زوعا اورغ/ وكالات
سلط تقرير لموقع عربي، الضوء على الأوضاع الاقتصادية في إقليم كوردستان، وما يعانيه الموظفون الحكوميون جراء الأزمات المتلاحقة، حيث خرجوا مؤخرا في احتجاجات غاضبة للمطالبة بنقل رواتبهم إلى وزارة المالية الاتحادية بسبب تأخر صرف أجورهم لأكثر من 50 يوما، واستقطاع جزء منها.
وذكر التقرير الذي تابعه ديجيتال ميديا إن آر تي، ان “الأوضاع الاقتصادية والسياسية في الإقليم تأزمت مع ظهور تنظيم داعش عام 2014، كما خسر الإقليم مناطق شاسعة غنية بالنفط كانت تؤمن له واردات ضخمة مع تعمق الخلافات بين أربيل وبغداد، وإصرار الحكومة المركزية على عدم دفع مستحقات كوردستان لوجود مخالفات في بيع وتصدير النفط والغاز وعمل المنافذ الحدودية”.
وأضاف ان ” حكومة الإقليم بدأت بتطبيق نظام ادخار الرواتب في شباط 2016 بنسب تراوحت بين 15% إلى 75%، ثم أجرت تعديلا في 2018 على النظام لتصبح نسب الاستقطاع بين 10% إلى 30%”.
وتابع ان “الإقليم يشهد منذ أسابيع احتجاجات غاضبة ضد الفساد المستشري، وتأخر صرف الرواتب لنحو شهرين تقريبا، ورفضا لاستقطاع ما نسبته 21% من الرواتب مع ازياد معدلات الطلاق والانتحار والتفكك الأسري وهجرة الشباب إلى الخارج، مما دفع موظفي الإقليم إلى تقديم طلبات لنقل رواتبهم إلى وزارة المالية العراقية التي لا تتأخر في صرف رواتب موظفيها رغم الأزمات الموجودة في البلاد”.
وتعليقا على ذلك أفاد أحد الإعلاميين بان “الطبقة السياسية الكوردية فشلت في بناء الحكم الرشيد بكوردستان العراق، لأنها عملت من أجل بناء السلطة لا بناء الدولة”، عازيا ذلك إلى “عدم الأخذ بآراء ونصائح المختصين والخبراء في المجال الاقتصادي والمالي”، واصفا إدارة الإقليم التي لم تضع قانونا للموازنة منذ سنوات بأنها “إحدى أذرع الفساد الطويلة”.
وبين أن “الأزمة الاقتصادية الحالية في كوردستان سوف تستمر دون إيجاد حلول لها؛ لأن حكومة الإقليم عاجزة عن معالجة المشاكل التي تواجهها، وبالتالي غير قادرة على حل مشكلة تأخر رواتب موظفيها”، مشيرا إلى أن الإقليم ما زال يفتقر إلى الرؤية الاقتصادية والمالية، ولا يمتلك بنكا مركزيا فضلا عن إفلاس جميع مصارفه واستخدامها أسوأ الأنظمة المالية والاقتصادية، على عكس الحكومة العراقية التي لديها البنك المركزي، وتعمل وفق النظام المصرفي المعتمد عالميا.
وبحسب التقرير فان “عدم وجود أرقام دقيقة لدى الحكومة العراقية عن الرواتب الشهرية التي تدفعها حكومة كوردستان لموظفيها، يشكل معضلة كبرى أمام اتفاق الطرفين، فالإقليم يعترف بوجود نحو (200-250) ألف موظفي فضائي، فيما كشف عضو البرلمان النائب ريبوار كريم، عن وجود نحو 500 ألف موظف فضائي يستلمون رواتب في الإقليم”.
