زوعا اورغ/ وكالات
أكد المرجع الديني، علي السيستاني، اليوم الأحد، (13 أيلول 2020)، خلال اجتماعه مع مبعوثة الأمم المتحدة إلى لعراق، جينين هينيس بلاسخارت، على مجموعة من النقاط ومنها عدم تأخير الانتخابات وفرض هيبة الدولة ومنع التدخلات الخارجية وفتح ملفات الفساد الكبرى والكشف عن المتورطين في عمليات القتل والاغتيال منذ بدء الاحتجاجات في تشرين الأول الماضي.
وأصدر مكتب السيستاني بياناً عقب اجتماعه مع بلاسخارت في مدينة النجف، التي وصلت إليها صباح اليوم.
ودعا السيستاني بحسب البيان إلى إجراء الانتخابات وفق قانون عادل ومنصف بعيداً عن المصالح الخاصة، محذراً من أن “التأخير في اجراء الانتخابات أو اجرائها من دون توفير الشروط اللازمة لإنجاحها سيؤدي لتعميق مشاكل البلد والوصول إلى وضع يهدد وحدته ومستقبل أبنائه وستندم عليه جميع الأطراف الممسكة بزمام السلطة”.
وسبق أن حدد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، السادس من حزيران المقبل موعداً لإجراء الانتخابات المبكرة.
كما طالب المرجع الديني، الحكومة بـ “الاستمرار والمضي بحزم وقوة في الخطوات التي اتخذتها في سبيل تطبيق العدالة الاجتماعية والسيطرة على المنافذ الحدودية وتحسين أداء القوات الأمنية وفرض هيبة الدولة وسحب السلاح غير المرخص وفتح ملفات الفساد الكبرى”.
وفي أكثر من مناسبة، توعد الكاظمي بعمليات أمنية “جادة” لاستهداف الخارجين عن القانون، في إشارة إلى الفصائل المسلحة المقربة من الأحزاب المتنفذة.
السيستاني دعا الحكومة أيضاً إلى “العمل بكل جدية للكشف عن كل من مارس أعمالاً إجرامية منذ بدء الحراك الشعبي ولا سيما الجهات التي قامت بأعمال الخطف أو تقف وراء عمليات الاغتيال الأخيرة”.
ويشهد العراق منذ تشرين الأول الماضي، على نحو متقطع احتجاجات شعبية عمت معظم محافظات الوسط والجنوب تخللتها أعمال عنف أسفرت عن مقتل المئات وإصابة الآلاف، كما تصاعدت خلال الآونة الأخيرة عمليات الاغتيال التي استهدفت الناشطين وخاصة في محافظة البصرة.
وشدد السيستاني على أن “الحفاظ على السيادة الوطنية والوقوف بوجه التدخلات الخارجية وإبعاد مخاطر التجزئة والتقسيم مسؤولية الجميع ويتطلب موقفاً وطنياً موحداً تجاه عدة قضايا شائكة تمسّ المصالح العليا”.
من جانبها، قالت المبعوثة الأممية إنها تحدثت مع السيستاني “حول ثلاثة أمور ومنها إجراء الانتخابات في موعدها المقرر بقانون منصف وعادل لجميع الاطراف وبسط هيبة الدولة وكف السلاح المنفلت وفتح ملفات الفساد الكبيرة في البلد لمحاسبة الفاسدين”، مبينةً أن المرجع السيستاني يمثل “أهمية كبيرة للأمم المتحدة”.
نص بيان استقبال السيستاني لبلاسخارت:
بسم الله الرحمن الرحيم
استقبل سماحة السيد السيستاني (دام ظله) قبل ظهر اليوم السيدة جينين هينيس- بلاسخارت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، وأشار سماحته خلال اللقاء الى مواقفه في عدد من القضايا المهمة وهي:
أولاً: إن الانتخابات النيابية المقرر اجراؤها في العام القادم تحظى بأهمية بالغة، ويجب أن توفر لها الشروط الضرورية التي تضفي على نتائجها درجة عالية من المصداقية، ليتشجع المواطنون على المشاركة فيها بصورة واسعة. ولهذا الغرض لا بد من أن تجرى وفق قانون عادل ومنصف بعيداً عن المصالح الخاصة لبعض الكتل والأطراف السياسية ، كما لا بد من أن تراعى النزاهة والشفافية في مختلف مراحل اجرائها، ويتم الاشراف والرقابة عليها بصورة جادة بالتنسيق مع الدائرة المختصة بذلك في بعثة الأمم المتحدة.
