زوعا اورغ / وكالات
للتغلب على درجات الحرارة القياسية في زمن فيروس كورونا يواجه سكان جنوب العراق، الغني بالنفط، خياران أحلاهما مر: البقاء في المنزل وتحمل درجات الحرارة العالية في ظل انقطاع الكهرباء لساعات، أو الخروج من المنزل والمخاطرة بالإصابة بالفيروس.
هذا ما يعانيه زين العابدين، أحد سكان ناحية الهارثة في محافظة البصرة، الذي فقد وظيفته بسبب تدابير الإغلاق، خلال النهار لا يملك زين العابدين سوى الاستماع إلى أنين طفلته حديثة الولادة، التي تبلغ من العمر أربعة أشهر، من شدة حرارة لا تطاق.
فمن هم على شاكلة زين العابدين، ممن يعيشون في فقر مدقع، لا يستطيعون تحمل تكلفة شراء مولدات الكهرباء لتعويض انقطاع التيار الكهربائي الذي يمكن أن يصل إلى ثماني ساعات، وقال: “لا حيلة لي للتعامل مع هذا سوى الدعاء”.
ومع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية هذا الصيف، حيث وصلت إلى 52 درجة مئوية (125 فهرنهايت) في بغداد الأسبوع الماضي، مما أدى إلى تجدد الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
وفرض العراق حظر تجول صارم لمواجهة تفشي الفيروس، مما دفع العائلات إلى البقاء في المنزل ودفع الأموال في شراء الوقود والمولدات، وفي حال لم تتمكن من ذلك، فلا سبيل لديها سوى مواجهة جو خانق في المنازل دون تكييف الهواء.
الأزمة الاقتصادية
وتراجعت احتياطي العراق من العملة الصعبة بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط والوباء، ما أثر على قدرة العراق في الاستثمار للحفاظ على البنية التحتية للكهرباء.
من ناحية أخرى، يطالب الإيرانيون العراق بتسديد ديون الطاقة التي قدموها للعراق بالفعل، تدفع الولايات المتحدة بغداد للابتعاد عن إيران وإبرام اتفاقات مماثلة مع حلفاء الخليج، وفقا لثلاثة مسؤولين كبار في الحكومة العراقية، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن أسمائهم.
وقال أحمد محمد، من سكان بغداد: “ننقل أطفالنا إلى الطابق السفلي، ونرشهم بالماء من أجل التخفيف عليهم.”
وكان الإصلاحات في قطاع الكهرباء تعثرت بسبب الاحتجاجات والمصالح الخاصة لشركات المولدات، التي يمتلك بعض أصحابها علاقات بشخصيات سياسية، وأدى الإحجام العام عن دفع الدولة أموال الكهرباء إلى إرباك المسؤولين العراقيين لفترة طويلة.
وفي صيف عام 2018، أثار سوء تقديم الخدمات احتجاجات في البصرة، وفي العام التالي، شلت الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومة بغداد وجنوب العراق، حيث انتقد عشرات الآلاف الفساد المستشري والذي أعاق توصيل الخدمات، بما في ذلك الكهرباء.
وقُتل متظاهران على أيدي قوات الأمن في بغداد الأسبوع الماضي أثناء احتجاج ضد انقطاع التيار الكهربائي.
أجراءات طارئة
ومن أجل البقاء على قيد الحياة في أشهر الصيف، يوصي علي الصفار، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وكالة الطاقة الدولية – ومقرها باريس – بمراجعة فورية للمولدات المستخدمة في المكاتب العامة لمعرفة ما يمكن وضعه ضمن الشبكة الوطنية، حيث يأتي عدد أقل من الأشخاص للعمل بموجب إجراءات الإغلاق.
وأوضح مسؤولون في وزارتي النفط والكهرباء أن الحكومة نفذت بالفعل إجراءات طارئة لتحويل الطاقة المستخدمة في حقول النفط إلى الشبكة.
ويعتمد العراق بشكل كبير على إيران في الطاقة، خاصة خلال فصل الصيف، لكن النقص في الموازنة أعاق جهود بغداد، وقال مسؤولان حكوميان إنه تم رصد مخصصات عاجلة لتجنب تكرار ما حدث عام 2018، عندما أوقفت إيران الواردات في الصيف بسبب مدفوعات مستحقة، كما أدى الاعتماد على الطاقة الإيرانية إلى توتر بالعلاقات الأميركية – العراقية
المفاوضات مع الخليج
وقد وصلت المفاوضات مع دول الخليج إلى مراحل متقدمة في مشروعين، الأول سيوفر 500 ميغاوات أولية من الإمداد لجنوب العراق عن طريق ربط الشبكة بشبكة فائقة تشمل ست دول خليجية، وتم توقيع اتفاقية مبدئية العام الماضي مع هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي، لكن نقص التمويل لإنشاء 300 كيلومتر من خطوط نقل الكهرباء تسبب في تأخر المشروع.
وأكد أحد كبار المسؤولين الحكوميين أن دول الخليج تعهدت بتقديم الأموال، لكنها أعربت عن قلقها بشأن الوضع السياسي، وقد عقدت مؤتمرا عبر الفيديو مع الوزارة (الكهرباء) في أوائل يوليو، وتمت دعوة ممثلين من الولايات المتحدة لتشجيع هذه الدول، والمشروع الثاني هو إنشاء محور للغاز جنوب العراق لتلبية احتياجات الطاقة المحلية.
وتجري محادثات في الوقت الراهن لتطوير حقل أرطاوي النفطي العراقي وجمع الغاز المشتعل في الحقول المجاورة لتوليد الكهرباء، وبموجب الاتفاق، ستقوم شركة أكوا باور ومقرها الرياض وشركة هانيويل الأميركية ببناء مركز الغاز، بتمويل من عائدات الحقل، الذي تديره شركة أرامكو السعودية، لكن الاتفاق لم يتم التوقيع عليه رسميا بعد.