وتشير الإحصائيات الدقيقة، بحسب كريم، عن وجود نحو 750 ألف موظف حقيقي من مجموع 1.250 مليون موظف يستلمون الرواتب من حكومة الإقليم، لافتا إلى ان “الاقليم فشل في الاستقلال الاقتصادي والذاتي الذي أعلنه خلال السنوات الماضية وعمل به”، مؤكدا أن “حل إشكالية رواتب موظفي الإقليم تكمن بنقلها إلى وزارة المالية العراقية، وتوزيعها على موظفي كوردستان بشكل مباشر من خلال الحساب المصرفي، معززا رأيه بعدة إيجابيات لهذا التوجه منها إنهاء رواتب الفضائيين التي سببت انهيارا تاما للاقتصاد في الإقليم”.
ووفقا للنائب الكوردي في البرلمان الاتحادي، فان ” نقل رواتب موظفي كوردستان إلى وزارة المالية العراقية سينعش الحياة الاقتصادية في الإقليم بعد سنوات من النكبات المالية وتدهور الوضع المعيشي، في وقت توجد عدة دوائر بكوردستان العراق تستلم راتبها من بغداد دون أي مشاكل”، مبينا أن “هذه الخطوة لن تزعزع كيان الإقليم الاقتصادي والسياسي كما يخشى البعض”.
من جانبها أعربت وزارة المالية الاتحادية عن استعدادها لتقبل ومناقشة هذه الخطوة والتباحث حولها، مشترطة –بحسب النائب كريم- أن يكون لكوردستان قائمة واضحة وصريحة برواتب موظفيها، معربا عن أسفه لفشل حكومات الإقليم في عدة مفاصل مهمة أبرزها الملف الاقتصادي خلال 30 سنة من الحكم الذاتي السياسي والاقتصادي بعيدا عن العراق.
بدوره رفض برلمان الإقليم هذه الخطوة، ويعدها غير دستورية وبعيدة عن القانون، عازيا السبب إلى أن كوردستان كيان مستقل كما هو مذكور في الدستور العراقي، ويتمتع بإدارته المستقلة وفقا للقانون العراقي، وهو المسؤول عن تأمين رواتب موظفيه.
وأشار التقرير إلى ان “أسباب المشاكل الاقتصادية الحالية في كوردستان تعود إلى فشل الاستقلال الاقتصادي الذي أعلنته حكومة الإقليم، ولم تنجح في تأسيس أسس اقتصادية ومالية رصينة، كما يعزو ذلك رئيس اللجنة المالية في برلمان الإقليم زياد جبار”، حيث أفاد جبار بان “علاقتنا مع بغداد مبنية على أساس الدستور الدائم الذي صوت عليه الشعب العراقي ومنه الكوردي عام 2005”.
ودعا جبار الحكومة العراقية إلى الالتزام بالدستور وإرسال مستحقات كوردستان المالية، التي قطعتها نتيجة الخلافات السياسية بين الطرفين منذ عام 2014، وازدادات عمقا بعد ظهور تنظيم الدولة.
وفيما يتعلق بالتدهور المعيشي في كوردستان خلال السنوات الأخيرة، بين الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي خالد حيدر، أن نقل رواتب موظفي الإقليم إلى وزارة المالية العراقية سيعالج انخفاض المستوى المعيشي في كوردستان، منتقدا غياب التخطيط العلمي الدقيق للموارد المتوفرة في كوردستان من خلال الجهات الحكومية، والتي أدت إلى ما عليه الإقليم الآن من أزمات تلو الأخرى، داعيا للاستفادة من الخبرات المتراكمة من خلال التدقيق والإحصاءات الدقيقة للقدرات المالية والبشرية، ومن ثم وضع أهداف مناسبة بالاتفاق مع بغداد حول كيفية إدارة الموارد المالية والاقتصادية في كوردستان.
وختم التقرير بالقول ان حكومة إقليم كوردستان توصلت مؤخرا إلى اتفاق مع بغداد بعد فشل العديد من الاجتماعات واللقاءات بينهما حول ملفات تصدير وبيع النفط والمنافذ الحدودية، حيث يتضمن الاتفاق تمويل الإقليم بمبلغ قيمته 320 مليار دينار عراقي (بحدود 268 مليون دولار) شهريا لكل من أشهر آب وأيلول وتشرين الأول من العام الجاري لتسديد بعض نفقاته، مع استمرار نظام استقطاع الرواتب وتأخر توزيعها.