إن الانتخابات المبكرة ليست هدفاً بحد ذاتها، وإنما هي المسار السلمي الصحيح للخروج من المأزق الراهن الذي يعاني منه البلد نتيجة لتراكم أزماته سياسياً واقتصادياً وأمنياً وصحياً وخدمياً وغير ذلك. فلا بد من أن تتاح الفرصة للمواطنين بأن يجددوا النظر في خياراتهم السياسية وينتخبوا بكل حرية وبعيداً عن أي ضغط من هنا أو هناك ممثليهم في مجلس النواب القادم، ليكون مؤهلاً للعمل باتجاه حلّ المشاكل والأزمات.
إن مزيداً من التأخير في اجراء الانتخابات أو اجراءها من دون توفير الشروط اللازمة لإنجاحها بحيث لا تكون نتائجها مقنعة لمعظم المواطنين سيؤدي الى تعميق مشاكل البلد والوصول ـ لا سمح الله ـ الى وضع يهدد وحدته ومستقبل أبنائه، وستندم عليه جميع الأطراف المعنية الممسكة بزمام السلطة في الوقت الحاضر.
ثانياً: إن الحكومة الراهنة مدعوة الى الاستمرار والمضي بحزم وقوة في الخطوات التي اتخذتها في سبيل تطبيق العدالة الاجتماعية، والسيطرة على المنافذ الحدودية، وتحسين أداء القوات الأمنية بحيث تتسم بدرجة عالية من الانضباط والمهنية، وفرض هيبة الدولة وسحب السلاح غير المرخص فيه، وعدم السماح بتقسيم مناطق من البلد الى مقاطعات تتحكم بها مجاميع معينة بقوة السلاح تحت عناوين مختلفة بعيداً عن تطبيق القوانين النافذة.
والحكومة مدعوة أيضاً الى اتخاذ خطوات جادة واستثنائية لمكافحة الفساد وفتح الملفات الكبرى بهذا الشأن حسب الإجراءات القانونية، بعيداً عن أي انتقائية، لينال كل فاسد جزاءه العادل وتسترجع منه حقوق الشعب مهما كان موقعه وأياً كان داعموه .
كما أنها مطالبة بالعمل بكل جدية للكشف عن كل من مارسوا اعمالاً إجرامية من قتل أو جرح أو غير ذلك بحق المتظاهرين أو القوات الأمنية أو المواطنين الأبرياء، أو قاموا بالاعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصة، منذ بدء الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح في العام الماضي، ولا سيما الجهات التي قامت بأعمال الخطف أو تقف وراء عمليات الاغتيال الأخيرة.
إن اجراء العدالة بحق كل الذين اقترفوا الجرائم المذكورة سيبقى مطلباً ملحاً لا بد من أن يتحقق في يوم من الأيام، وهو الأسلوب الناجع في المنع من تكرارها والردع عن العود الى أمثالها.
ثالثاً: إن الحفاظ على السيادة الوطنية ومنع خرقها وانتهاكها والوقوف بوجه التدخلات الخارجية في شؤون البلد وإبعاد مخاطر التجزئة والتقسيم عنه مسؤولية الجميع، وهو يتطلب موقفاً وطنياً موحداً تجاه عدة قضايا شائكة تمسّ المصالح العليا للعراقيين حاضراً ومستقبلاً، ولا يمكن التوصل اليه في ظل تضارب الأهواء والانسياق وراء المصالح الشخصية أو الحزبية أو المناطقية، فالمطلوب من مختلف الأطراف الارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية وعدم التفريط لأي ذريعة بسيادة البلد واستقراره واستقلال قراره السياسي.
24/ المحرم الحرام/ 1442هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله) ـ النجف الأشرف