهتمامنا في هذا الجانب هو التضرر الكبير الذي لحق هذا المكون من قبل تنظيم داعش الارهابي من تهجير قسري ونزوح، بالإضافة للانتهاكات التي تطال هذا المكون منها عمليات التغيير الديموغرافي في عدد من المناطق ذات الحضور المسيحي في البلاد.
المرشحون والناخبون :
ترشح 6928 مرشحاً، من بينهم 2014 امرأة، يمثلون 205 حزباً سياسياً بالإضافة لمستقلين، يتنافسون على 329 مقعداً (انظر توزيع المقاعد على المحافظات العراقية)، بينهم 9 مقاعد كوتا مخصصة كالتالي : 5 مقاعد (بغداد، اربيل، دهوك، كركوك، نينوى)، 1 صابئة مندائين (بغداد)، الإيزيديين (نينوى)، الشبك (نينوى)، الكورد الفيليين (واسط).
هذا ويحقّ لاكثر من 24 مليون ناخب من اصل اكثر من 35 مليون نسمة عدد سكان العراق التصويت في 18 محافظة عراقية، بالإضافة إلى المغتربين العراقيين الذين صوتوا في 19 دولة.
وبما يخص مقاعد الكوتا المسيحية الخمسة فقد تنافس عليها 67 مرشح بينهم 16 امرأة يمثلون 7 قوائم، تضم 12 كيان سياسي ومستقلين.
مشاهدات وفد المرصد الآشوري لحقوق الانسان لمتابعة الانتخابات البرلمانية العراقية 2018
فترة الحملات الانتخابية (14 نيسان / ابريل ـ 10 ايار / مايو 2018) :
انتشار كثيف وواسع للحملات الانتخابية الخاصة بالكتل والقوائم المرشحة، مع وجود عدم تنظيم في الحملات الانتخابية مما أدى تشويه جمالية عدد من المناطق في البلاد.
احتواء برامج وتصريحات عدد من المرشحين لخطاب تحريضي ومذهبي وطائفي، تأتي ضمن خطاب شد العصب الطائفي للمواطنين.
تسخير المنابر الدينية والمرجعيات الروحية في الترويج لبعض القوائم الانتخابية، وضرب قوائم اخرى.
ضعف في مراقبة المال الانتخابي، مما ادى ألى تفاوت سقف الانفاق للداعية الانتخابية بين الكتل الانتخابية، وقد وصلت حالة الانفاق إلى مبالغ خيالية، سخر قسم منها لرشوة مجموعات، وشراء الاصوات بطريقة جماعية.
لوحظ ضعف دور منظمات المجتمع المدني في تثقيف المجتمع تجاه الاستحقاقات الديمقراطية المتمثلة في الانتخابات البرلمانية، وانحصارها بمجتمعات محدودة جداً.
دخول عدد كبير من المليشيات المسلحة في السباق الانتخابي من خلال ممثليهم، واجبار هذه المليشيات المواطنين الواقعين تحت سيطرتهم للتصويت لقوائمهم.
لوحظ قيام مناظرات انتخابية بين المرشحين وممثلي الكتل الانتخابية برعاية بعض الفضائيات، لعرض افكار ومشاريع هذه الكتل والمرشحين في حين حالفهم الحظ بالدخول للندوة البرلمانية.
عدم التزام عدد كبير من الوسائل الاعلامية بالمبادئ المهنية المتبعة خلال الحملات الانتخابية، من خلال تسليط الضوء على مرشحين دون سواهم، بالإضافة لوجود حالات استخدم فيها المال السياسي للاستحواذ على البرامج الحوارية من قبل كتل انتخابية.
حالة من التخبط شابت ممثلي وموظفي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، من حيث عدم معرفتهم بالقوانين، والآليات المتبعة في الانتخابات.
استهداف عدد من المرشحين خلال فترة الحملات الانتخابية ،من خلال عمليات التسقيط السياسي التي لا تتناسب واخلاقيات الاستحقاق الديمقراطي، بالإضافة إلى نشر فضائح اخلاقية بحق مرشحات ومرشحين بهدف ابعادهم عن العملية الانتخابية، واستهداف مرشحين بعمليات ارهابية راح ضحيتها احد المرشحين.
استغلال المال العام في سبيل الترويج لصالح كتل ومرشحين، وسط ترشح عدد كبير من مسؤولي الدرجات الأولى للانتخابات البرلمانية وهم في الوقت ذاته يمارسون صلاحياتهم القيادية في الدولة.
مبادرات في عدد من المناطق وبين عدد من الكتل الانتخابية، من خلال توقيع وثائق شرف من شأنها جعل العملية الانتخابية تسري في اجواء ديمقراطية وسط منافسة شريفة بين المرشحين.
استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة من قبل الماكينات الانتخابية للمرشحين والكتل الانتخابية، واعلان بعضهم عن حملاتهم قبل موعد انطلاق الحملات الانتخابية حتى.
حجب المفوضية قسم المعلومات المتعلقة بانتخابات 2018على موقعها الرسمي لمدة 10 ايام.
قلة عدد البرامج التي اولت اهتماماً باصحاب الاحتياجات الخاصة ومطالبهم وحقوقهم.
فترة الصمت الانتخابي (11 ايار / مايو 2018) :
حددت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق ضمن نظام الحملات الانتخابية رقم / 11 / لعام 2018 المادة الأولى ” يحق للكيانات السياسية والائتلافات والمرشحين المصادق عليهم من قبل المفوضية أن يباشروا حملتهم الانتخابية ابتداءً من تاريخ المصادقة على المرشحين على ان تتوقف قبل 24 ساعة من وقت فتح مراكز الاقتراع ” وقد سجل وفدنا بعض الملاحظات عن فترة الصمت الانتخابي:
استمرار نشر الدعايات الانتخابية للمرشحين والقوائم على مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك).
استخدام الرسائل النصية (sms) في الترويج للقوائم والمرشحين عن طريق ارسالها للمواطنين.
كانت نسبة الالتزام بالصمت الانتخابي حسب احصاءات المرصد الآشوري لحقوق الانسان 70%.
استمرار عمليات التسقيط السياسي للمرشحين خلال هذه الفترة، وبث معلومات مغلوطة عن انسحاب مرشحين، وعدم تمكن المستهدفين الردّ أو التصحيح بسبب التزامهم بفترة الصمت الانتخابي.
يوم التصويت (الخاص، المهجر، العام) :
حظر تجوال بين المحافظات بدأ من الساعة الثانية عشر من ليل الجمعة 11 ايار / مايو حتى الساعة السابعة مساءً من يوم السبت 12 ايار / مايو، وحظر تجوال في العاصمة العراقية بغداد بدأ من الساعة الثانية عشر من يوم الجمعة وانتهى عند الساعة الثانية عشر من يوم السبت.
عرقلة دخول بعض مندوبي المرشحين والقوائم الانتخابية لبعض المراكز الانتخابية.
تأخر افتتاح بعض المراكز الانتخابية عن الوقت المحددة من قبل المفوضية.
حالة من عدم التنظيم وجهل بالمهام من قبل عدد كبير من الموظفين داخل المراكز الانتخابية، بالاضافة لضعف خبرتهم بالتعامل مع الاجهزة الخاصة بالتصويت.
إقبال ضعيف على التصويت في كل المحافظات العراقية من قبل المواطنين في الساعات الاولى من افتتاح مراكز الانتخابات.
عدم ازلة الاعلانات الانتخابية القربية من المراكز الانتخابية.
رصد حالات عديدة لتعطل الاجهزة داخل المراكز الانتخابية، وخصوصاً اجهزة التعرف وقراءة معلومات الناخبين.
في التصويت الخاص لم يتمكن عدد كبير من الناخبين التصويت بسبب تعطل الاجهزة، وسوء التنظيم للانتخابات في المراكز المخصصة لهم، مما ادى إلى انتهاء الوقت المخصص للاقتراع.
في تصويت المهجر وضعت المراكز الانتخابية داخل مراكز دينية.
في التصويت الخاص الفرض على الناخبين التصويت لقوائم محددة.
في تصويت المهجر ارتبطت عملية التصويت باهواء بعض رؤساء المراكز الانتخابية، واتخاذهم قرارات تخالف قوانين الانتخابات.
تشتت المواطنين اثناء الانتخابات بسبب عدم دقة توزيع الناخبين على مراكز الانتخاب، مما ادى إلى التنقل من مركز لاخر للبحث عن المكان المحدد للتصويت.
وجود دعايات انتخابية وترويج للقوائم والمرشحين قرب المراكز الانتخابية.
اجراء الانتخابات في مناطق لاتفرض فيها الدولة سيطرتها الكاملة.
في تصويت المهجر ايام التصويت حددت بيومي الخميس والجمعة، وهما يوما عمل في الدول الغربية، مما ادى إلى عدم قدرة عدد كبير من المواطنين من الذهاب للادلاء باصواتهم.
حدوث بعض المشادات والاشتباكات بين مؤيدي الكتل والمرشحيين.
تدخل سافر من قبل الكتل والقوى الكبيرة في انتخابات الكوتا المسيحية، للاستئثار بالقرار المسيحي في العراق.
خلاصة وتوصيات :
بعد متابعة الانتخابات البرلمانية العراقية ايار / مايو 2018 من قبل بعثة المرصد الآشوري لحقوق الانسان نجد أن الانتخابات الاخيرة شهدت خروقات وانتهاكات كان من المفترض عدم وقوعها او معالجتها قبيل بدء العملية الانتخابية من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، بالإضافة إلى كثرة الشكوك حيال امكانية القائمين على المفوضية بإدارة العملية الانتخابية من ناحية المهنية وعدم التبعية لاي جهة كانت. لذا نجد انه من الضروري فتح تحقيق شفاف وشامل بكل الشكاوى المقدمة بما يخص العملية الانتخابية والتعاطي معها بمهنية وحيادية لرد الإعتبار للاستحقاق الديمقراطي الذي يفترض ان يكون عرساً للديمقراطية في اي بلد يقام فيه.
خاصةً وان اكبر نكسة للانتخابات البرلمانية العراقية كانت عزوف نسبة كبيرة من المواطنين العراقيين عن التصويت، مما يدل على وجود ازمة ثقة حقيقية بين الدولة بما تمثله من قوى حاكمة وبين المواطنين.
لذا نجد أنه من أهم واجبات البرلمان العراقي الجديد إعادة هيكلة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية، وتكون الهيكلة الجديدة بعيدة عن اساليب المحاصصة الطائفية والحزبية، ويكون اساسها الحيادية والمهنية والاستقلالية البحتة. كما يتطلب منهم إعادة النظر في القوانين الناظمة للانتخابات، وخصوصاً القوانين المتعلقة بانتخابات مقاعد الكوتا المسيحية.
أما الحكومة العراقية فمن واجبتها الاساسية في المرحلة المقبلة هو بسط سلطة الدولة على كل المناطق العراقية، والحد من انتشار المليشيات، مما يعطي انطباع مريح للمواطنين، في ممارسة حقوقهم السياسية والمدنية والاجتماعية، ويكون ولائهم للدولة اولا واخراً.
كما لا بد من التنويه بأن أحد أهم أركان أية انتخابات، إضافة إلى الناخب والمرشح والهيئة المشرفة على الانتخابات، هي منظمات المجتمع المدني، والتي نرى أن لها دور مهم في العملية الانتخابية منذ بداياتها، من خلال توعية المجتمع بأهمية الانتخابات، التي هي أساس الحياة الديمقراطية، وحث المواطنين على اختيار من يمثلهم في إدارة الدولة خلال الفترة التي تعقب الانتخابات، وصولًا إلى تفعيل الرقابة الشعبية على من انتخبهم الشعب، وخصوصًا في بلد كالعراق الذي يحاول أن يستعيد عافيته بعد العديد من الاضطرابات والفساد والإرهاب الفكري والعملي الذي يعبث فيه هنا وهناك.
ختاماً نتمنى للفائزين بالانتخابات البرلمانية العراقية دورة 2018 كل الموفقية والنجاح في اداء مهامهم الدستورية داخل قبة البرلمان للاربعة اعوام المقبلة، وفي الوقت ذاته نذكرهم بوعودهم الانتخابية امام الشعب العراقي الذي ينتظر منهم الأفضل وصولاً لبناء عراق حر مستقل، يحفظ كرامة مواطنيه، ويسهر على مستقبل أفضل لابناءه